أولاً، ماذا لو مُنح يورغن هابرماس هذه الجائزة من مؤسسة أميركية أو فرنسية ومعروفة سياسات هذه الدول في المنطقة؟ مجرد نفاق هابرماس لا أكثر ولا أقل، ولماذا رفضها بعدما عرف أنّه سينالها؟! ناهيك عن موقفه العام 2004 من فلسطين، ووصفه للفلسطينيين بأنهم مجرّد إرهابيين، في حين ظلّ صامتًا على ما يفعله النّظام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين! ناهيك أيضًا عن المجازر التي ارتكبها حلف الشّر "الناتو" في ليبيا العام 2011!
ثانياً، المتثيقفون العرب. لمَ تفرحون بهذه الرّفض والاستنكار؟ بالطبع فهو نكاية بالإمارات وبولي عهد أبوظبي. ولمْ تستنكروا ما فعله برنارد ليفي، المفكّر الفرنسي في المنطقة، العام 2011، خصوصًا في ليبيا؟ ألم يكن المنظّر السّياسي والفكري للربيع العربي في الأوساط السّياسيّة والأكاديميّة بأوروبا؟ لمَ لاذَ هؤلاء المتثيقفون بالصّمت وقتها، بل طبّلوا وهلّلوا له وللربيع العربي في المنطقة؟ ما لكم كيف تحكمون؟ وصدق ديكارت حين قال بأنّ كل فعلٍ سيءٍ دائمًا ما يقترفه أحد الفلاسفة.
غسان حمدان
الجماعة اللي فرحانين من فعلة هابرماس هم نفسهم يهنئون هابرماس إذا كان أخذ الجائزة وهم نفسهم اللي يهنئون الكتاب والمفكرين العرب عندما يفوزون بهذه الجوائز...
سعيد ناشيد
لا خطأ في أن يرفض هابرماس جائزة الشيخ زايد، فكثير من الفلاسفة رفضوا الجوائز، لكن الخطأ كل الخطأ أن يرفضها بعدما قبلها، وأن مبرراته لا تجيب بدقة عن السؤال: ما الذي لم يكن يعرفه هابرماس قبل أن يقبل الجائزة ثم عرفه قبل أن يرفضها؟ ما الذي لم يكن يعرفه؟
نجيب بلحيمر
يورغن هابرماس تراجع عن قبول جائزة الشيخ زايد للكتاب التي منحتها له الإمارات.
اتخذ قراره بعدما قرأ مقالاً في مجلة دير شبيغل يلومه على قبول الجائزة، وقد حمل مقال دير شبيغل سؤالاً مفزعاً: "هل يمكن أن يتحول هابرماس إلى أداة دعاية إماراتية، يتم تدريبها على إخفاء وحشية نظام الحكم وراء ستار دخان من المفردات السامية والتألق الثقافي؟".
العالم يقر بإساءة التقدير ويعترف، والإعلام الحقيقي يقوم بدوره في مساءلة الجميع، مسؤولين سياسيين ومثقفين يحملون صورة أمة ويحرسون قيمها.
هابرماس يقرأ بإمعان مقالَ صحافيٍّ لا نعرف اسمه، ويتقبل نقده برحابة صدر، ويتراجع عن قراره بما يشبه الاعتذار عن الخطأ.. درس بليغ لأهل العلم والإعلام عشية اليوم العالمي لحرية التعبير.
في بلاد أخرى سيطرح السؤال عن قيمة الجائزة.. 225 ألف يورو فقط.
سليمان عبدالله
دير شبيغل تحدثت في نشرتها البريدية صباح اليوم عن تحجج بعض الشخصيات العامة من مثيري الجدل بقراراتهم وتصرفاتهم بـ"ثقافة الإلغاء" لإظهار أنفسهم كضحايا للاستفادة من ذلك في مسيرتهم .. ممتدحة الفيلسوف يورغن هابرماس الذي قرر رفض جائرة "الشيخ زايد للكتاب" عن فئة "شخصية العام الثقافية"، الممنوحة له من الإمارات، والتي تتضمن قرابة ربع مليون يورو ملقبة إياه بـ"فائز اليوم" الذي لم يلجأ بعد انتقاده للتحجج بثقافة الإلغاء لإظهار نفسه كضحية وتبرير قبوله الجائزة في البداية بل صحح موقفه ببساطة..
وتعني ثقافة الإلغاء، التي انتشرت في الولايات المتحدة وأثارت الجدل كثيراً منذ العام الماضي في ألمانيا، الدعوة لمقاطعة الجميع، بمن فيهم المؤسسات، لشخصية عامة كفنان/ة أو عالم/ة... احتجاجاً على موقف سيء منه أو اتهامه بجرائم.
وأشارت "شبيغل" إلى رؤية رئيس المخابرات الداخلية السابق في ألمانيا ماسن (الذي تبين أنه قريب جدا في مواقفه من حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف) وداعميه في الانزعاج العام حول انتخابه كمرشح للبوندستاغ عن حزب المستشارة ميركل في ولاية تورنغن. نوع من ثقافة الإلغاء التي يُزعم بأنها تسيطر على البلاد بأكملها وتؤدي إلى منع قول أمور معينة. وتقول "شبيغل" ساخرة أن ثقافة الإلغاء هذه تخرس الأصوات إلى حد. في حالة ماسن .. أدت إلى انتخابه بالفعل كمرشح للبرلمان. أي أنه لو كان هذا الإلغاء سارياً بالفعل، لكان منعه من الترشح.
ضربت أيضاً مثلاً آخر لتؤكد عدم صحة هذه المزاعم، الممثل يان- يوزف ليفرس، الذي قيل إن ثقافة إلغاء تمارس ضده بعدما شارك في حركة "لتغلقوا كل شيء " التي سوق من خلالها اتهامات مؤامراتية. وأشارت إلى أنه بات ضيفاً على أغلفة الكثير من المجلات التي أجرت مقابلات معه، ومثل حتى في حلقة أمس من مسلسل "تات أورت" الشهير. فأين هو الإلغاء هنا؟
وعادت بالحديث إلى الفيلسوف هابرماس الذي تعرض لانتقاد من "دير شبيغل" نفسها في مقالة بعنوان "هابرماس والبروباغندا الإماراتية" التي أشارت فيها إلى أن منح الجائزة سيشكل نجاحاً دعائياً للإمارات التي يسري فيها حكم استبدادي.. فردّ الفيلسوف بإعلانه تراجعه عن قبول الجائزة، وكانت المجلة قد وصفت قراره السابق بالقبول بالخاطئ، مشيراً إلى عدم استعلامه كفاية في البداية عن العلاقة بين المؤسسة المانحة للجائزة والنظام السياسي القائم هناك. واعتبرت شبيغل عدم قيامه بالتحجج بثقافة الإلغاء، لافتاً للنظر، وتصحيحه لموقفه يستحق التهنئة..
وبينت أن الفيلسوف أوضح أن من قدم له المشورة في البداية ودفعه لقبول الجائزة، هو يورغن بوس، وهو مدير معرض فرانكفورت للكتاب.. ورأت شبيغل أن سبب ذلك قد يعود إلى كون بوس نفسه عضواً في اللجنة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب.