القراءة والاخلاق من "الهيلا هو" إلى الرواية والفلسفة

فوزي ذبيان

الأحد 2021/10/17
أثناء حراك 17 تشرين، هذا الحدث الذي تكالب عليه حربجية هذا البلد ومجمل سياسييه، أقول أثناء ذلك الحراك وفي عز "الهيلا هوْ" كنت أقرأ رواية البيلاروسية سفيتلانا ألكسييفيتش "زمن مستعمل/ نهاية الإنسان الأحمر" وشعرت بالكثير من الفرح لدى قراءتي في أحد مقاطع الرواية العبارة التالية: شتائم الأم كانت بمثابة مفتاح نضالي...". طبعاً، لم أكن بحاجة لتعضيد صوابية شعار "الهيلا هُوْ" من خلال عمل روائي ما، ومع هذا لقيت نفسي في مدى انفعالي شيّق وممتع وقد أيّد تاريخ النضال ضد الفساد هتافنا بهتاف مشابه في جهة أخرى من العالم وذلك بصرف النظر عن المآلات التالية للحدث الذي كانت تتناوله الكسييفيتش في روايتها أو لحدث 17 تشرين.

لا أحبذ أن يكون النص الأدبي ميمنة أو بوصلة أخلاقية لكني لا أنفي أني أقدّر جمّ التقدير ذلك العمل الذي يحفّز في وعي المتلقي فضاءً انفعالياً لم يكن في الحسبان. الأخلاق في هذا الصدد هي: ماذا فعل بنا النص، ولا أتكلم هنا تحديداً عن الرواية إنما عن كل اصطفاف لكلمات أُريد لها أن تكون عملاً إبداعياً.

لا أخفي أن ثمة بعداً شخصياً يرسم علاقتي مع النصوص فضلاً عن عدم إيماني بالأصل بالتلقي الخام، إذ من أين لنا أن نتخلّص من تاريخنا وتربيتنا ومآزقنا النفسية والمعنوية وكل ما مررنا به سابقاً لدى انكبابنا على عمل ما!
التلقي النيء هو أمر مستحيل.
عندما كنت دركياً كنت متشبثاً بفكرة مفادها: العالم الواقعي هو عالم الأدب وكل ما خلا ذلك هو عالم وهمي لن يلبث أن يزول. توصلت إلى تسوية أنانية بيني وبين نفسي تقول إن الواقع إنما هو اختيار شخصي. سنة 1928 وفي محاضرة لها في جامعة كامبريدج عرّفتْ فرجينيا وولف الواقع بالقول "أنه شيء غريب الأطوار، شيء لا يمكن الإعتماد عليه مطلقاً... قد تراه في درب مترب أو في قصاصة جريدة متروكة على جنب الطريق..." أنا لقيته في قراءة الرواية حيث كان فعل القراءة هو العمل الأخلاقي الأبرز في الحياة، فالحياة كانت تجري لأني كنت أقلب الصفحات على حدّ قول آلبرتو مانغويل. لم يكن يعنيني، وهو حالي الآن، أن أستخرج موقفاً أخلاقياً من النص كل ما كان يعنيني هو أن أكون بصحبة الكتب وبشكل رئيسي بصحبة الروايات.

يخبرنا التاريخ عن رجل يدعى أبا القاسم إسماعيل وكان كبير وزراء بلاد فارس في القرن العاشر وكان خلال رحلاته يصطحب معه كتبه عبر أربعمئة بعير. الموقف الأخلاقي الأبرز طيلة تسع عشرة سنة من حياتي الدركية كان أن أنقل أكبر كمية ممكنة من الكتب لدى فصلي من مركز أمني إلى آخر حللت فيه.

علّمني الأدب أن العالم متغير مثل إقاماتي المؤقتة هنا أو هناك وأن الركون إلى هوية أخلاقية واحدة هو بمثابة ضرب من الغباء وأحياناً يكون بمثابة ضربٍ من الفجور في العلاقة مع الآخرين.
إن الهوية، وهو أهم درس زودتني به الرواية، ليست نقطة ارتكاز إنما هي محطة عبور. فقد تجد لدى الآخر المغاير عنك في الثقافة والتاريخ والجغرافيا ما يعزز في شخصك بعض الأمور التي ضلّتْ خريطة حياتك الشخصية عن إرشادك إليها بيوم، ويحضرني في هذا السياق وبالعودة إلى حياتي الدركية رواية "الجندي الطيب شفيك وما جرى له في الحرب العالمية" للتشيكي ياروسلاف هاشيك (1923). لقد أمدتني هذه الرواية، لدى وقوعي عليها، بسبل لم أكن أتوقعها في شخصي عندما كنت دركياً فإذا بي كمن خضع لجلسة علاج نفسي خرج بعدها بمخزون يستطيع عبره تحدّي العالم ولا مبالغة في هذا الحكي أقله آنذاك.

