عُدي أتاسي لـ"المدن": الحدث الراهن قد يكون مقتلة الفنان

عمر الشيخ

الثلاثاء 2020/03/10
اخترع منذ أيام لوحاً خشبياً ليضعه على مقود سيارته ويثبته بشكل دائم للخروج إلى الطبيعة مهما كان الطقس، والامساك بالحياة عبر دفق لوني يشبهه، عدّة الرسم دائماً معه.. عدي أتاسي المولود (1962- حمص) فنان سوري تخرّج في كلية الفنون الجميلة في دمشق العام 1987، ثم انتقل للعيش في قبرص إلى اليوم.


في رصيده عشرات المعارض الفردية والجماعية في دول عديدة منها المجر، اليونان، تركيا، سوريا، رومانيا، ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا. في العام 2006 فاز بالجائزة الأولى في المسابقة الفنية لتصميم وإنشاء عمل فني لمبنى المحكمة العليا الجديد في نيقوسيا، وتنتشر أعماله الفنية حول العالم وفي مجموعة خاصة.

أتاسي، الذاهب نحو حياة تزخر بالتجريب والسفر والكتابة والأنشطة الثقافية والاجتماعية، نتوقف معه اليوم في هذا الحديث الخاص لـ"المدن" عن الذات والتجربة وبعض تفاصيل يومياته:

  • أكثر من ثلاثة عقود قضيتها في جزيرة قبرص، ماذا بقي من الهوية السورية، ثقافة وثورة وذاكرة؟

قبرص بالنسبة لي هي إيثاكي بالنسبة الى أدوديسيوس، هي منعطف مهم في حياتي الشخصية والتشكيلية، كأني وعيت ونضجت وجربت وحاربت على أرض هذه الجزيرة المتوسطية، اكتسبت معارف وخبراتٍ كثيرة، هويت الى حضيض الحضيض وصعدت أعلى القمم، ثلاثة عقودٍ من خمسة هي مسار حياتي الأرضية، قضيتها في معمعة كبيرة اسمها الغربة، أنهكتني أول ما وطئت أرضها التفرقة العنصرية والدينية، لكني حاربت وقاومت حتى لا أُستلبَ كغيري الكثير، وحافظت على ما يشبه الهوية السورية، وما الهوية؟ أشكّ في معناها الأيديولوجي والديني والقومي، حافظت على هويةٍ سوريةٍ بمعناها الأنقى والأعلى والأصدق، هويتي كإنسانٍ له انتماء جغرافي معين كمكان المولدِ، لكن هويتي كإنسان هي هويتي كسوري وكقبرصي وكإنسانٍ كوني ينتمي الى كرةٍ أرضيةٍ، منبتنا عليها واحد ونهايتنا واحدة.

ثقافتي متنوعة الى درجة كبيرة بحكم إقامتي على أرض جزيرةٍ تعج بغير السوريين طبعاً، ساعد في تنمية ثقافتي الكونية، اختلاطي بأجناس وأعراق مختلفة، وما أسفاري إلا رحلة بحثٍ عن أناي المختلطة بأنواتٍ كثيرة، علني أجد أجوبةً عن أسئلتي العويصة. حاولت ولسنواتٍ عديدة أن أقصي نفسي عن الاختلاط بالسوريين على ارض الجزيرة، لأنه وكما كان سائداً حينها بأن كتبة التقارير هم أقرب الناس إليك، وما أكثر التقارير التي كتبت بي. إلى أن أتى اليوم المبارك المنتظر والمنشود يوم الحادي عشر من آذار2011 وهو اليوم الذي انتظرته طويلاً إلى حد اليأس، لكنه أتى مبشراً بغدٍ أجمل وأنقى وأقل كراهية وأكثر محبة وعدلاً وحرية، حينها أحسست بعظمة السوريين وبشدة بأسهم وبقرفهم ويأسهم من أي تغيير سيحصل في سورية، سورية التي هجروها مثلي بحثاً عن حرية وعدلٍ وغدٍ أفضل لهم ولأطفالهم، وكم انتشت روحي حين ذاك فكنت من أوائل الذين حملوا لافتاتٍ تندد بالنظام أمام سفارته وكر المخابرات والجاسوية، وكنت حينها خارجاً من محنة إصابتي بسرطان في كليتي اليسرى، وبالكاد كنت أقوى على السير أو ترداد شعارات التنديد بالنظام وطائفيته وعنفه وعهر موظفي سفارته. فكنت المنسق مع مجموعة من سوريي الجزيرة الذين هبوا ووقفوا معاً لإخراج المظاهرات الألفية وكتابة اللافتات والشعارات التي تندد بالأسد ونظامه القمعي الرجيم. نعم أحسست بسوريتي تنتعش وأعدت ارتباطي بالجالية السورية الحرة وأسسنا تنسيقة قبرص للثورة السورية وذهبنا الى آخر ما تتيحه لنا الروح الثورية من مظاهرات ولقاءات مع وزراء ونواب من الحكومة القبرصية كي تقطع علاقاتها الديبلوماسية مع نظام الأسد.

