عزة شرارة بيضون تختار مراجعة مجتمعية "بعيون النساء"

المدن - ثقافة

الأربعاء 2021/07/21
صدر عن مؤسسة الجديد في بيروت، كتاب "بعيون النساء: شؤون اللبنانيات وقضاياهن" للباحثة عزة شرارة بيضون...

وجاء في تعريف الكتاب: "حفــلت السـنوات الأربع الـماضية، عندنا في لبنان، بوقائع بارزة اسـتجاب لهـا ناسـنا في حراكات متقطِّعة، لكن صاخبة، بـرز فيهـا أوجان رئيسان: تـمثَّل أولهما في الحراك الشعبي ضد السلطة الـمتقاعسة عـن حل ما عرف بـ"أزمــة النفايـات"، في العـام 2015. وأوج ثـانٍ، تـمثَّل بانتفاضـة "السـابع عـشر من تشريـن الأول". قبـل هذين الأوجن، بينهما، ومـا تلاهما، كانت شـؤون النساء وقضاياهـن حـاضرة في الخطاب العام ـ الاجتماعي والتشريعي والقضائي والاعلامي. وبدا واضحاً، أن وجوب تراجعِ الانشغال بهذه القضايا، وتلك الشؤون، أمام هموم المجتمع "الأكثر إلحاحاً"، والتي َاستدعت حراكًا صاخبا، لم يَـعد حجة مقبولة تُسوغ تأجيل ما تطلُبه النساء؛ بل على العكس من ذلك تماما. صحيح أن النساء، الشابَّات منهن خاصة، بَدوْن في شـوارع المدن والبلدات المنتَفضة كـثيرات، وصحيح أنهن كُن مع الرجال حاملات القضية "الأكثر إلحاحا"، بل كُن في طليعــة الـمتظاهرين والـمعتصمين والهـتَّافين ورافعي الأعلام واليافطات ومُسطِّري الشعارات وضاربي الطَّناجر وكانِسي الطُّرقات، وغير ذلـك مـن أفعـال في سـبيل نُصــرة هـذه القضية؛ لكـن كُن كذلـك، وبالسويَّــة ذاتها، رافعات أعلام القضايا النـسائية. كانت الهتافات والشـعارات تُعبِّــر عـمَّا "يُريده الشعب" ومـا "تُـطالِب به النسـاء"، في الوقـت نفسـه. وكان الهتَّافون ورافعو الشعارات عــن إرادة الشعب، وعن مطالبات النساء، مـن النساء والرجال، لا فَرق.

النســاء اللواتي انتَـفضن وملأن شوارع الـمـــدن والبلدات كُن، على الأرجح، ذوات امتيازات ويملِكن الموارد الشخصية التي تسمح لهن بتجاوز الوصايـة الابويَّـة الذكوريـة، ومـداورة وقــعِ أحـكام هـذه الوصايـة بكِل أشكالها ـ الاجتماعيــة والثقافية والقانونيــة، بــل ومواجهـتها. لكن خطابهن الذي شهدنا تعبيراتِه في مسار أيام الانتفاضة، يَـشي بأنهن يُدركن أنَّه، ما زال هناك، وفي أمكنة مختلفة على امتداد الجمهورية، نساء مسلوبات هـذه الامتيازات"...

يضـم الكتاب مجموعـة مـن الــمقالات منُ 2020-2016، أو هـي مستَــوحاة مـن مقـالات أو دراسـات نُشــرت سـابقا، أو قيــد النـشر. وقـد جعلـتُها المؤلفة في أجـزاء ثلاثـة: تنــاول الجــزء الأول قضايــا العنـــف ضــد النساء والتميـيز حيالهـن، مــن منظوريّ النســاء والرجــال، أي الضحايــا (الناجيات) والـمعنِّفين، مــن جهة، ومـن منظور القضاءين المدني والديني، مـن جهـة ثانيـة. وكانـت الــمعالَجات البحثية في هذا الجزء نَوعيَّة، فــتَصحّ نَــتائجها واستـنتاجاتُها لإجابات أولية حول العناويــن التــي تناولـــتها.

وانشــغل الجزء الثاني بالبحوث الهادفة التي تُنفذها منظَّمات غـير حكومية نِّسـويَّة، بما هي موقع رئيسي من مواقع إنتاج البحوث في حقــل الدراسات النسائية. فتناول المقال الأول في هــذا الجزء الــمقاربات الـمعـتمدة في هـذه البحـوث، فيـما كُتب الثاني ليُبين وقْع هذه الابحاث عــلى نســاء ورجــال معنـيـــن بهــا، وتفاعلهــم معهــا.

