رفض هابرماس جائزة الشيخ زايد.. ماذا يقول الكتّاب العرب؟

المدن - ثقافة

الإثنين 2021/05/03
هنا عيّنة من التعليقات الثقافية التي رافقت رفض الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس "جائزة الشيخ زايد للكتاب" بعد قبوله المبدئي ثم تراجعه اثر انتقاد وجّه إليه في مقال نشر في "دير شبيغل" الألمانية. وتعكس الآراء المنشورة جانباً من الجدل و"التخبط" حول الرفض وأسبابه. وثمة آراء كثيرة تحفّظنا على نشرها، لعنصريتها اتجاه العرب والإماراتيين. 

منى أنيس
بمناسبة رفض هابرماس لجائزة الشيخ زايد: المثقفون المصريون، وربما العرب، عندهم لخبطة شديدة في موضوع الجوائز، وبالذات الجوائز التي يمنحها النظام باسم الدولة. فهم يتقدمون لهذه الجوائز ويصفقون لمن يأخذها، لكنهم أيضاً يحترمون اولئك الذين يرفضونها، وقد يصفقون لموقفهم المعادي.
لن انسى ما حييت حفلة توزيع جوائز مؤتمر القاهرة للرواية العام 2004، عندما رفض صنع الله ابراهيم الجائزة، واعلن ان جائزة يمنحها النظام المصري لا تشرفه. لقد وقع هذا الاعلان وقع الصاعقة على الحضور في الصالة وعلى لجنة التحكيم الواقفة على المسرح، وبالطبع على امين المجلس، واستغرق الامر بضع ثوان قبل ان تضج الصالة بتصفيق يصم الآذان. ولعله من اعجب المناظر المرتبكة لتلك الليلة، تصفيق عضو لجنة التحكيم المثقف الكبير محمود امين العالم، وهو واقف على المنصة، لصنع الله ابراهيم بعدما انتهى من خطابه الذي دان فيه الدولة المانحة للجائزة ولجنة التحكيم ضمنياً. ليلتها، انفجر مثقف آخر من اعضاء لجنة التحكيم، الصديق العزيز فيصل دراج، في وجهي عندما لمس حماسي الشديد لما قام به صنع الله، صائحاً "هذا عمل غير اخلاقي". فصحت انا الأخرى: لماذا اذن صفقنا لكبار المثقفين الغربيين الذين رفضوا الجوائز العالمية؟ كانت لحظة مربكة حقاً، لكن ما فعله صنع الله، حرك شيئا عميقاً داخلي كما حرك الشيء نفسه داخل عمي الكبير محمود العالم، وربما داخل فيصل دراج الذي اتخذ موقفاً مضاداً، ربما لإحساسه بالاهانة الشخصية بعدما انقسمت لجنة التحكيم بين صنع الله ومرشح آخر اعتقد أن دراج كان متحمساً له.

عبداللطيف الوراري
القرار الذي اتّخذه يورغن هابرماس في رفض جائزة الشيخ زايد، بعدما قبل تسلّمها، يتناقض و"العقل التواصلي" الذي عُرف به؛ فقد وقع تحت ضغط الإعلام الموجّه.

فواز حداد
المفكر والفيلسوف وعالم الاجتماع يورغن هابرماس، رفض تسلم جائزة الشيخ زايد للكتاب.
هذا التصرف يجعلنا نؤمن بأن هناك مثقفين كبار، يمنحون للثقافة معناها الحقيقي.

حسونة المصباحي
كان الراحل الكبير الشيخ زايد رجل تقدم وسلام نقل بلاده من البداوة الى التمدن، وجعل منها منارة مشعة بعدما كانت صحراء قاحلة تتوزع فيها خيام البدو الرحل. والانجازات الكبيرة التي حققها في جميع المجالات شاهدة على ذلك. منها مثلاً المستشفى الحديث الذي أقامه في لندن، والذي عولج فيه مجاناً أدباء وشعراء وصحافيون عرب. وعندما استحدثت جائزة باسمه بعد وفاته، استبشر جل المبدعين والباحثين العرب. إلاّ أن اللجان المشرفة عليها سممتها بالمجاملات والصداقات والمصالح، بحيث سرعان ما فقدت مصداقيتها، فندر عدد الفائزين بها عن جدارة، في حين تكاثر عدد المُنْتهبين لها مقابل أعمال هزيلة سواء كانت في مجال الابداع الشعري أو الروائي أو في مجال البحوث والترجمة. وقد انسحب هذا الوضع على جائزة "بوكر" (العربية) التي تحمل اسما عالمياً إلاّ أن جل الروايات الفائزة بها بلا أي قيمة على جميع المستويات. والدليل على ذلك أن دور النشر الأوروبية ترفض اصدارها، رغم أن ترجمتها مدفوعة الثمن، لأنها لا ترتقي الى المستوى المطلوب. وبذلك أصبحت جائزة البوكر تسوق لروايات عربية ضعيفة ومثيرة للسخرية والاستهزاء... واللجان المشرفة على هذه الجائزة هي السبب، إذ كيف تمنح الجائزة مثلاً لصاحب أو لصاحبة رواية يتيمة؟ وكيف تمنح لهواة كتابة الرواية من أساتذة الجامعة الذين يعتقدون أن شهاداتهم تخولهم أن يكونوا فرسان الكلمة، وفرسان النقد، وفرسان الفكر؟ كفى عبثاً أيها السادة...
أرجو أن يكون رفض الفيلسوف الكبير يورغن هابرماس، درساً لباعثي مثل هذه الجوائز الرفيعة حتى يعيدوا ترتيب المقاييس، خدمة للثقافة العربية، وليس لخدمة اغراض ومصالح المافيات الثقافية التي استقوت بالمال المهدور لتشيع الانتهازية والفساد الأخلاقي والرداءة الابداعية والفكرية.

