ليزا ميكي لـ"المدن": غرافيتي بيروت لا يقلد غيره

روجيه عوطة

الإثنين 2019/08/05
منذ مدة، بدأت قناة "بلانيت+" الفرنسية ببث سلسلة انترنتية بعنوان "بومبينغ بيروت" توثق بعض جوانب الغرافيتي في لبنان. تتألف هذه السلسة من بورتريهات لثمانية فنانين وفنانة، وتحمل توقيع الفوتوغراف والمخرجة ليزا ميكي.
عن السلسلة، الغرافيتي، وبيروت، هنا مقابلة لـ"المدن" مع ميكي.

- ما الذي جعلك تهتمين بالغرافيتي في لبنان؟ 

التقيت ذات مرة بفنان فرنسي، كان قد جرى توقيفه في البلاد، حيث الغرافيتي ممنوع، لذلك، قرر أن يجيء إلى لبنان خلال عطله لكي يرسم بلا أي خوف من إعادة القبض عليه من قبل الشرطة. عندما سمعت هذه الخبرية، وجدت أن العلاقة بين لبنان والغرافيتي ملفتة، وبالتالي، أردت أن أعرف عنها أكثر.

- كيف بدأت العمل؟ وكيف اخترتِ الفنانين؟

أتيت الى لبنان في صيف العام 2018، وانطلقت في فهم البلد، والوقوف على نشأة الغرافيتي فيه. بقيت، في الفترة الأولى، اسبوعين، وقد تعرفت عندها على عدد من الفنانين، ودار بيننا نقاش طويل، ساعدني على الاقتراب من خصوصية لبنان. يُضاف إلى ذلك، أنني قرأت كثيراً، لا سيما كتابي السوسيولوغ جوزيفين بارينتو، التي درست مشهد الغرافيتي اللبناني. أما بالنسبة الى كيفية اختياري الفنانين الذين صورت معهم، فقد كان الخيار عويصاً، لأنهم جميعاً موهوبون. لقد حاولت أن اصور مع بروفيلات مختلفة من ناحية الأسلوب، والوجهة، والسن، والنوع إلخ. لكي احيط بكل المشهد، وليس بجزء واحد منه دون غيره.


- ماذا عن هذا المشهد؟
ما لاحظته ان المشهد متنوع للغاية، لكنه، فعلياً، ليس مشهداً، فالفنانون يشكلون جماعة حقيقية، تقوم بالتعاضد في ما بينها. فبعيداً من حبهم للغرافيتي، هم يتعاونون في العيش وشؤونه على العموم. 

- هل الشكل الذي اتّبعتِه في إخراج "بومبينغ بيروت" يوافق موضوع الغرافيتي؟ 

لا أعلم ان كان هذا الشكل الاخراجي هو الأكثر ملاءمة للحديث عن الغرافيتي في بيروت. الا انني اعتمدته لأنه ناسب وضعي، فأن أنجز هذه السلسلة الوثائقية كان بمثابة تحدٍ، فلدي اسبوع واحد لكل حلقة، بحيث علي أن اقابل الفنان، أن أصوّر، أن أسجّل الصوت، أن "أمنتج"، أن "امكسج"، أن أترجم، أن أرسل إلى فرنسا، وأنشر. كل هذا في أسبوع واحد، لذا، من الأفضل إيجاد شكل يعين على إتمام هذه المهمة. وعلى مقلب متصل، أردت أن اعطي الكلام للفنانين، فلا أظهر امام الكاميرا، واقتطع من وقتهم. شكل الدقائق الثلاث يتيح توثيق ما يقولونه، أو بعض مما يقولونه، عبر تكثيفه. 

- هناك فكرة شائعة عن الغرافيتي في لبنان وهي انه يجمل دمار الحرب، وبالتالي، يشارك في محو آثارها، ما رأيك؟ 

لا يمكنني الحديث عن هذه الفكرة، لأنني أجد أن موضوع العلاقة بالحرب هنا معقدة. لكن، اعتقد ان المهم هو ادراك كيف يحاول الفنانون، وبمعية رسومهم وخطوطهم، الاستحواذ على الفضاء العام، الشوارع، والجدران في كل المدينة.

- الفكرة الشائعة الاخرى أنه لا سياسي لا سيما أنه يقلد ممارسته في المدن الحديثة...

الغرافيتي في بيروت لا سياسي، لأنه لا يمت بصلة لحزب وقبله لدين. الا انه، وفي الوقت نفسه، سياسي أيضاً، بحيث أن الفنانين يتركون رسائل على الجدران، أكانت متعلقة بهموم العيش، أو بالايكولوجيا، وغيرها، وجميعها، ذات معانٍ سياسية. لا بد من القول إن الفنانين على ارتباط ببيروت، بقلبها، مثلا، "اكزيت" يستعمل العربية، يرسم بها، "يبخها" أينما كان، أو "أبس" الذي يفتش كل مرة عن مكان موائم لقطعته الغرافيتية. فن الغرافيتي في بيروت ليس مجرد محاكاة لغيره، على العكس، فمع ادراك تاريخه، من الممكن الحسم في كونه غني اكثر مما هو عليه في مدن أخرى.

- كفنانة بصرية، كيف تجدين بيروت؟

ببساطة، بيروت ساحرة. ألوان، وهندسات، وتناقضات. لقد كانت صفعة بصرية لي، صفعة بالمعنى الايجابي، بحيث أن الضوء فيها أكثر من رائع. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024