أمــا الثالــث فــيحاول سبــر قـول شـائعٍ مــفاده: "لا يوجـد أبحـاث"! في حــقل الدراسـات الجندريــة. وفي الجـزء الثالـث محاولـة لـتَــفكيك مفاهيـم أربعـة: عيـش الأمومـة، صحة النــساء النفــسية، عمل الــمرأة الـمنزلي، الــمساواة الجندرية في الدسـتور؛ وذلك في السـياق الثقافي ـ اللبناني.

وتختـم عزة شرارة كتابها بمـا عــنوانه "خـاص" لا  يخــلو مـن "عـام". فــمع تَشكــل المجموعات النســويَّة في إطــار الحركــة النســويَّة تـــبعا لـموجـــتها الثالثــة الوليدة تقول عزة بيضون ـ "أصبحنا، نحــن نِّسويَّات ستيـنيات وسبعينيات القـرن الماضي/الموجة الثانيـة، موضوعا لمقابلات شـخصية «معمّقة» في محاولـة مـن النسـويَّات الشـابَّات للبحـث عـن امتــدادهن في الزمـن الأسـبق في مسـارات حيواتنا. وبــتَوثيق أقوالنـا وأقـوال نــساء من كُل الفئـات يتجمع لديهــن سيـــر حيواتنا، وهــي عنــاصر تصلح لـتَشكيل أرشــيفات نســائية مــتاحة للباحثـات والباحثيـن... هكـذا تجمعـت لـدي، كـما لـدى غـيري مـن نسـاء ذات الجيــل، شـهادات تختــلف تبعـا للأدوار الـمتـبايــنة التـي يمكـن أن تلعــبها امـرأة مـٍـن ذلـك الزمــن؛ حيـث نجــد مـن قـد تكون ربَّــة منــزل، أمـاً، عاملـة بــمهنة خارج ـ منـزلِــية، عاملـة بــمهنة غـير رسـمية، ناشـطة نِّسـويَّة، باحــثَة... إلى غـير ذلك ممـن يَجمعـن بـين بعـض ذلـك أو كُـِّله. وقـد تذهب هـذه الــمقابلات بعيدا إلى «نَـبــش» طفولتــنا بحثًـا عـن الـشروط الأسرية أو العامـة التـي أسـهمت في تشـكيل شـخصية الواحـدة مــنا، "نموذجا" لنساء ذلـك الزمن. هكـذا، وإضافـة إلى الدراسـات التـي نفــذتُها في السـنوات الاربع الــماضية، تجمعـت لـدي مقابـلات (هـي بمثابة شـهادات) شخــصية منشـورة، فيهـا الكثـير مـن البيــئة العامة السياسـية والاجتماعية والأَســرية التي أحاطت بي في مسـار حيـاتي، وتَــروي التفاعـل مـع هـذه البيئـة، تأثُّــرا وتأثيراً. بعـض هذه الشهادات جعلتها ملحقــا في الكتاب تناغما مــع اتجاهــات نِّســويَّة تــرى لُزوم الرواية الشخصية أو التَّأريخ لحياة الشخص، وتَجمعِ تلك الروايات الشخـصيــة أرشـيفات نسـائية تكـون صالحـة لأن تُشـكل معـا صـورة لحقبة معــينة، لا تقــل وضوحا عـن الصـورة التـي رُسـمت بريشـة مؤرخـين للزمـن نفسـه ـ لكنهـا غافــلة، عـلى الأرجـح، عـن حيـوات النسـاء واختـباراتهن".

والباحثة، بحسب رفيف رضا صيداوي، تَرصدُ "السلوكيّاتِ الـمُجتمعيّة، كاشِفةً عن العلاقاتِ والأدوارِ الاجتماعيّةِ والقيَمِ التي يُحدِّدها الـمُجتمعُ لكلٍّ من الجنسَيْن، مُصوِّبةً الرؤى، مُفكِّكةً منظومة الـمَفاهيم الموروثة، وما يُرافقها من تحدّياتٍ"، وبحسب حُسن عبود "بدأت الباحثة عزة شرارة بيضون بإدماج معيار الجندر لتحليل قضايا الـمرأة اللبنانية ليس فقط للتعريف بالـمفهوم بل للقيام بدراسات ميدانيّة لـمراجعة التعليم والتحيز الجنسي والـمناهج الدراسية، والتربية، وعلم النفس الاجتماعي لـمعالجة إشكالية العنف والعدوانية والإيثار. هذا الحفر مفاهيميًّا وتطبيقيًّا في قضايا الـمرأة والجندر هو مساهمة أهمّ ما فيها معاصرتها وريادتها".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024