ذاكرة: "ليلى" أول مجلة نسائية.. في عِراق العشرينات

المدن - ثقافة

الأربعاء 2020/02/12
كانت "ليلى" أول مجلة نسائية تُنشر في العراق، جاء في ترويستها أنها: "مجلة نسائية شهرية تبحث في كل مفيد وجديد مما يتعلق بالعلم والفن والأدب والاجتماع وتدبير المنزل". أصدرتها الصحافية بولينا حسون في 15 تشرين الأول/أكتوبر سنة 1923، وسبب تسمية المجلة يرجع، كما تقول بولينا، إلى أنها سمعت الشاعر جميل صدقي الزهاوي يلقي قصيدة في منتدى التهذيب ببغداد مطلعها:
إني بليلى مغرم وهي موطني
وعلي أقضي في غرامي بها نحبي
فهبطت الكلمتان (ليلى) و(موطني) على قلبي هبوط الوحي، فاندفعت إلى تحلية المجلة باسم "ليلى"، وقد كنت قبلها أريد أن اسمي المجلة "فتاة العراق".
 
نُشرت المجلة تحت شعار "على طريق نهضة المرأة العراقية"، وأوردت اخباراً عن الثقافة، والتعليم، وشؤون الأسرة، كما قادت حملة من أجل تحرير المرأة. واشتملت افتتاحياتها على مقالات مثل "بوتقة الحق" و"أخبار الضرائب" و"ركن ربات البيوت" و"الأخبار الغريبة"، و"حلقات من اوتار سحرية" وسواها. ومن أهم المقالات التي نشرتها المجلة افتتاحية العدد 6، الصادر في 15أيار 1924، والموجهة إلى الجمعية التأسيسية في العراق، تطالبها بمنح المرأة حقوقها.

كما انصرفت لمتابعة نشاطات ونتاجات الشعراء والكتاب والباحثين العراقيين والعرب البارزين آنذاك أمثال معروف الرصافي، وجميل صدقي الزهاوي، والشيخ كاظم الدجيلي وانور شاؤول ويوسف غنيمة وحليم دموس والشيخ ابراهيم الحوراني ، وفيلكس فارس ، وسلمى صائغ . ومما تجدر الإشارة إليه أن الرصافي نشر في المجلة ولأول مرة قصيدته الشهيرة ومطلعها:
هي الأخلاق تنبت كالنبات
إذا سقيت بماء المكرمات
ونشرت المجلة قصيدة الياس أبو شبكة "رنات الأوتار السحرية" جاء في مطلعها:
الفتيها من التحسر لا تعي
تذري الدموع وحيدة في المخدع
فكأنها والدمع يخطف صوتها
رمز التعاسة في الزمان الموجع
 
وقد صدر من "ليلى" 20 عدداً فقط. تضمنت في عددها الأخير، في 15 آب/ اغسطس 1925، مقالة حزينة شرحت للقراء الوضع المالي الصعب للمجلة. وبعد ذلك بوقت قصير، غادرت بولينا حسون العراق وتوقفت مجلتها عن الصدور.

وبولينا بحسب الكاتب ابراهيم خليل العلاف، تعد من قبل مؤرخي الصحافة العراقية، من رائدات الصحافة النسائية في العراق، عملت في الصحافة في ظروف بالغة الصعوبة، فلقد احتد الصراع بين دعاة السفور ودعاة الحجاب، وكان المحافظون هم الغالبية في المجتمع، والمجددون الأقلية. وكان خالها هو الشيخ ابراهيم الحوراني، وابن عمها سليم حسون صاحب جريدة العالم العربي، وهو صحفي عراقي بارز من الموصل، وعلى هذا الأساس فان بولينا حسون موصلية عراقية من جهة الأب، وشامية من جهة الأم. وثمة مصادر تقول أن بولينا حسون ولدت في 1865 وتوفيت في 1969...

ولم يشهد العراق صدور مجلة نسائية جديدة، إلا بعد أكثر من عشر سنين على إقفال "ليلى"، حين صدرت مجلة "المرأة الحديثة" لرئيس تحريرها فاضل قاسم راجي وكانت سكينة إبراهيم المحررة الرئيسة فيها. 

الجدير ذكره ان المكتبة الرقمية العالمية وضعت مجلة "ليلى" ضمن موادها، والمكتبة تسعى إلى التعريف بتراث مختلف الحضارات الإنسانية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024