نادية لطفي... مصرية بملامح أوروبية أنقذت "المومياء"

وجدي الكومي

الأحد 2016/08/07
في حواراتها التلفزيونية لا تبدو نادمة أبداً على خطوات خطتها قد يكون لها الأثر في مشوارها الفني، ومنها دعمها للمقاومة الفلسطينية، أثناء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، لكنها تحذر الأجيال الجديدة من هذه الخطوات. هي الجميلة، التي لا تخجل من أن تقول أنها تربت مع الحيوانات، ثم لا تلبث أن تستدرك ضاحكة: "طبعا لا أقصد أهلي وأشقائي، لكن البيت كان فيه دائماً كلاب وقطط". إنها الفنانة نادية لطفي، التي لن تجد في رفوف المكتبات العربية كتاباً جامعاً يروي سيرتها الذاتية، باستثناء كتابين صدر أحدهما عن مهرجان القاهرة في دورته الذي حمل اسمها، العام 2014.
 
نادية لطفي هي الصحافية التي لم تعمل أبداً في الصحافة، هي المولعة بحكايات الشهداء، جمعتها بنفسها من القرى والنجوع، على مدار 40 ساعة، بكاميرا شخصية، وثقت فيها حكايات الأسرى المصريين في حربي 1956 و1967. هذا الولع بالتوثيق الصحافي والأدبي الذي انشغلت به نادية لطفي في شبابها، لم ينته، على الرغم من كثرة مشاغلها، وانهماكها الفني في مشوار طال أكثر من ثلاثين سنة، بل مرت في تجربة إنتاج فيلم وثائقي باسم "دير سانت كاترين" في السبعينات، فى ظل انهماكها بمجموعة من الأفلام التجارية، والفنية الهائلة، أبرزها أفلام "أبداً لن أعود" مع رشدي أباظة وصفية العمري، و"على ورق سيلوفان" مع محمود ياسين وفيلمها "بديعة مصابني".


تنقلت نادية لطفي بين أدوار الحبيبة والعاشقة، الزوجة "الخائنة" والزوجة التي تشعر بالضجر في "على ورق سيلوفان"، هي الفارسة المتمردة على أحقاد ومطامع قومها في "الناصر صلاح الدين"، وهي الحبيبة التى تفتقد حبيبها السابق في "حب لن أنساه". لعبت كل الأدوار باقتدار، الفتاة الشقية في "بنت شقية" مع حسن يوسف، والفتاة التي يتم خطفها في "مطلوب أرملة". تحب نادية الطبيعة، بتلقائية شديدة البساطة والوضوح، تتجنب في حديثها نغمات الكبرياء أو التكبر، تقول في حوار تلفزيوني أجرته مع الإعلامية المصرية بوسي شلبي: الفن يجعل آفاقك واسعة، ورؤيتك لها شمولية، ويعطيك طاقة للعطاء، أنصح ألا يقلدني أحد، كي لا يخسر كثيراً.
 

لا تعاني نادية لطفي من الوحدة، على الرغم من غيابها فنيا، لديها الكثير من الاهتمامات، على رأسها اللحظة التى تعيشها، من يتحدث معها عبر الهاتف، أو من تزوره لتطمئن عليه، وهي لا تغيب أبداً عمن يحتاج لهذه المساندة. هى صديقة جورج سيدهم، وتزوره باستمرار، وهي ابنة البلد المصرية، ذات الملامح الأوروبية، التي ساندت المخرج المصري الراحل شادي عبد السلام في رحلة مرضه الأخيرة، كما أدت موافقتها على أداء دور شرفي في فيلمه "المومياء" بموافقة مؤسسة السينما المصرية، إلى تحويل الفيلم إلى "ألوان"، حسبما كشف الناقد المصري محمود عبد الشكور، الذي حكى لـ"المدن" طوراً من قصة نادية لطفي مع "المومياء". يقول عبد الشكور إن وضع اسم نادية لطفي على أفيش الفيلم، ساهم فى خروج "المومياء" بشكله الأنيق، والكبير، لأن وجود نجمة مثلها كان مهمّاً لدعم العمل، خصوصاً أن شادي عبد السلام لم يعتمد إلا على فنانين شبان في المومياء، هما محمد خيري، وأحمد مرعي.

نادية لطفي صديقة ياسر عرفات، سافرت إليه لكسر الحصار الاسرائيلي على الفلسطينيين في بيروت، خصوصاً بعد فاجعة صبرا وشاتيلا، سجلت وقائع الحصار، ونقلته الى محطات تلفزيونية عالمية، استمرت "بولا" – الاسم الذي اختاره لها والدها - أو "نادية" – الاسم الفني الذي اختاره لها رمسيس نجيب - في تلبية دعوات عرفات لحضور مؤتمرات منظمة التحرير الفلسطينية، فذهبت إلى الجزائر، لحضور المؤتمر الـ16، حيث التقت نور الشريف ووجدته يلقي هناك قصائد محمود درويش.

هى أيضا تتذكر بعرفان كبير، أهل لبنان، تتذكر أنها صورت فيلمين هما "الزائرة" و"أبي فوق الشجرة" في لبنان، ولم تزل فى ذاكرتها، أن المناظر البديعة لصخرة الروشة والينابيع، كانت سببا رئيسيا لنجاح هذين الفيلمين، كما أنها تشعر تجاه لبنان بمشاعر الانتماء للوطن...

تكشف نادية لطفي جوانب من تصورها عن الفن، بقولها إن الفن هو سياسة المستحيل، أن تصلي للحب، الفن هو الشمول، هو الحياة، هو المعرفة الإنسانية، وتاريخ وجغرافيا، وعطاء وتجارب، الفن علم. يقول الناقد محمود عبد الشكور لـ"المدن"، أن المخرج الراحل حسن الإمام نقلها نقلة كبيرة في طريقها الفنى فى دور "زنوبة" الذي أدته في "قصر الشوق"، يضيف عبد الشكور: تدربت نادية لطفي على يد "عالمة" (راقصة) كي تتقن هذا الدور، وهو ما يكشف عن إجادتها البالغة وحرصها على الاتقان.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024