طارق الطيب لشيماء سيف: اعتذري! (*)

المدن - ثقافة

السبت 2019/05/11
(*) شاهدتُ لك حلقة اليوم وقد صبغتِ وجهك بالنيلة أو باللون الأسود، وظهرت بماكياج قبيح وشنيع عن المرأة السوداء والسمراء وكل من ابتعدت عن البياض. لهجتك كانت مصرية وهذا يسيء لكل مصرية لها هذا اللون، خصوصاً أهل جنوب مصر، والنوبة على وجه التحديد. أما محاولات تقليد لهجة لا أصل لها، من أجل لصقها بالنوبيين والسودانيين فهو افتراء وجهل وتشويه بيّن!

على كل حال هو تراث مشين في السينما المصرية لم يعالج حتى الآن، منذ عهد سيدنا نوح وحتى اليوم، وهو يسخر سخرية قميئة مبطنة وظاهرة من أصحاب اللون الأسود، ويضعهم في مهن يجعلونها هم حقيرة ومتدنية: البواب، الطباخ، السفرجي.. الخ.

أتذكر صديقاً مصرياً هنا في النمسا قيل له (يا أفريقي!) وهو قمحي اللون، ولم يقصدوا بها أي إهانة، لكنه جزع وغضب وبرطم وسب وشتم وكره الدنيا والدين، لأنه يرى في قرارة نفسه أن كلمة "أفريقي" في مخيلته سُبّة، وكنت شاهداً. وآخر فنان وأكاديمي، كان يضحك على أي أسمر أو أسود ويطلق نكاتاً سخيفة ويقول: "كلنا عنصري!" ويكمل ضحكه ومزاحه المستخفّ بكلمة: عادي!

الآن يا شيماء سيف، لن يرحمك الناس لأنك أنت ومخرجك وقناتك استخفيتم بمشاعر كثيرات وكثيرين وآذيتموهم، وصممتم على الاستمرار في تكريس الصورة النمطية القبيحة العنصرية الشنيعة الجارحة المسيئة الحمقاء العبيطة الهبلة وجعلها حقيقة وبديهية ولازمة ضحك وتهكم منذ عقود!

للعلم، كثير من الممثلين المصريين ما زالوا حتى هذه الساعة يتهكمون في أفلامهم بإيفيهات جارحة تحت الحزام، وازدادت في السنوات الأخيرة، ولم أجد ناقداً واحداً عادلاً يتصدي لهذه المشاهد والأقوال أو الإيماءات والتجاوزات بقلم حاد مسنون رادع.

أعرف أنه لن تطالع كلامي هذا إلا قلة قليلة، والغالبية كالعادة سترى إن الأمر لا يستحق!
اعتذري يا شيماء سيف في المكان الصحيح، في القناة نفسها، وبصوتك ووجهك وصورتك، لعل الناس تصفح عنك! فما كتبتِه في صفحتك في فايسبوك يؤكد المثل القائل: "شتمني في شارع وصالحني في حارة".

(*) مدوّنة كتبها الروائي السوداني طارق الطيب في صفحته الفايسبوكية.


©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024