"كورونا" سلافوي جيجك... إعادة اختراع الشيوعية

المدن - ثقافة

الأحد 2020/03/15
يواكب الفيلسوف السلوفيني أو "الروك ستار" اليساري، سلافوي جيجك كل ظاهرة في العالم ويكتب عنها بطريقته وتشعباته واسقاطاته النفسية والمعرفية.. في ظاهرة الكورونا نشر مجموعة من الآراء، ترجم بعضها الى العربية، يقدّم رؤيته للأبعاد الإيديولوجية لقضية انتشار فيروس كورونا في الصين و(بدرجة أقل) حول العالم. ويطلق عناوين مثل "الكورونا كفرصة للتحرّر والديمقراطية ومناهضة الاستهلاك"، و"كورونا ضربة للرأسمالية قد تعيد اختراع الشيوعية"، ويعدد مجموعة من الأسباب التي تجعله يقول "ألا يشير هذا كله بوضوح إلى الحاجة الملحة لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي بطريقة لا يبقى فيها تحت رحمة آليات السوق؟ نحن بالطبع لسنا بصدد الحديث عن شيوعية على الطراز القديم، وإنما عن شكل من أشكال التنظيم العالمي، يستطيع التحكم بالاقتصاد وإدارته، وبإمكانه كذلك تقييد سيادة الدول القومية في حال استلزم الأمر. كانت الدول قادرة على القيام بذلك على خلفية الحرب في الماضي. نحن اليوم، كلنا، نقترب فعلياً من حالة حرب طبية". ذهب إلى أنّ انتشار الوباء قد أطلق فيروسات إيديولوجية وبائية واسعة النطاق، كانت تعشش في مجتمعاتنا وإنْ في حال سبات: الأخبار الملفقة، نظريات المؤامرة العظامية والارتيابية...  وتحدث عن "بارانويا عنصرية" تعمل على تأجيج الهوس بفيروس كورونا المستجد COVID-19 في حين يموت الآلاف كل يوم بسبب أمراض معدية أشد سوءا. ويعتقد أولئك الذين يميلون إلى تصديق نظريات المؤامرة أن الفيروس سلاح بيولوجي يستهدف اقتصاد الصين. وقِلة من المراقبين يذكرون، ناهيك عن كونهم يواجهون، السبب الأساسي وراء تفشي الوباء.


في قراءة الكورونا يقدم جيجك اسقاطات سينمائية (انتقد الكاتب صبحي حديدي جانباً منها) وثقافية، انطلاقاً من أكثر من فيلم، وأكثر من نظرية... يقول جيجك "يذكرني الجمال الكئيب للطرق الفارغة في شنغهاي أو هونغ كونغ ببعض أفلام ما بعد نهاية العالم القديمة، مثل فيلم "على الشاطئ"، والتي تظهر مدينة اختفى معظم سكانها – ليس هناك أي تدمير مذهل، بل فقط أن العالم لم يعد في متناول اليد، لم يعد ينتظرنا، لم يعد من اختصاصنا، لم يعد يبحث عنا... حتى الأقنعة البيضاء التي يرتديها عدد قليل من المشاة فهي تؤمن إخفاءً للشخصية مرحباً به وتحرراً من الضغط الاجتماعي". ويذهب جيجك إلى تحليل الفراغ الذي حل بمدن كثيرة، فرغت شوارعها وتعطلت كليا عن الحركة، معتبرا في ذلك نوعا من الجمالية فـ"المدن التي تبدو الآن مثل مدن الأشباح، والمتاجر ذات الأبواب المفتوحة ولا يوجد بها عملاء، أو مشاة أو سيارة هنا وهناك، والأفراد ذوو الأقنعة البيضاء – ألا يقدمون صورة لعالم غير مستهلك يريح نفسه؟". يضيف "تعتبر أوقات الفراغ - لحظات الانحساب، ما كان الصوفيون القدماء يسمونه Gelassenheit (الصفاء)، التحرر" - حاسمة لإعادة إحياء تجربة حياتنا. وربما يمكن للمرء أن يأمل في أن تكون إحدى العواقب غير المقصودة للحجر الصحي بسبب فيروس كورونا في المدن الصينية هو أن يستغل بعض الأشخاص، على الأقل، وقتهم الضائع للتحرر من نشاط مكثف والتفكير بمعنى (لا معنى) أوضاعهم"...
  
 نقطة أساسية ذات مغزى حقيقي يذكرها جيجك وهي أن الطبيب الصيني لي وينليانغ، الذي كان أول من اكتشف وباء الفيروس التاجي الحالي ومورست ضده الرقابة من قبل السلطات الصينية، كان بطلاً أصيلاً من أبطال عصرنا، كان رد فعل الدولة الصينية على هذه الإدارة للوباء متوقعاً وكان أفضل من لخصه تعليق الصحافية المقيمة في هونغ كونغ، فيرنا يو: "لو كانت الصين تعلي من شأن حرية التعبير، لم يكن هناك أزمة فيروس كورونا". و"سوف تتكرر مثل هذه الأزمات طالما أن حرية التعبير والحقوق الأساسية للمواطنين الصينيين غير محترمة"...

على أن مقالة جيجك ومثل كل مقالاته، تشهد تعليقات ومطولات في الصحف والمواقع الالكترونية، فهو قادر اثارة الجدل في كل المواضيع.
 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024