وسام سعادة
بشكل عام، أحب هابرماس. لو قبل جائزة الشيخ زايد أو لو رفضها سيّان بالنسبة لي من جهة أني سأحافظ على الانتفاع الفكري نفسه منه، والأشياء التي أدين له بها وقت قراءته، وعلى عناصر التباين نفسها مع طروحه في "الخطاب الفلسفي للحداثة" وعناوينه الأخرى. كل ما هنالك، أني أجد رفض هابرماس لهذه الجائزة منسجماً تماماً مع كونه هابرماس.

رجاء بن سلامة
يورغن هابرماس يرفض تسلّم جائزة الشيخ زايد
قبل هابرماس الجائزة الإماراتيّة، ثمّ رفضها، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان: غياب الحقوق السياسيّة والمدنيّة في البلاد، ومنظومة الكفالة التي تجعل العمالة الآسيويّة في وضع مهين، وأخيراً، المشاركة في التّحالف الذي يؤدّي إلى استهداف المدنيّين في اليمن.
قيمة الجائزة حوالى 262 ألف يورو. لكنّ القِيَم أهمّ من قيمة الجائزة. وحقوق الإنسان هي القيميّة الكونيّة التي تجمعنا والتي يحرص عليها الفيلسوف الألمانيّ.
عالمنا يتغيّر سريعاً. من لم يفهم هذا، يعش بين الحفر.

حسام أبو حامد
تراجع يورغن هابرماس عن سقطته الغريبة حين وافق على قبول الجائزة الإماراتية، وحسناً فعل. لكن من يستحق الإشادة به هنا هي "دير شبيغل"، التي برهنت دور الصحافة النقدي والفاعل الذي ينبغي أن يكون، والتي لم تجامل أهم الرموز الثقافية الألمانية والعالمية حين تساءلت ما إن كان هابرماس يريد ان يكون مجرد دعاية للنظام الإماراتي.

منعم الفيتوري
- لي أسئلة حول نفاق هابرماس:
أولاً، ماذا لو مُنح يورغن هابرماس هذه الجائزة من مؤسسة أميركية أو فرنسية ومعروفة سياسات هذه الدول في المنطقة؟ مجرد نفاق هابرماس لا أكثر ولا أقل، ولماذا رفضها بعدما عرف أنّه سينالها؟! ناهيك عن موقفه العام 2004 من فلسطين، ووصفه للفلسطينيين بأنهم مجرّد إرهابيين، في حين ظلّ صامتًا على ما يفعله النّظام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين! ناهيك أيضًا عن المجازر التي ارتكبها حلف الشّر "الناتو" في ليبيا العام 2011!
ثانياً، المتثيقفون العرب. لمَ تفرحون بهذه الرّفض والاستنكار؟ بالطبع فهو نكاية بالإمارات وبولي عهد أبوظبي. ولمْ تستنكروا ما فعله برنارد ليفي، المفكّر الفرنسي في المنطقة، العام 2011، خصوصًا في ليبيا؟ ألم يكن المنظّر السّياسي والفكري للربيع العربي في الأوساط السّياسيّة والأكاديميّة بأوروبا؟ لمَ لاذَ هؤلاء المتثيقفون بالصّمت وقتها، بل طبّلوا وهلّلوا له وللربيع العربي في المنطقة؟ ما لكم كيف تحكمون؟ وصدق ديكارت حين قال بأنّ كل فعلٍ سيءٍ دائمًا ما يقترفه أحد الفلاسفة.

غسان حمدان
الجماعة اللي فرحانين من فعلة هابرماس هم نفسهم يهنئون هابرماس إذا كان أخذ الجائزة وهم نفسهم اللي يهنئون الكتاب والمفكرين العرب عندما يفوزون بهذه الجوائز...

