رسائل 2020... تدشين عصر النوتيز

وجدي الأهدل

الأربعاء 2020/12/23
(*) هنا رسالة للروائي اليمني وجدي الأهدل، وهي من سلسلة رسائل يوجهها الشعراء والكتّاب مع نهاية العام 2020، باقتراح وطلب من "المدن".

يبدو العام 2020 كنفق أُجبرتْ البشرية على دخوله. وحتى لحظة كتابة هذه السطور، مازلنا في ظلمات النفق ولم نخرج منه. هل هناك ضوء يلوح أمام الجنس البشري في آخره؟ لا أتحدث فقط عن وباء كوفيد 19، لكنني أتحدث عن وباء عبادة الذهب. هذا الوباء الذي انتقلت عدواه من الأفراد إلى الدول، ثم إلى الشركات العملاقة العابرة للقارات. نحن على بعد رمية حجر من حدث مؤلم: فقدان مليارات من البشر لوظائفهم. من الناحية النظرية، بات في إمكان الشركات العملاقة الاستغناء عن القوة البشرية، واستبدالها بالروبوتات، والمسألة هي مسألة وقت فقط.

لقد اتُخذ القرار! والآن تسعى الشركات العملاقة إلى إحلال الروبوتات محل البشر، لكي توفر مقادير هائلة من النفقات، وتكدس كميات أعظم من الثروات.

وباء كوفيد 19 هو بروفة لهذا الحدث الكارثي، القادم حتماً. وما نظام التباعد الاجتماعي، وأداء الموظفين لأعمالهم من بيوتهم، سوى جرعات تدريجية ليتقبل البشر فكرة حلول الروبوتات محلهم في مقرات العمل، تمهيداً للاستغناء عنهم نهائياً.

وإذا تأملنا في الإجراءات الطبية المعتمدة لمحاربة وباء كوفيد 19، سنجدها تهيئ البشر بطريقة مُريبة للتكيف مع عصر العمال الروبوتيين.. مثلاً ارتداء الكمامة الذي يخفي الوجه البشري المألوف وإلغاء خصوصيته، سيساهم لاحقاً في تقبل وجوه الروبوتات الجامدة، لكي نشعر بالألفة معها، ومن ثم نثق بها.

كذلك إجراءات تقييد السفر، وإغلاق الحدود، وفرض حظر التجوال، وهوس التعقيم المبالغ فيه، وسواها من الإجراءات الاحترازية، إذا دققنا النظر فيها، سنكتشف أن لها معنىً واحداً: لقد حان الوقت لكي يمكث البشر في بيوتهم، وأن يقللوا من نشاطهم وحيويتهم واندفاعهم، وحتى عواطفهم الحارة تجاه بعضهم البعض، لأنهم معرضون لخطر الموت بالوباء.. والبديل هو الشبكة العنكبوتية، وشبكة الروبوتات، وشبكة النوتيز التي ستظهر خلال السنوات المقبلة، وستؤدي إلى دمج الإنسان نهائياً في منظومة الذكاء الصناعي.

ماذا يلوح في آخر نفق 2020؟ مع الأسف، للمرة الأولى في تاريخ البشرية لن يلوح الضوء، ولكن سيلوح لهم الروبوت!
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024