"عاريات" يوسف عبدلكي في دمشق

المدن - ثقافة

الثلاثاء 2016/12/20
افتتح في غاليري كامل في دمشق، معرضاً لأعمال الفنان التشكيلي يوسف عبدلكي، وضم المعرض مجموعة من الأعمال الحديثة بالأسود والأبيض تراوحت بين موضوع الموديل العاري والطبيعة الصامتة.

وطرح توقيت المعرض ومضمونه والترويج له، العديد من الأسئلة. فالفنان الذي يُحسب على المعارضة (أو المعارضات) منذ ما قبل اندلاع الحرب في سوريا، وكان في رسومه ضد الديكتاتورية و"البعث"، سواء في الرسوم الكاريكاتورية أو اللوحات التشكيلية، وسبق أن نُفي واعتُقل، يفتتح معرضاً للموديل العاري والطبيعة الصامتة في خضم معركة حلب والمجازر بحق مدنييها. ما فتح الباب على الكثير من الأسئلة، فكتب الناقد راشد عيسى: "كنت شاهداً كيف أن الفنان يوسف عبدلكي أول عودته إلى دمشق، بعد رحلته القاسية في المنفى، كان يرفض مجرد تصريح أو مقابلة صحافية للصحف الرسمية الحكومية السورية، فكيف حدث أنه لا يجد اليوم أي حرج في التعاطي مع صحف الممانعة، وأشدها انحيازاً للنظام؟ كيف حدث، والجريمة صارت جرائم، والضحايا صاروا بالملايين؟ لا أتهم، ولا أخوّن لا سمح الله، فقط أبحث عن جواب".

ورحب بعض صحف النظام الأسدي بالأجواء التي رافقت المعرض، زحمة وأنخاب حول اللوحات. بعض اليساريين "الممانعين" أعطوا شهادة حسن سلوك الى عبدلكي، فكتب أحدهم: "قيامة سوريا رهنٌ بلا شك بسوريين مثل يوسف، وخصوصاً بمعارضين مثله، لا تنفصل لديهم مسألة الظفر بالحريات ودحر الديكتاتورية عن المسألة الوطنية ولا عن المسألة الاجتماعية". وكتب متملق للنظام: "يوسف عبدلكي يعيد الألق إلى فن العاري في زمن فقهاء الظلام". وقال ثالث: "يوسف عبدلكي في دمشق، يعرّي الأنثى/البلاد من كلِّ ما ألبسوها إياه".

بعض التعليقات لا نفهم في أي اتجاه ذهب. فقال شاعر "معارض" سابقاً، وغاضب الآن على ما جرى في سوريا: "ذلك الإصرار على الأمل.. أية أمثولة رائعة تقدمها لنا يا يوسف". ودوّن آخر: "تمثل لوحات عبدلكي نموذجاً سورياً جديداً في مواجهة الطغيان الاعمى الذي قضم نصف البلاد، ناشراً السواد في المجتمع السوري الذي يمتاز بانفتاحه"...

من دون شك تناسى الكثيرون البُعد الجمالي لأعمال عبدلكي، وكان ذهنهم مشغولاً بما يجري في سوريا، سواء كانوا مع النظام أم من المؤيدين لإسقاطه... وحمل المعرض تأويلات في أكثر من اتجاه، وطُرحت أسئلة عديدة مثل: هل يتحدى عبدلكي الحرب من خلال العاريات؟ وهل العاريات هروب من الواقع السائد في سوريا بين براميل النظام ولِحى بعض المعارضة؟ وهل أصبح النظام الأسدي راضياً عن الفنان المعارض؟

من حق الفنان أن يعرض ما يشاء، لكن مَن هو مثل يوسف عبدلكي ليس فناناً فحسب، هو اسم عرف بانغماسه في السياسة والاحتجاج. ولهذا، كل معرض يقدمه سيخلق "سجالاً"، خصوصاً أنه افتتح في خضم كوارث حلب...

(*) من الجدير ذكره أن المعرض مستمر لغاية 2017/1/15 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024