زنوبيا ظاهر..حينما يموت الشعر سنموت جميعاً

المدن - ثقافة

الثلاثاء 2019/01/08
اخترتُ الشعر لأنّه اختارني عند أوّل لقاءٍ لي مع الحزن. كنتُ أبحثُ آنذاك عن الله
فوجدتُ الشعر.

لمن أكتب؟ للمسافات الشاسعة.. في امتلائها وفراغها. أكتبُ للمتاهة. يغويني أن أهندسَ الشعر غير أنّي لم أفلح. فوضاي في تفاقم. أكتبُ كلّما امتلأت بنفسها.

لم أسلك طريقًا. مشيت في الحقل. قبّلتُ الشعر لأوّل مرّة في فيء سنبلة. العلاقة استمرّت لأنّه لعوب مثل الآلهة، ولأنّني لطالما حلمتُ بشيء أكثر من.. هذا.. قرأتُ بعد هذا اللقاء، لا قبله. أحبّت يديّ طعم النسيم، فقفزت من الجرف لعلّها، تطير.

إلى جانب الفلسفة، بقاماتها وشعرائها، سليم بركات، أدونيس، محمد علي شمس الدين، حسن العبدالله، محمود درويش، وديع سعادة.. قامات لم أفكر في تسلّقها.. أحبّ مثل الأطفال دائمًا، أحبّ آبائي.

أحبّ سطوة الشعراء. لن أفكّر بالتخلّص منها. لا شأن لي بالشاعرة الّتي قد أصيرها. إن صرتها سيحبّ سطوتي أطفالي، ولن أحبّها. كلّ ما أريدهُ هو أن أعدو في غابات الأفكار. مشروعي هو الهرب الدائم الوحشيّ إلى الأشياء، ومنها.

حينما يموت الشعر، سنموت جميعا، سيموت الله، ستموت الفراشات، سيموت الماء. حتّى ذلك الحين، الشعر قادرٌ ومتفاقم.

كانت مخاطرة. خطوة مرعبة بما يكفي لأعرف أنّها مرّت على خير.. كثيرون احتضنوني، في مرحلتنا هذه، تكون المحبّة أوّل ما يتلقّفنا، أمّا عن قيمة ما أنتجناه، فيحدّدهُ شكل خطوتنا التالية.


قصيدة

فوتوغرافيا
(١)
فقط
حينما قرّرتُ أن أتمرّد على الغابة
وأبدأ بدفنِ موتايَ
وحين رحتُ أوزّعُ عليهم عتماتٍ ليأكلوها في أعمارهم الآتية
راحَ هذا الهذيان يفقِدُ منطِقه.
(٢)
وجوهٌ خائفةٌ 
تعدو 
في أحداقي 
منذ أزل.
(٣)
الوجوه البيضاء
الطاعنة في الكذب
ثمّ في البلاهة
تعبّد سقوطِكَ..
ولأنّك تعلمُ
أنّ أناكَ ترى الفراغ حيثما تنعدم ملامحك
تبتسمُ في سرّكَ
ولا تسقُط
لقصيدتك موهبة الحكم على امتلاءِ الأشياء.
 

(*) مساهمة زنوبيا ظاهر في ملف "الشعراء الجدد... لماذا أتيتم إلى الشعر؟"
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024