  • هل تستطيع أن تذكر لنا أبرز الانعطافات التي شعرت أنها غيرتك في تجربتك التشكيلية أو أشارت لها الدراسات النقدية ومن حولك، بتحول هام؟

مازلت ألهو وأتمتع بالرسم كما كنت ألهو وأتمتع وأنا طفل صغير، أجرّب وأذهب في التجربة بعيداً إلى أن أملَّ محاولاً البحث عن تجربة تثير المخاض والمخاوف والقلق في روحي، فمن التأثر بالأب الروحي الفنان الراحل لؤي كيالي والفنان الراحل، أستاذي فاتح المدرس في مراحل الدراسة الأكاديمية الأولى إلى إيغون شيلي ومعلمه غوستاف كليمت المُعَلِّم المَعْلَم إلى أوسكار كوكوشكا وهؤلاء الثلاثة النمساويون غرفوا من فلسفة فرويد الروحية وأوغلوا في مجاهل تحليله النفسي الى أقصى ما يتح ذلك من بحثٍ وتنقيب في مجاهل النفس البشرية وانفعالاتها وتناقضاتها وهواجسها وقلقها المبدع. إلى أن وصلت بعد جهدٍ وتعب إلى "تجربتي الخاصة" والتي تعتمد على الدفقات الأولى لعملية الإبداع والتي ربما تبدو للوهلة الاولى انفعالية أو طفولية لكنها مقصودةٌ حتماً ومتغيرة بتغير الهاجس والقلق، وتتوزع بين الوجوه وتجلياتها وبين المقاهي وعوالمها المتغيرة الثابتة، المزهوة بالغياب/ الحضور لبشرٍ تركوا ظلالهم على الكراسي والطاولات وفناجين القهوة وكؤوس الماء، والتي كانت وما زالت موضوعي اليومي الأثير، إلى الرموز وغموضها المبهر وبين البنائية الهندسية الغير متناظرة بألوانٍ منسربة من ذاكرتي عن بلدٍ ملونٍ بالمحبة لكنه بلدٌ مهجوس بالقلق، متآلفٌ ومتناقض.

أما تجربتي المستمرة منذ عامين "العالم الخفي للكلمات"، والتي مازلت عند رسم وتلوين أي عمل منها أتمتع كأني أرسم وألون للمرة الأولى، فهي تجربة متفردة ومميزة لأنها نتاج تفاعلي بيني وبين الأصدقاء، حيث أدعوهم لكتابة ما يشاؤون بقطارة الحبر الصيني الأسود على ورق بقياس موحد42- 30 سم، سائلاً إياهم عن لونٍ واحدٍ يحبونه، بعد ذلك أتدخل متفاعلاً مع كلماتهم عبر تمرير سكينة الرسم فوق الحبر الذي شكّل كلماتهم بشكل لطيف وعشوائي والحبر مازال سائلاً، لنجد أن الكلمات قد تحولت إلى أشكالٍ مختلفة لها حيواتٌ تخص شخصية كل من تفاعل معي.

