عباس بيضون في وداع برنار نويل

المدن - ثقافة

الخميس 2021/04/15
برنار نويل نعاه لنا فاروق مردم بيك. منذ سنين لا أعرف شيئاً عن برنار إلا أنه حي، فنحن لم نقرأ نعياً له والآن يصلنا خبر وفاته. برنار هو اليوم أكبر شاعر فرنسي، وانا أكاد أجزم أنه سيبقى دائماً من الكبار. كانت أول صلتي ببرنار دعوة من المركز الثقافي الفرنسي في دمشق لتقديمه. كان آنذاك في سوريا بدعوة من المركز. نزلت في الفندق ذاته الذي نزل فيه، وكانت هذه مناسبة للتعرف عليه، هو الشاعر الذي كنت تعرفت عليه وقرأت بإعجاب احدى اجمل مجموعاته، التي ترجمت اولى قصائدها الطويلة. لم أجد صعوبة في ذلك فقد كانت على نحو ما تصدر في العربية عن اللغة التي يصدر منها شعري، لذا ترجمت القصيدة وكإنني أعيد كتابتها أو أكتبها لنفسي.

أتيح لي أن أتعرّف على برنار الذي أحسست انني شريك في معركته في الشعر وفي الحياة.  اختارني بعدها لأكون مدعواً معه الى الدوحة التي  يزورها مع وفد لتحقيق فيلم كتب هو سيناريوه، وقبلت قطر، في شخص زوجة أميرها، أن تموّل إخراجه. لا أعرف ماذا حدث له اذ لم اسمع به بعدها. آخر لقاء لي ببرنار حين دعيت الى باريس لقراءة شعرية. أذكر أني حضرت، لكن تأخر الإلقاء، وفهمت متفاجئاً ان ذلك حدث في انتظر برنار الآتي من خارج باريس حيث يقيم، وقد حضر وكانت مفاجأتي الجميلة أنه حضر لتقديمي. برنار الشاعر الروائي المفكر، أنجز كثيراً وقد يكون مهماً أن نستمع إلى رأيه في الشعر، هو الذي كان شعره ونقده مع جمالية غير محلاة وغير جزلة او فصيحة، مادية وقاسية، متشظية وجسدية.

كان برنار للعجب محتفياً بثانوية الشعر وخفوته، إذ أن ذلك يخرجه من سوق الأدب ويعفيه من المباراة ومن الخضوع لشروط الرواج أو الربح. آراء برنار السياسية كانت أيضاً خاصة، فالرجل كان مع المهانين والخاسرين، وبالطبع كانت فلسطين والفلسطينيون في قلب هؤلاء. كان نعي فاروق لبرنار حقيقياً ومجروحاً. يستحق برنار أن يكون لغيابه كل هذا الصدى.
وداعاً برنار....

(*) مدونة نشرها الشاعر والروائي اللبناني عباس بيضون في صفحته الفايسبوكية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024