"نوبل" خالد خليفة والخدعة الصحافية

المدن - ثقافة

السبت 2019/11/30
كتبت الصحافية في جريدة "الدستور" إيمان عادل خبراً يقول: "أعلنت جائزة "ناشيونال بووك أوورد"، الأربعاء الماضي قائمتها الطويلة لعام 2019، وكان اللافت هذه المرة ظهور اسم الكاتب السوري خالد خليفة بروايته "الموت عمل شاق"، وهو بهذا الترشح يعد أول كاتب عربي يدخل قائمة أبرز جائزة أدبية في أميركا، واختارت الصحافية عنواناً مخادعاً للمقال يقول "أول كاتب عربي يترشح لـ"نوبل الأميركية".. خالد خليفة: النجاة من الحرب وهم"...

المفارقة ان الكثير من أصدقاء خليفة لم يقرأوا الخبر، واقتصر انتباههم على العنوان وبدأوا ارسال رسائل التبجيل والمديح للروائي السوري باعتباره صار من نجوم نوبل المحتملين. وعلى الرغم من توضيح الروائي بأنه "غير مرشح لجائزة نوبل بعد. لكن المنشور في جريدة الدستور هو عن جائزة National Book Award. شكرا لجميع الأصدقاء على هذا الحب".

استمر المهنئون في الكتابة الى خليفة في صفحات "فايسبوك"، وعلق عليه الزميل راشد عيسى قائلاً: مع كل التقدير والاحترام لتجربة الروائي السوري خالد خليفة، لاحظوا المباركات والتشييرات، ومن العاملين في حقلي الثقافة والإعلام خصوصاً، لخبر عن خليفة يقول إنه "أول كاتب عربي يترشح لجائزة نوبل"، وعلى صفحته هو، لتشوفوا مدى الهزل في تعاطي الناس مع الخبر، مع أصول الصحافة، مع كل شيء في النهاية". 

أما الناشر والكاتب فايز علام ففند اضاليل الخبر المنشور عن خليفة، ونشره في فايسبوكه بعنوان حقائق عن مقال (أول كاتب عربي يترشح لـ"نوبل".. خالد خليفة: النجاة من الحرب وهم)
1- الحوار منشور في سبتمبر، أي قبل شهرين، وفي حينه كانت الرواية "الموت عمل شاق" قد وصلت إلى القائمة الطويلة.
ووصف الأمر وقتذاك (وهو بهذا الترشح يعد أول كاتب عربي يدخل قائمة أبرز جائزة أدبية في أميركا)
وهنا لدينا حقيقتان:
الأولى، أنه في العام 2018 وصلت العراقية، دنيا ميخائيل، إلى القائمة الطويلة للجائزة نفسها. (هذا يعني أن خالد خليفة لم يكن الكاتب العربي الأول الذي يدخل القائمة).
الثانية، أن فرع الجائزة الخاص بالأعمال المترجمة بشكله الحالي وشروطه الحالية بدأ في العام 2018، وقول (كأول كاتب عربي يترشح للجائزة على مدار تاريخها) في السنة الثانية من أي جائزة ما هو إلا تهويل ومبالغة لا مبرر لها.
.
2- الترشح لأي جائزة في العالم (حتى لنوبل نفسها) مرتبط بأمر جوهري وأساسي: أن تكون أعمال الكاتب مترجمة للغة الجائزة (أو للغات التي يقرأ بها المحكمون في حالة جائزة نوبل). وبما أن ما يترجم من اللغة العربية ليس بالضرورة هو الأفضل لأن ذلك -وكما يعرف أي عامل في الوسط الثقافي العربي- خاضع لاعتبارات عديدة (كالعلاقات والشللية والجوائز العربية ومحسوبياتها و... إلى آخره من اعتبارات لا علاقة لها بجودة النص نفسه)، فإن وصول رواية عربية إلى أي جائزة في العالم (حتى نوبل نفسها) ليس دليلاً على شيء ما دام هناك أعمال كثيرة ربما تكون أفضل بآلاف المرات من الروايات المترجمة لا تستطيع حتى أن تصل إلى يد محكم في هذه الجائزة أو تلك. (هذا هو الواقع! شاء من شاء وأبى من أبى).
.
3- من وضع العنوان للمقال، شخص إما تافه ويهرف بما لا يعرف أو شخص أراد أن يعمل (همروجة) ليدخل الناس على المقال ويحقق قراءات (وقد نجح في ذلك) حتى لو كان ذلك على حساب المهنية.

وبعد الضجة والنقد كتبت الصحافية إيمان عادل في الفايسبوك "توضيح: بخصوص الشير لحوار خالد خليفة وترشحه لنيل جائزة نوبل الأميركية، أولا العنوان فيه خطأ طبعا بعدما جرى حذف كلمة "الأميركية"، لأن الفارق شاسع بين الجائزتين ولا نتحدث هنا عن القيمة، ثانيا تعبير جائزة نوبل الأميركية هو التعبير الذي اختاره خالد خليفة لوصف جائزة ناشيونال بووك أوورد، وثالثا مذكور في أول سطر من الحوار أنه جاء بمناسبة ترشحه للقائمة الطويلة لجائزة ناشيونال بووك أوورد، لكن يبدو أن عادة البعض ممن يأخذون جرعتهم الكاملة من المعلومات من العنوان فقط دون قراءة المتن هي وراء هذه البلبلة؛ مع الاعتراف طبعا أن العنوان يكفي لإحداث بلبلة".
ملحوظة تعاطوا وجبة عدس فهي تسعد البطون و تحفز على قراءة المتون .
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024