لقد أقنعني هاشيك عبر شخصية شفيك أن حياتنا في هذا العالم تفتقد على الدوام إلى نقطة ارتكاز صلبة وما علينا من ثم سوى مجاراة هذه الحقيقة وإلا تحولنا إلى كتلٍ من جُبنٍ وانحلال. لست أدري إذا ما كان هذا الأمر بمثابة درس في الأخلاق لكني متشبث أن البُعد البراغماتي للدلالة يفوق في الأهمية بُعدها التداولي ولا أرى بأساً في هذا السياق من التطرّق إلى أدب غسان كنفاني لتوضيح الفكرة.


بالنسبة إلي أن الدلالة المتداوَلة من مجمل أدب الكاتب الفلسطيني الراحل أودتْ إلى ضروب من الملل حيال القضية الفلسطينية بل إلى نوع من البتر الوجداني إذا صح التعبير مع هذه القضية الإنسانية. طبعاً هو أراد من نصه العكس، أراده أن يكون دفعة نضالية في طريق تحرير فلسطين إنما الملل هو ما يرسم المشهد برمته بل تراني أقرب إلى موضعة أدب كنفاني في باب أدب الملل. يتكلم رولان بارت عما يسميه أدب التخمة أي ذلك الأدب الطافح بمضامين إنسانية وبمواقف بطولية عطفا على ارتباط هذا الأدب بقضية كبرى، فإذا بالمتلقي وقد أُشبع أخلاقياً، يجد نفسه دون القدرة على تلبية شروط هذه الأخلاق فإذا به مغبة تأنيب للضمير غالباً ما يُعوّض بالمجاهرة بروعة هذا الأدب والإعلاء من شأنه. ويقابل بارت أدب التخمة بما يسمّيه الأدب الممزق أي ذلك الأدب الذي يقارب المضامين نفسها إنما من زاوية نظر مختلفة وغالباً ما تكون أقرب إلى الإنسان في معيشه اليومي، وفي بالي "تارانتينو في عين الحلوة" حيث الفلسطيني البائس الموجوع المتألم الذي يخاف على محتويات ثلاجته بسبب الإنقطاع الدائم للمولد الكهربائي. أخلاق البطل في الرواية هي أخلاق كاذبة، لا بطل إلا المتشرّد الذي لا يبغي من العالم سوى الحد الأدنى من الحياة والأمان وفي حالة فلسطينيي تارانتينو الرغبة بالهجرة إلى كندا.


المفارقة أن ثمة نصوصا قد تشي بهذا النمط من الأدب البلا رتوش فتعجب بها إنما لا يلبث هذا الإعجاب أن يتبدد لسبب أو لآخر كأن تجد بوست على الفايس بوك لأحد أصحاب هذه النصوص يستنشق قطعة من عباءة حسن نصرالله أو ما شاكل فإذا بنصه يتهاوى ويتحول إلى ترهات بسبب هذا الإنغماس المادي في التفاهة. نعم، أنا لست من الموضوعية بمكان لأن أفصل شخصية الكاتب عن نصّه. نيتشه سأل في واحد من نصوصه: مَنْ القائل؟! ومع هذا هناك من أحجم عن قراءة نصوص نيتشه بعد أن علِم أن هتلر قام بتاريخ 2 نوفمبر 1933 بزيارة تكريمية لأرشيف هذه الفيلسوف في فايمار. هل لنيتشه علاقة بالأمر؟ لست أدري، لكني أستوعب إحجام القراء عن نصه ولا سيما من عانوا ويلات النازية.

(نيتشه)
من الوجاهة أن يكون النص متعدد الدلالات إنما لا عيب في تمفصل الدلالة في أفق من المعنى واحد عطفاً على شخصية الكاتب. فعلى الرغم من مقولة أمبرتو إيكو التي يشبّه فيها النص بنهر هيراقليطس بحيث لا يمكن أن يقدم الدلالة عينها مرتين فأنا أرى أن أرشيف المتلقي لا يمكنه أيضاً أن يفصل النص عن كاتبه. ففي الكثير من الحالات قد يذوب الزخم الدلالي للنص في مواقف كاتبه الأخلاقية واختياراته السياسية في الحياة وليس في الأمر أي إحراج منهجي.

