زاهر مروة... الشعر فِطرَتي

المدن - ثقافة

السبت 2019/01/19
أظن أن الشعر متجذر في داخلي بالفطرة، وما زلت أحاول ان اغرف الجيد منه ولكن الطريق ما زال طويلاً. 

الشعر هو طريقة من طرق البوح والتعبير التلقائي وفيه اساليب ملتوية وهو ايضاً مرآة لتطوير الذات، أحب الموسيقى أيضا لكن ربما لم اخترها بعد لانني لم احترفها حتى الآن.

هناك علاقة ملتبسة بيني وبين الشعر والموسيقى، والكمال هو ان اوفق بينهما وانا بدونهما كتلة فراغ فائقة الخفة.

كأن هناك صوت يناديني كي اكتب عند أي موقف او مشهد يستفزني واصبح عاجزاً عن الكلام تماماً، من بعدها يبقى الوصف الأبلغ لدي هو النص الذي اكتبه ثم يدخل في ارشيف الذكريات. الكتابة بالنسبة اليّ هي طريقة لرسم او تصوير مشهد او لحظة معينة تعجز عن ان تلتقطه الكاميرا! ولكنها تتوقف على المزاج...

أكتب بشكل متقطع ولست غزير الانتاج، فمجموعتي الشعرية التي صدرت هي لقصائد كتبت منذ العام ٢٠٠٣ وايضاً طبيعة عملي لا تسمح لي بالكتابة بشكل دائم. 
اكتب احياناً وانا امشي في الشارع او وفي الحمام او وانا في السيارة، أدوّن افكاري عندما يأتي الوحي اينما كنت على هاتفي الجوال واحياناً قليلة على الورق.

احببت الشعر منذ الصغر، وكتبت الشعر في الحادية عشرة وفي صف الباكالوريا تعرفت على الشعر الجاهلي والشعر العباسي وبدأت الرحلة..
كنت اقرأ جميع انواع الشعر، وبالرغم من تأثري الشعر الكلاسيكي اكتب الشعر النثري الحر المتفلت من جميع قيود القافية الوزن، وهذا يجعل التعبير اقوى برأيي.

تأثرت بالمتنبي، ابي العلاء المعري، ابي النواس، أحمد شوقي، محمود درويش، بدر شاكر السياب، انسي الحاج، سليم بركات وسركون بولوص.. ومن الاجانب إدغار الان بو، فرناندو بيسوا، تشالز بوكوفسكي وشاعر وكاتب انغولي اسمه مانويل روي. 
انا اكره تسميتهم "زعماء" بالتأكيد قرأتهم واحترمهم، لكن لا ادري مدى تأثري بهم. فالتحدي الدائم مع نفسي هو ان اتخطاهم.

على رغم من تراجع نسبة القراء بشكل عام، وقراء الشعر بشكل خاص، أعتقد ان الشعر ما زال قادراً على التعبير عن الافكار والهواجس ما دمنا قادرين على تطويره وتطويعه مع الزمن والحداثة، للاسف انه فقط بعض انواع الشعر تلقى الترحيب من الجمهور وذلك النوع الذي تستعمله الديماغوجية السياسية والدينية. اكره الشعر الخطابي وشعر المنابر يصيبني بالغثيان... اظن ان هناك فضاءات كثيرة ما زالت متاحة داخله قابلة للتطوير ويبقى الاهما لتخلي عن التعقيد واتباع البساطة للوصول الى القراء بسلاسة. رغم التهافت حالياً على الرواية مازال هناك فسحة بالشعر التي علينا ان نعمل عليها فالشعر يحمل داخله الف رواية.

النشر هو افضل حدث قمت به بعد عودتي الى لبنان من انغولا التي اقمت فيها 12 عاماً حيث لم تكن فرصة النشر متاحة قبل ذلك، وكانت تجربة جيدة تعلمت منها الكثير، انا سعيد بتعاوني مع دار النهضة الذين هم من اوائل المشجعين والناشرين للشعر حالياً.

(*) مساهمة زاهر مروة في ملف "الشعراء الجدد... لماذا أتيتم إلى الشعر؟"، وهو كان أصدر مجموعة "هذا النفق ليس للأبد" عن دار النهضة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024