النجم حسن نصرالله

روجيه عوطة

الإثنين 2019/04/01
عندما يرفض جمهور حزب الله ظهور قائده حسن نصرالله، وعلى صورة صحافية، في دعاية لماركة h&m، يبدو أنه يبعد النجومية عنه، بحيث أنها لا توافقه، بل تنزله إلى مرتبة المتصفين بها، الذين، من حين إلى آخر، يعلنون الحب والولاء له. لكن، في الوقت نفسه، يؤكد الجمهور اياه على نجومية القائد، إذ يغتبط بكونه ظهر على النحو الذي اختارته له تلك الماركة، بحيث أن هذا دليل على ذيوعه صيتاً وصورة خارج مجال السياسة الخالصة في المحلة كما في الإقليم. من هنا، يجمع جمهور الحزب بين نفي نجومية نصرالله والتأكيد عليها، بين رفضها والاغتباط بها، وفي الحالتين، لا يجد في قائده نجماً، بل أكثر من ذلك.

الا ان نصرالله ليس اكثر من نجم، بل أنه، وبعبارة مقتضبة للغاية، أبو النجوم الذي ولد بعد ولادة عدد من أبنائه أو في وقت ولادتهم، ومع ذلك، كانت ولادته مغايرة لولادة أي واحد منهم، وهذا، لداع أساس وواضح، وهو أنها حصلت في السياسة. لكن هذه السياسة تتمحور حول الإعلام، لا سيما المرئي منه، وبالتالي، لم يكن لتلك الولادة أن تبلغ تمامها من دون إعلامها. ففي هذا السياق، انطلقت نجومية نصرالله، التي كانت منفصلة عن نظامها التلفزيوني، وبالفعل نفسه، مماثلة له. إذ تستند إلى شاشتيها، أي إلى قناتها الحزبية، وإلى شاشتها المرتفعة في مهرجان من هنا أو مؤتمر صحافي من هناك، طبعاً، بين الشاشتين، كان نصرالله يشخص، وقد كان شخوصه هذا "برفورمانسياً"، وبالتالي، كان صلة وصل بينهما.

بذلك، استقل نصرالله بنجوميته عن نجومية كل منتشري الصيت والصورة والصوت، غير أن استقلاليته هذه سرعان ما انقلبت إلى أبوةٍ، تفيد بكونه النجم الذي يدرك كيفية الانفصال عن النجومية، أو الذي، وبطريقة أخرى، يدرك كيفية التحكم بها. ففي حال الإستناد إلى تلك المدونة النقدية، القديمة نوعاً ما، التي تعتقد أن النجم هو صنم وسلعة على حد سواء، من الممكن القول أن نصرالله هو النجم الذي يبقي على صنميته، وهذا، بالتوازي مع إزالته لآثار سلعيته. 

واحدة من سمة السلعية هذه أن يكون متداولاً، تماماً، كأي نجم غنائي، تمضي كل المؤسسات إلى الإرتكاز على ظهوره فيها، في منتجاتها، أكانت حملة للوقاية من مرض ما أو فيلم سينما، كي تحقق رواجها. غير أن نصرالله ليس متداولاً على هذا النحو، فلا يدور كصورة من مطرح إلى ثانٍ، بل أن صورته ثابتة في مكانها، على قناتها، وعلى شاشتها، وعلى لافتتها، التي تصنع صنمية نجمها، لكن بلا أن تؤدي به هذه الصنمية إلى تصريفه السلعي. هو نجم بسلعية معلقة، أو مطرودة، ولهذا، في بعض الأحيان، تبدو الممانعة العنيفة لانتقاده، وعدا عن كونها تدل على ضيق الجمهور بحبه، بمثابة اعتراض على عدم تقدير ثباته، واقلاعه عن التداول، أو بالأحرى اعتراض على عدم حسبان وضعه هذا وضعاً سلبياً:"ألا يكفيه أنه ليس متداولاً، ومع ذلك، تنتقده!".

من هذا الوضع بالذات، يستمد نصرالله أبوّته النجمية، ففي حين أن باقي النجوم يمضون في تداولهم إلى درجة خسارتهم لصنميتهم، التي لا يجدون سبيلاً إلى التعويض عنها سوى بالمزيد من التداول طبعاً، يبدو أنه "يربيهم" على طريقة افتراقهم عن التداول، والاحتفاظ بالصنمية، التي يحاولون دوماً التمسك بها مع أنها ما عادت من ركائزهم. على هذا الأساس، يتوجهون دوماً إليه، وفي خاطرهم، أنه مثالهم في التعامل مع النجومية، وفي السياق عينه، هو مثالهم في التعاطي مع الجمهور. ففي حين أنهم، وبقد سقوط تلفزيونيتهم، يذهبون إلى جمهورهم في مواقع التواصل الاجتماعي، كأنهم يتابعون الجمهور، وليس العكس، يقف نصرالله أمام جمهوره مهدداً إياه بأنه "سيفلّ"، وجمهوره يصرخ "لا". فمعادلة نصرالله هي أن نجم النجوم هو الذي يرفض نجوميته، وبالفعل ذاته، يعيشها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024