نوبل للآداب... هل تتجاوز الفضيحة الجنسية؟

المدن - ثقافة

الثلاثاء 2019/10/08
يوم الخميس المقبل، لن تعلن الأكاديميّة السويديّة فائزًا واحدًا بـ"جائزة نوبل للآداب"، بل فائزَين اثنين، فقد بات نافلاً أن الجائزة أُجِّلت العام الماضي نتيجة للفضيحة الجنسيّة الّتي عصفت بالأكاديميّة. ففي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ذكرت صحيفة "داغنز نيهيتر" أن 18 سويدية اغتصبن وتم التحرش بهن من قبل جان كلود آرنو، زوج الشاعرة كاتارينا فروستنسون، عضو أكاديمية نوبل، والذي سرّب أكثر من مرة أسماء الفائزين قبل الإعلان الرسمي. وهو ما أدّى إلى سلسلة من الاستقالات في الأكاديميّة السويديّة الّتي تُدير الجائزة.

دِينَ جان كلود أرنو بحادثة الاعتداء الجنسيّ، وحُكِم بالسجن عامين؛ الأمر الّذي دفع زوجته كاتارينا فروستنسون، عضو الأكاديميّة، إلى الاستقالة.

أوليفييه تروك، مراسل ثقافي في السويد منذ قرابة 25 عاماً، وقد دخل  إلى كواليس البلبلة، ويعتبر أن الفضيحة اندلعت قبل عشرين عاماً، في العام 1997: "كان (جان كلود) آرنو موضوعاً لتحقيق نُشر في صحيفة تابلويد سويدية "اكسبريسن"، لكن الاتهامات كُتمت. في العام 2018، تغيرت الأمور مع موجة "مي تو" - رمز النسوية والمساواة. كان التسونامي أقوى من السويد. شعر الناس بأنهم جميعاً في موضع اتهام. وكان رد الفعل عنيفاً".

ومع إعلان جائزتي 2018 و2019 معاً، تأمل الأكاديميّة في أن تحظى بقبول أكبر من المجتمع الأدبيّ العالميّ؛ ويفترض أن تكون الأكاديمية استخلصت العبر وستكافئ امرأة واحدة على الأقل بحسب التوقعات. وحذر أوليفييه تروك، صاحب كتاب "لافير نوبل" (القضية نوبل) من أن "جوائز نوبل (...) لا سيما الآداب والسلام، مثيرة للجدل على الدوام"... وكان منح الجائزة لبوب ديلان العام 2016 قد أثار استهجان المحافظين. وفي العام 2017، اعتُبر فوز الكاتب البريطاني من أصل ياباني كازوو إيشيغورو، الذي حظي بتوافق أكبر، نوعاً من التصحيح والتعويض. وانتُقدت جائزة نوبل للعام 2016 بقوة، لا سيما أن ديلان تجنب حضور حفلة توزيع الجوائز. ومن هنا جاء النداء الذي وقعه 227 مثقفاً، و209 كتّاب، للمطالبة بتغييرات جذرية في النظام الأساسي للأكاديمية.

وكانت قد ظهرت ملامح الكارثة، العام 1989، عندما قرّر ثلاثة أكاديميين مغادرة مقاعدهم، في مواجهة رفض المؤسسة التنديد بالفتوى التي صدرت آنذاك ضد الكاتب البريطاني من أصل هندي، سلمان رشدي...

وكشف رئيس لجنة جائزة نوبل للآداب، أندرس أولسون، أن معايير الجائزة تغيرت، وأضاف أن لجنته لديها منظور أوسع وأكثر شمولية بشأن الأدب حالياً إذ وسّعت اللجنة نطاقها في أنحاء العالم، وتابع: "لدينا الكثير من الكاتبات اللواتي يعتبرن رائعات حقاً".
 
وخمّنت صحيفة "غارديان" البريطانية بأن تكون الروائية الروسية، ليودميلا أوليتسكايا، المعارضة لنظام بوتين ومؤلفة رواية "قضية كوكوتسكي"، من بين الأسماء المتنافسة على الجائزة هذا العام، إلى جانب الكاتبة ماريز كوندي المتحدرة من جزر غواديلوب الفرنسية في منطقة الكاريبي، والروائية الكندية مارغريت أتوود مؤلفة "حكاية الخادمة". وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تخمينها يستند إلى تغير معايير الجائزة هذا العام، لتصبح أقل أوروبية وذكورية، وفي المقابل اعتبر بعض النقاد أن الحفاوة بأعمال بعينها لمعايير "تنوع" غير أدبية تعد مجاملة لا تخدم تطور الأدب العالمي.

ووفقًا لتوقعات موقع Nicer Odds البريطاني، فإن الشاعرة الكندية كاتبة المقالات، آنا كارسون، هي صاحبة المركز الأول هذا العام، ويأتي بعدها الكاتب جورج ر.مارتين. وتصدرت آنا كارسون لائحة مراهنات مكتب "نيسراودز"، وجاءت بعدها الروائية ماريس كوندي (82 عاماً)، تليهما بفارق كبير نسبياً الكاتبة الصينية تسان شيوي (76 عاماً)، ومن بعدها الياباني هاروكي موراكامي (70 عاماً)، ثم الروسية لودميلا أوليتسكايا (76 عاماً)، والكيني نغوغي واثيونغو (70 عاماً).
 
وآنا كارسون مواليد العام 1950 وهى لغوية، وشاعرة، ومترجمة، وبروفيسورة، وناقدة أدبية. كندية الجنسية، ولدت في تورونتو، وهي عضوة في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم. تعمل بصفة مترجمة وأستاذة للأدب الكلاسيكي في جامعات مرموقة، مثل جامعة برينستون، ومشيغان في آن أربور. فضلاً عن معرفتها بعالم الأدب اللاتيني – اليوناني، وغالبية الحركات الطليعية في القرن العشرين. ومن هناك، من حيث هذا التزاوج الثقافي، تولد قصائدها الأكثر أصالةً. في كتابها "إيروس. شاعرية الرغبة"، وعبر دراسة الشعر الكلاسيكي اليوناني الأكثر بدائية، تكتشف كارسون أصول ودوافع واحدة من أرهف المشاعر الإنسانية المعقدة والمحددة، ألا وهي الرغبة والإثارة الجنسية الصارخة والنص الأدبي المرتبط بهما، وعلاقتهما بالخيال العاطفي. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024