صالات الفنون في محيط مرفأ بيروت.. خراب بلا تعويض

إيمان العبد

الجمعة 2021/04/16
في ظل غياب الدولة عن مختلف المجالات في لبنان، يرزح القطاع الفني في لبنان في آخر سلّم الأولويات. الأزمة الاقتصادية، كورونا، وأخيراً انفجار 4 آب. أزمة تلو الأخرى عصفت بهذا القطاع المهمل منذ عقود من قبل وزارة الثقافة والدولة عموماً، وعلى الرغم من مبادرات المجتمع المدني لدعم الفنانين (رسامين ونحاتين...)، إلا أن هذه المبادرات لا يمكن أن تسد الفجوة في دور الدولة وواجباتها.

عدد كبير من المعارض الفنية، المشاغل والاستديوهات، تعرض لأضرار كبيرة جراء انفجار 4 آب في مرفأ بيروت، لا سيما أن المنطقة المحيطة بالمرفأ، المعروفة بطابعها الثقافي. وهذه المؤسسات، حتى الآن، لم تنل تعويضها، على الرغم من الكشف الرسمي على الأضرار الجسيمة التي لحقت بهذه المؤسسات. 

"غاليري تانيت" خسائر فادحة
نايلة كتانة، مديرة ومؤسسة معرض تانيت gallery tanite توضح في حديث لـ"المدن" أن الجيش اللبناني والأمن العام كشفا على أضرار المعرض في منطقة مار مخايل مرتين، لكن الى حد الآن لم يُدفع تعويض لها.

منزل نايلة يقع في مبنى الغاليري التراثي نفسه، وقد دُمّر بالكامل، كونه على مقربة من المرفأ. وفي ظل غياب التعويض الرسمي وعدم حصولها على دعم من مؤسسات المجتمع المدني، وغياب دور شركات التأمين، تعمل كتانة على ترميم المعرض ببطء، لتأمين التكاليف المادية. وهي دفعت الى حد الآن 180 ألف دولار وتبقى كلفة تصليح الزجاج، وهي 68 ألف دولار، عدا عن الخسائر الفادحة في المقتنيات الفنية للمعرض. فبحسب كتانة "هناك أكثر من 72 لوحة تضررت جراء الانفجار، جزء منها تلف بالكامل"، وأضافت أن كل المعلومات المخزنة في أجهزة الكومبيوتر و الـhard disk في المعرض، تلفت بالكامل ما يستدعي العمل من الصفر.

الصالة في منطقة مار مخايل ما زالت مقفلة الى حين ترميمها، وكل النشاطات والقطع الفنية واللوحات تنظّم وتُعرض في مكان آخر. وأضافت نايلة كتانة أنها في إعادة الترميم حاولت أن تحافظ على طابع المبنى التراثي، مشيرة إلى أن المهندس المعماري الذي قام ببناء المبنى، توفي في الانفجار متأثراً باصابته البليغة.

عن تأثير الأزمة الاقتصادية في عمل المعرض، توضح نايلة أنها بدأت تستشعر خطورة الأزمة وصعوبتها على القطاع، في الفترة الأخيرة، خصوصاً في ما يخص أسعار القطع الفنية. فلا يمكن وضع سعرها بالدولار، لأن ذلك لن يرضي الزبون اللبناني، وأيضاً لا يمكن بيعها بالليرة اللبنانية، خصوصاً أن الفنانين يستعملون مواد مستوردة من الخارج بالدولار للقيام بعملهم. وأضافت كتانة أن الحل الأمثل الذي وجد أخيراً هو الدفع مناصفة بين الدولار والليرة اللبنانية.

خسائر بـ40 ألف دولار 
من معرض "تانيت"، الى مرسم الفنانة اللبنانية لوما رباح، الذي تضرر بشكل كبير جراء انفجار 4 آب. يقع المرسم في منطقة الأشرفية في مبنى تراثي قديم، وعلى الرغم من كشف الدولة عن الأضرار إلا أنها لم تنل أي تعويض مادي حتى الآن. 

تكبّدت لوما على ترميم المحترف، حوالى 7 آلاف دولار، لكن قيمة الخسائر التي تكبدتها تبلغ حوالى 40 ألف دولار، وذلك بعدما تعرضت أكثر من 15 لوحة للتلف، عدا عن لوحات أخرى سرقت في الأيام الأولى بعد الانفجار، كون المحترف لا حراسة عليه وكان مفتوحاً لفترة طويلة قبل الترميم.

تعتبر لوما في حديثها لـ"المدن" أنه "ليس بالضرورة مثلاً أن تعوض الدولة الخسائر في القطع الفنية، لكن على الأقل عليها أن تعوض لنا كلفة ترميم المبنى والخسائر في المعدات، إلا أن القطاع الفني في لبنان هو في آخر سلّم أولوياتها". وأوضحت لوما أنه مع الاقفال التام بعد انتشار كورونا والأزمة الاقتصادية، لم تستطع تعويض الخسائر التي تكبدتها، وأن كل خطوة تقوم بها، ولوحة ترسمها، هو محاولة للاستمرار في عمل المحترف.

الفنانون السوريون أكثر تهميشاً  
محترف محمد خياطة، الفنان السوري، يقع في منطقة مار مخايل، تعرض لأضرار جراء انفجار 4 آب، بلغت حوالى 4 آلاف دولار. عدا عن الخسائر في اللوحات الفنية التي لا يمكن ترميمها وتلفت بشكل كامل. والدولة لم تكشف على الأضرار التي تعرض لها، على الرغم من أن أصحاب المنازل المحيطة به حصلوا على تعويضاتهم، وهذا ما يطرح قضية التمييز في توزيع التعويضات بين اللاجئين السوريين واللبنانيين.

يقول خياطة أن أزمات متتالية أثّرت في الفنانين اللبنانيين والأجانب أيضاً، أوّلها الأزمة الاقتصادية التي أرغمت العديد من المعارض على الإقفال في الجميزة، والأثر الأكبر خلّفته كورونا التي ألغت العديد من المشاريع الفنية التي كانت قد تحسن عملنا.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024