سعيد ناشيد
لا خطأ في أن يرفض هابرماس جائزة الشيخ زايد، فكثير من الفلاسفة رفضوا الجوائز، لكن الخطأ كل الخطأ أن يرفضها بعدما قبلها، وأن مبرراته لا تجيب بدقة عن السؤال: ما الذي لم يكن يعرفه هابرماس قبل أن يقبل الجائزة ثم عرفه قبل أن يرفضها؟ ما الذي لم يكن يعرفه؟

نجيب بلحيمر
يورغن هابرماس تراجع عن قبول جائزة الشيخ زايد للكتاب التي منحتها له الإمارات.
اتخذ قراره بعدما قرأ مقالاً في مجلة دير شبيغل يلومه على قبول الجائزة، وقد حمل مقال دير شبيغل سؤالاً مفزعاً: "هل يمكن أن يتحول هابرماس إلى أداة دعاية إماراتية، يتم تدريبها على إخفاء وحشية نظام الحكم وراء ستار دخان من المفردات السامية والتألق الثقافي؟".
العالم يقر بإساءة التقدير ويعترف، والإعلام الحقيقي يقوم بدوره في مساءلة الجميع، مسؤولين سياسيين ومثقفين يحملون صورة أمة ويحرسون قيمها.
هابرماس يقرأ بإمعان مقالَ صحافيٍّ لا نعرف اسمه، ويتقبل نقده برحابة صدر، ويتراجع عن قراره بما يشبه الاعتذار عن الخطأ.. درس بليغ لأهل العلم والإعلام عشية اليوم العالمي لحرية التعبير. 
في بلاد أخرى سيطرح السؤال عن قيمة الجائزة.. 225 ألف يورو فقط.

سليمان عبدالله
دير شبيغل تحدثت في نشرتها البريدية صباح اليوم عن تحجج بعض الشخصيات العامة من مثيري الجدل بقراراتهم وتصرفاتهم بـ"ثقافة الإلغاء" لإظهار أنفسهم كضحايا للاستفادة من ذلك في مسيرتهم .. ممتدحة الفيلسوف يورغن هابرماس الذي قرر رفض جائرة "الشيخ زايد للكتاب" عن فئة "شخصية العام الثقافية"، الممنوحة له من الإمارات، والتي تتضمن قرابة ربع مليون يورو ملقبة إياه بـ"فائز اليوم" الذي لم يلجأ بعد انتقاده للتحجج بثقافة الإلغاء لإظهار نفسه كضحية وتبرير قبوله الجائزة في البداية بل صحح موقفه ببساطة..
وتعني ثقافة الإلغاء، التي انتشرت في الولايات المتحدة وأثارت الجدل كثيراً منذ العام الماضي في ألمانيا، الدعوة لمقاطعة الجميع، بمن فيهم المؤسسات، لشخصية عامة كفنان/ة أو عالم/ة... احتجاجاً على موقف سيء منه أو اتهامه بجرائم.
وأشارت "شبيغل" إلى رؤية رئيس المخابرات الداخلية السابق في ألمانيا ماسن (الذي تبين أنه قريب جدا في مواقفه من حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف) وداعميه في الانزعاج العام حول انتخابه كمرشح للبوندستاغ عن حزب المستشارة ميركل في ولاية تورنغن. نوع من ثقافة الإلغاء التي يُزعم بأنها تسيطر على البلاد بأكملها وتؤدي إلى منع قول أمور معينة. وتقول "شبيغل" ساخرة أن ثقافة الإلغاء هذه تخرس الأصوات إلى حد. في حالة ماسن .. أدت إلى انتخابه بالفعل كمرشح للبرلمان. أي أنه لو كان هذا الإلغاء سارياً بالفعل، لكان منعه من الترشح.
ضربت أيضاً مثلاً آخر لتؤكد عدم صحة هذه المزاعم، الممثل يان- يوزف ليفرس، الذي قيل إن ثقافة إلغاء تمارس ضده بعدما شارك في حركة "لتغلقوا كل شيء " التي سوق من خلالها اتهامات مؤامراتية. وأشارت إلى أنه بات ضيفاً على أغلفة الكثير من المجلات التي أجرت مقابلات معه، ومثل حتى في حلقة أمس من مسلسل "تات أورت" الشهير. فأين هو الإلغاء هنا؟
وعادت بالحديث إلى الفيلسوف هابرماس الذي تعرض لانتقاد من "دير شبيغل" نفسها في مقالة بعنوان "هابرماس والبروباغندا الإماراتية" التي أشارت فيها إلى أن منح الجائزة سيشكل نجاحاً دعائياً للإمارات التي يسري فيها حكم استبدادي.. فردّ الفيلسوف بإعلانه تراجعه عن قبول الجائزة، وكانت المجلة قد وصفت قراره السابق بالقبول بالخاطئ، مشيراً إلى عدم استعلامه كفاية في البداية عن العلاقة بين المؤسسة المانحة للجائزة والنظام السياسي القائم هناك. واعتبرت شبيغل عدم قيامه بالتحجج بثقافة الإلغاء، لافتاً للنظر، وتصحيحه لموقفه يستحق التهنئة..
وبينت أن الفيلسوف أوضح أن من قدم له المشورة في البداية ودفعه لقبول الجائزة، هو يورغن بوس، وهو مدير معرض فرانكفورت للكتاب.. ورأت شبيغل أن سبب ذلك قد يعود إلى كون بوس نفسه عضواً في اللجنة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024