يشبّه القاباليون التوراة بحبة الجوز ولا بد بالتالي من كسر القشرة الخارجية للجوزة بغية الوقوف على المعنى الباطني أو الأخير للنص/ للجوزة ولكن هذا لا يعني أن القشرة الخارجية ليست جزءاً من الباطن المستور. هذا موقف أخلاقي رائع وهذه الروعة ليست مستخرجة من متون النص إنما من فكرة النص بعامة كما يعلمنا القاباليون. 
ولكن ما هو النص؟!
يجمع مؤرخو الأفكار على أن ثمة تنويعات هائلة لمفهوم النص آخذين بعين الإعتبار التاريخ والجغرافيا والجنوح البشري في كل اتجاه. إن مفهوم النص في بغداد الرشيد هو غيره في بغداد صدام على سبيل المثال، كذلك الأمر في الغرب إذ هل ثمة من يجرؤ على القول إن مفهوم النص في القرون الوسطى هو ذاك الذي ساد إبان عصر التنوير!! لذا ترى أن البحث قد انتقل من دراسة تاريخ إنتاج النص إلى دراسة تاريخ تلقّيه فإذا بنا إزاء مبحث في الأنثروبولوجيا وليس في تاريخ الأفكار. فأن يكون أفلاطون في بعض نواحي الحضارة الرومانية معلّم القُبل كما يقول أحد الباحثين، وتحت رعايته تصير القبلة ممارسة للحياة المفرطة في النعومة ونمطاً للأناقة على الطراز اليوناني ( فلورانس دوبون) فهذا يخالف بالمطلق تلك التصورات التي نعرفها عن الحب الأفلاطوني... لكل عصر حاجته من التأويل.

فالهرمينوطيقا في بعض مراميها هي استجابة وافية للمخيال الاجتماعي كي لا أستخدم عبارة أخرى شديدة الوطأة والتحايل (اللاوعي الجمعي). إن الحياة اليومية للناس تعجّ بالتناقضات والإرباكات والصعود والهبوط بالتالي أن يكون النص أحد وسائل الاستقرار لا بد من إخضاعه لتأويلات تساهم في التخفيف من أحاجي الحياة وغموضها. فالأخلاق المستنبطة من هذا النص أو ذاك هي أقرب إلى تكتيكات وقتية في فن البقاء وصولاً إلى فنون المتعة واللهو.

أبى أحد متصوفة المسيحية (آنخيل سولوس) في غابر الأيام أن يغادر العالم من دون أن يودع البشر بهذا القول الرائع: المصادفة هي الله عندما يسافر متنكراً. ما ينطبق على المصادفة في هذا المقام ينطبق على الدلالة المستقاة من النص. فالدلالة بجوهرها إنما هي واقعة انثروبولوجية تهدف بالعمق إلى تأمين شروط المعنى وربما المتعة وليس تأمين الشرط الأخلاقي المحض بلا شرط المعرفة. فعلى الرغم من الإستعانة بالفلاسفة من أجل احتمال بلايا القرد المنتصب على حد قول كارلوس زافون، نرى أنه حتى كنط في أواخر أيامه قال بنبرة هي أقرب إلى الشعر: لقد قُدّ الانسان من معدن معوَج ولا سبيل إلى إصلاحه.

مرة قلت لموسى وهبة في حانة مزيان بشارع الحمرا أني أفضّل مقاربة المدونة الكنطية في الأخلاق من باب الرواية البوليسية. وافقني موسى على مضض وكان قد أدرك في تلك المرحلة من حياته أنه ربما هو الكنطي الوحيد في العالم بل ربما أكثر كنطية من كنط!

إن تجريد المبحث الكنطي في الأخلاق من ميول الإنسان الجوانية قتل الأخلاق وأودى بها إلى أن تكون جثة والمفارقة في الموضوع أن المجرم الذي اقترف هذه الجريمة (كنط) هو عينه، ودون أن يعي بالأمر، من يقوم بالتحقيق ومن يقوم بتشريح الجثة. في العام 1814 نشر عالم نبات ألماني يدعى آلبرت فون كاميسو قصة عن شاب فقير اضطر إلى بيع ظله مقابل محفظة سحرية لا تني تمده بالمال. من النافل القول إن المقصود بالظل في هذه الحكاية النزعات عميقة الغور واللاعقلانية التي تكتنف طبائع البشر. لكن الأيام بيّنتْ للشاب أنه اقترف بحق نفسه خطأ جسيما لا يغتفر إذ اكتشف أن فقدانه لظله أودى به إلى ضروب من الوحدة والضياع. فبدون الإقرار بالجانب المظلم من الأنا لن يكون الإنسان انساناً وهو ما اكتشفه بيتر (بطل القصة) بعد فوات الأوان.