إنها تظهر عوالمهم الخفية، عوالم كلمات المنطوقة والمكتوبة، تلك الكلمات التي تخيلوها قبل البدء بالكتابة، وهي بعد كأفكار تجريدية تتجسد في العقل الواعي واللاواعي، ومن ثمة تجسدت بأشكال وحروف مترابطة تدل على معانٍ معينة. وظيفتي هي إظهار تلك العوالم الخفية لما تعنيه كلماتهم، حيث تتحول كل كلمة وحرف إلى شكل مجرد يمكن أن يكون له علاقة بما كتبوا أم لا.

هو التجريد المطلق لمحتوى الكلمة أو الحرف وخلق عوالم خيالية تخفيها الكلمات بين حروفها، هذا العالم اللامتناهي من الأشكال هو ما يثير فضول الطفل المبدع في داخلي. من ثمة أبتدئ بتلوين الفراغات الخفية التي تشكلت بين الكلمات أو أشكال الكلمات بعدما تحولت إلى أشكال خرافية، تجريدية، طفولية الملامح غير خاضعة لسلطة العقل ولا المنطق اللذان يحدان من انحرافها عما تعلمناه أو فهمناه أو أدركناه لما تعنيه الكلمات أو الحروف. هذه التجربة هي من ألعاب العقل والقلب معاً، تناغم الأضداد.

للأسف لا يوجد في جزيرة قبرص نقاد حقيقيون للفن التشكيلي وهذا نقص مريع لأنه يحولنا إلى كائنات منعزلة يبحث كل منها عن مخرجٍ لوحده، متخبطون في لجج السوق والعرض والطلب وجشع صالات العرض وقلة جامعي اللوحات ذوي الذائقة التشكيلية الراقية.

  • - هل تؤمن بالإلهام؟ ولماذا؟

يقول العالم السويسري غوستاف يونغ مؤسس علم النفس التحليلي: إن المظهر الإبداعي للحياة الذي يتجلى ناصعاً في الفنون، يستعصي على كل محاولات الصياغة العقلية، وذلك لأن أي رد فعل على مثير من المثيرات يمكن تفسيره سببياً بيُسر، أما الفعل الخلاق، فهو النقيض الكامل لرد الفعل المحض، فسيظل للأبد مستعصياً على الذهن البشري.

 من وجهة نظري الخاصة، عندما يتحول إبداع المبدع إلى عملٍ يومي ومثابرة، لن يكون بحاجةٍ إلى الإلهام بل إلى "الدافع" لأنه يعرف أين يوجد كنز الإبداع والإلهام وما عليه سوى الذهاب إليه متى شاء ليغرف منه ما يريد، ليتحفنا بعد ذلك بمنتجه الإبداعي على اختلاف أنواعه.


  • إلى أي درجة تعتقد أن الفن التشكيلي يستطيع أن يصنع شراكة مع الناس لجهة التأثر بالحدث الراهن "الربيع العربي" مثلا؟

باعتقادي الفن هو وجهة نظر شخصية تجاه الكون وما يحتويه من تناقضات وتجاذبات وخيبات وانتصارات، ويمكن له أن يكون شخصياً جداً منغلقاً على ذاته مثل دعاة الفن للفن، أو أن يكون تشاركياً مع بيئته وما تحتويه من عناصر تغنيه وتضيف إليه كما تضيف للواقع عملاً إبداعياً يمثل الحالات الاجتماعية والثقافية والفكرية للمجتمع، والحدث الراهن يمكن أن يكون مقتلة للفنان إذا آتاه مباشرة، أو أن يكون ذا طابع تعبوي ورؤيا سياسية للفنان. كما شاهدنا في لوحات كفرنبل التي تعبر عن وجهة نظر الفنان المرتبط بمحيطه وهي أقرب لفن البوستر أو الكاريكاتير الذي عبر من خلاله كثير من الفنانين عن وجهات نظرهم "الترجيدوكوميدية" الساخرة من واقع الثورة السورية ومآلاتها المختلفة.


