بوكوفا في اليوم العالمي للشِّعر: يوقظنا من غفلتنا

المدن - ثقافة

الأحد 2017/03/19
لا نملك أجنحة لكي نحلّق،
بل نملك أقداما لكي نتسلق،
رويدا رويداً وخطوة تلوى اخرى،
قمم جبال زماننا المكفهرة.

عندما يبدو لنا التغلب على المصاعب التي نواجهها في زماننا هذا، ومنها تغير المناخ وانعدام المساواة وتفشي الفقر وانتشار التطرف العنيف، أمراً عسيراً وهدفا بعيد المنال، تبعث فينا كلمات الشاعر هنري وادزورث لونغفيلو المذكورة آنفا الأمل من جديد.

ويملك الشعر، بفضل جزالة ألفاظه وتعدد صوره وثراء معانيه وإحكام بحوره، قدرة لا نظير لها في سائر فنون الأدب. ألا وهي القدرة على ايقاظنا من غفلتنا وإخراجنا من قمقم حياتنا اليومية وتذكيرنا بآيات الجمال المحيطة بنا وبقدرة المعاني والقيم الإنسانية المشتركة على الصمود.

والشعر نافذة تطل على تنوع البشرية الذي يأسر القلوب ويخلب الألباب، وتضم قائمة اليونيسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية العشرات من أشكال التعبير الشفهي والشعر، ومنها المناظرات الشعرية القبرصية، وشعر "سا ترو" الغنائي الفيتنامي، والشعر الغنائي البدوي المسمة "التغرودة" المشترك بين عُمان والامارات العربية المتحدة. وقد باتت الحاجة الى الشعر، وإن كان فنا أدبيا قديماً قِدم اللغة ذاتها، أشدّ مما كانت عليه في أي وقت مضى في ظل الاضطربات الراهنة، إذ يبعث الشعر الأمل في النفوس ويتيح للناس تشاطر معنى الحياة في هذا العالم.

وقال الشاعر بابلو نيرودا ذات مرة: "إن نظم الشعر سبيل من سبل السلام" ويملك الشعر قدرة فريدة على مخاطبة الناس ودخول قلوبهم بلا استئذان في كل مكان وزمان على اختلاف ثقافتهم. ولذلك يعد الشعر معينا لا ينضب للحوار والتفاهم. وقد كان دائما سلاحا لمقارعة الظلم والذود عن الحرية. وتملك الفنون جميعها، ومنها الشعر، "قدرة عجيبة على التعبير عن المقاومة والتمرد والاحتجاج والأمل"، كما قالت سفيرة اليونسكو الجديدة للنوايا الحسنة من اجل الحرية الفنية والابداع الفني السيدة ضياه خان.

ولا يمكن اعتبار الشعر ترفاً.
فالشعر قوت القلوب الذي نحتاج اليه جميعاً، رجالاً ونساء، نحن الذين نحيا معا الآن وننهل من معين تراث الاجيال السابقة ما يعيننا على مواصلة حياتنا، ونحن المؤتمنين على هذا العالم  الذي سيعيش فيه أولادنا وأحفادنا.

وإننا لنحتفي، اذ نحتفل بالشعر في هذا اليوم، بقدرتنا على الالتئام متحلين بروح التضامن، وقدرتنا على تسلق "قمم جبال زماننا المكفهرة".. وإننا لنحتاج الى ذلك من اجل المضي قدما في تنفيذ خطة التنمية المستدامة للعام 2030، وتنفيذ اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، كي لا يتخلف أي انسان، سواء أكان رجلاً أم امرأة، عن ركب التقدم والتنمية المستدامة..


إيرينا بوكوفا
21 آذار/مارس 2017
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024