(كنط)
غالباً ما لا يستجيب النص لافتراضات أو لتوقعات القارىء تماماً كحال بيتر مع بيع ظله، وكلما كان عدم الإستجابة عميقاً كلما كان النص مستفزاً. بيد أن هذا الإستفزاز هو بالجوهر بمثابة التحفيز لمساءلة النص عن آخر ممكناته والترجمة الفعلية لهذه المساءلة تكون بأن يشرع القارىء بطرح الأسئلة على نفسه... وهو ما يطلق عليه جماعة علم النص مفاوضة المعنى. إن مفاوضة القارىء للمعنى عبر تقليبه الصفحات يستبطن انتفاء العلاقة التالية: نص/ متلقّ، لنكون إزاء نمط مختلف من التماس ترتفع بموجبه الكلفة بين الطرفين وهو ما كان يسمى في إيطاليا القرن السادس عشر "سبريزاتورا" والتي تعني طلاقة اللسان اللامبالية، العفوية، التحرر، عدم الإكتراث وبشكل خاص اللاتصنّع. وقد أراد الإيطالي كاستيليوني عبر هذا المصطلح التدليل على نمط آخر من التواصل يؤدي إلى السكينة وصولاً إلى الشعور بالغبطة وقد تجاوزت اللغة كونها محض آداة تواصل لتصير بمثابة الآلة المشتركة لإنتاج الأفكار والإسترخاء في جو خال من العنف والفرض... وعذراً لهذا الإستطراد الذي لم أستطع تجنبه.
فأن ينتهي النص لأن يكون صديقاً لنا، ثمة في الأمر مشاركة جذرية في عملية الإنزياح الدلالي وبالتالي في عملية إنتاج المعنى. لا خوف عندئذ من إسقاط قناعاتنا الشخصية على النص وأيضاً لا ارتياب في النص بسبب زحزحته رسوخ قناعاتنا ويقينياتنا وتخميناتنا عن الآخر وعن ذاتنا. فالأخلاق في هذا المحل لا تستنبط من النص إنما تكمن في علاقتنا الشخصية به والباقي تحصيل حاصل. سوء خلق سيمونيني المزوّر في رواية "مقبرة براغ" لأمبرتو إيكو لم يحل دون إعجابي الشديد به، وشرّانية ستافروغين في رواية "الممسوسون" لدوستويفسكي هي بالنسبة إلي نمط من العبقرية قل نظيره، وإجرام مايكل كورليوني في فيلم العرّاب قد يشكل دافعاً للكلام عن جمالية الجريمة... وإلى آخر هذا الموّال من المغاير والمختلف حيث الهوية مجرد احتمال من ضمن احتمالات غالباً ما لا تكون متوقعة.

من جهة أخرى، إن الوقار الذي يجلبب بعض النصوص ولا سيما تلك الدينية، ينطوي على حسِّ مبالغ فيه من الهوية. فإذا بمقاربة هذه النصوص لا تتعدى الفعل الطقسي الذي يصار عبره إلى تمتين الهويات الراكدة حيث الأخلاق سوف تُنسج كمعطيات قبلية تعيق عملية مصادقة النص وصولاً إلى مصادقة الله ومآنسته. فالمقدس في هذا السياق هو آداة تعطيل لإنفتاح النص بما يتجاوز توقعات ناسه، والضرورة الأخلاقية في هذا المحل مثلاً لا تكمن في النص بذاته إنما في كسر الرتابة التي تعيق مصادقته ثم إضفاء الحيوية عليه.

كثيرة هي النصوص التي تشبه سبات الدببة في فصل الشتاء والقارئ الأخلاقي هو بمثابة الموسم الذي يوقظ تلك النصوص من سباتها التاريخي. ليس من الأهمية بمكان نتائج ذلك الإيقاظ، فروعة الرحلة تكمن في طريقة الإيقاظ. كان آسكليبوس الإغريقي يعالج المرضى عبر التسلل إلى أحلامهم وتقديم العلاج لهم.

ليس من موجبات النص الأدبي أو الديني أو الشعري أو غيره أن يكون مدونة في الأخلاق بصرف النظر عن التعريف الذي قد تنطوي عليه كلمة "أخلاق". 
هل النص الذي يموضع القارىء في أفق السائد هو نص أخلاقي؟ 
ثمة من رأى في "أورويل في الضاحية الجنوبية" نصاً شاذاً عديم الأخلاق وصولاً إلى معاتبة دار الآداب لنشره ثم القول أني غير حضاري وبربري. لا أخفي أني فرحت بهذا الكلام وأنبأني بتقريظ كثير على عكس نية قائله، فأنا أحب البربر كثيراً ثم أني أمقت الحضارة الحديثة حيث النظرة السريعة حلّت محل التحديق المتأني وحبة الكزاناكس حلّتْ محل القيلولة الهانئة. 
لست أدري إذا ما كنت قد وفّيت السؤال الجواب لكني ممتن لأني انشغلت عن محايثة السفلة من السياسيين والحربجية من جماعة المليشيات ليومياتنا بتأملات حول النص والأخلاق.
(*) مقال كُتب جواباً على سؤال: هل تجعلك قراءة الأدب أكثر أخلاقيّة؟ وهو الحلقة الثالثة بعد الأولى "الأدب والأخلاق.. من أبي نواس إلى مدام بوفاري" والثانية "السؤال المفتوح عن الأخلاق والرواية"
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024