  • ما هي قراءتك للعمل الفني، الخاص بك، بالنسبة لك حين يكون بين يديك ثم يذهب إلى العالم؟

سؤالٌ مهم يا صديقي، عملي الفني هو عبارة عن اختباراتٍ ذاتية لمقدرتي على التواصل مع هذا الكون ومدى مقدرتي على مقاربة الأحداث بشكلٍ غير مباشر، أكثر رمزية وبحثاً عما وراء الأحداث لا عن الأحداث ذاتها، ومن منطلقٍ شعريٍ يقول الأشياء ولا يقولها.

يمكنني القول إن بوصلتي الشعرية هي التي حددت اتجاهي التشكيلي، خرابي وهزائمي وانتصاراتي، عمقي وسطحيتي، غموضي ووضوحي، خبراتي الحياتية والتجريب المتواصل والعمل الدؤوب كلها عوامل أغنت رؤيتي التشكيلية وأضافت وما زالت تضيف لها الكثير. وحين أنتهي من لوحة ما أو اسكتش أو دراسة، يبتدأ العقل الناقد والعين الخبيرة بإضافة أو حذف مفردات تشكيلية منها، حتى إذا أحسست بتمام العمل "وما من عملٍ تام" أدرت وجه لوحتي الى الحائط لأني أعرف بأنها أنثى متطلبة جداً تريد المزيد دائماً وهذا مرهق أحياناً، حينها أقبلها وأقول لها وداعاً أنت مُلك الآخر الآن، أتمنى أن نلتقي قريباً...

  • هل تعتقد أن انتظام الظهور في معارض فردية يجعل الفنان على تماس مستمر بالآخر، مثلاً عادة ما نراك تشارك في معارض مشتركة ببعض الأعمال الجديدة، أتراك لا تذهب نحو موضوعة ما للاشتغال عليه بأعمال عديدة؟

مشاركاتي قليلة يا صديقي، وذلك لقلة الطلب على اقتناء الأعمال التشكيلية الجادة للأسف في هذه الجزيرة إلا القليل أو ربما النادر من مقتني الأعمال التشكيلة وذلك عائدٌ للحالة المادية غير المستقرة بعد الهزة المالية الكبيرة التي ألمّت باقتصاد قبرص وبعد إفلاس العديد من البنوك، ما أدى لتراجع مخيف في بيع الأعمال وبالتالي إلى تراجع كبير في أعداد الزوار. بالتأكيد إن انتظام الظهور في معارض فردية أو جماعية، هو رسالة للمتلقي بأني مازلت على قيد الإبداع وبأني مستمرٌّ رغم كل الظروف الصعبة على تسلق جبل سيزيفوس الإغريقي وعلى ظهري صخرة الإبداع الثقيلة، وسأوصلها يوما ما الى القمة.

أما عن الموضوعات فأنا لا ألتفت كثيراً إلى موضوع اللوحة بقدر التفاتي واهتمامي بالتجريب والمتعة الخالصة التي تهبني إياها الألوان والخطوط والتكوينات العقلانية أو العاطفية والتناص في ما بينها، أما إذا شئت تأطيري فضعني في خانة التجريب اللانهائي، فمثلاً تأسرني الطبيعة فألج إلى أعماق أعماقها مستأنساً بتناغماتها، فتراها تنتقل بعفوية إلى أعمالي عبر اللون والخط والتكوين والحركة والسكون وإلخ، تأسرني الموسيقى، فأذهب عميقاً في تجلياتها باحثاً عن ذاتي في غياهب أوقيانوسها المطلق. تسحرني الوجوه وتجليات العواطف المختلفة فتراني دؤوباً اتغلغل إلى ما وراء أقنعتها لأنقل عمق معاناتها والتي هي بالنهاية مزيج بين معاناتنا معاً. أما عن الحروف والكلمات فلها كما أسلفت في جوابٍ سابق قصةٌ عشقٍ كبيرة. فكما ترى هنالك موضوعات ليست كالموضوعات السائدة أو التي يتطلبها السوق، هي خاصة بي جداً ومزيجٌ من تراكمات كثيرة لخبرات وتجارب وومضاتِ إلهامْ.

  • في أعمالك الأخيرة شاهدنا الكثير من البيوت الملونة في أشكال وتكوينات متقاربة، وكأنها عائلة تبحث عن صوتها، لكثرة ما ترسم مقترحات من ذاك المناخ اللوني، ما الدافع الفكري والنفسي وراء زحام المنازل – الأمكنة؟

نعم هذه تجربتي الأخيرة، هي خلق مناخٍ عام مبنيٌّ من هدمٍ كثير، هي فلسفة إهدم لتعمّر، اخرب وافلش الأشياء، البيوت، الأنهار، العصافير، البحار والسموات لأجمعها من جديد في إطارٍ يليق برؤاي الطفولية، تجربة الأحبار والألوان المائية هي من أصعب المواد التي يمكن للتشكيلي أن يستخدمها فلا مجال هناك للخطأ، الهامش معدوم، إما أن تكون أو لا تكون، هذا هو عشقي للتحدي والصبر والمثابرة، والزحام هو هو، زحامٌ في رأسي للأفكار والوساوس والقلق والهجس والبحث عن عملية الخلق كأني مايسترو، أقود فرقةً من ألوان وأحبار وتكوينات مرتبطة ربما بما يدور في رأسي من جدلٍ عن ماهية أو عن جدوى أن تكون مبدعاً لك طريقة مختلفة عن الآخرين صقلتها تجاربك وأوصلتك إلى مكان لا تقبل أن تكون أقل من شبه كامل.

  • تقضي بعض وقتك في المقاهي أو الغابات أو الطرقات، تلتقط تفصيلاً من الحياة اليومية وتعيد تشكيله، أهو نوع من كسر نمطية عزلة الفنان ومحاولة النظر إلى الحياة عن قرب والاحتكاك بتقلبات أهلها؟ هل تشرح لنا هواجسك عن ذلك؟

هي محاولة الخروج من إطار المرسم المغلق إلى رحابة الخارج المليء بتفاصيل لا يمكن استحضارها غيباً بل عن طريق المشاهدة والمعاينة الميدانية والاحتكاك المباشر بما يجري حولي، والمقهى هو جزء من تكويني وثقافتي السورية، هو مرتبط بذكريات حميمة، قاسية ولطيفة، يحضرني المقهى بقوةٍ وشغفٍ لا نظير لهما حين أغمض عيني، فالكراسي والطاولات وظلال الناس التي مرت وبكت وضحكت، عشقت أو انفطر قلبها، هذه الكائنات المليئة بكل تناقضات الأرض، هي مادةٌ ثريةٌ لي، متحولة دائماً لاتشبه بعضا أبداً، وهذا بالنسبة لي هو الدافع كي لا أملَّ من العمل وذلك لايتم إلا عن طريق المشاهدة المباشرة والتفاعل الآني.

  • - أحياناً تكتب نصوصاً شعرية، وربما لديك كتاب جاهز للطبع، هل ضاقت عليك الألوان لتعبر عن ذاتك بالكلمات، ألا ترى معي أن تعدد أبواب الابداع بالفنان يجعله أقل قدرة على التواصل مع فنه بأدوات التشكيل؟

ربما يا صديقي، لكن الشعر بالنسبة لي هو مفتاح التشكيل والتشكيل هو حامل الشعر، كلاهما ينهل من ذات النبع، وما أجمل أن تنقل القصيدة الى اللوحة أو ترسم بالكلمات ما عجزت اللوحة عن إيصاله.

هما توأم، الإثنان ولدا في رأسي معاً، يعشق أحدهما الآخر إلى حد الهوس، وحين تنشب حرب بينهما أحياناً، أدخل كحكم بينهما لفض الاشتباك عن طريق القراءة أو متابعة فيلم ما، أو الذهاب إلى حفلة موسيقية، أي أقصي ذاتي العارفة عن هواجسهما وقلقهما كيما أكتسب بعض الوقت للبدء في رحلة البحث والاكتشاف والإبداع من جديد وأعيد التناغم لهذين القطبين العاشقين لبعضهما البعض.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024