"بيت بيروت" يجمع المحافظ بطلاب اليسوعية: كيف نرتقي بعاصمتنا؟

وليد حسين

الخميس 2019/03/28
كان من المفترض أن تكون جلسة مساءلة من طلاب في "جامعة القديس يوسف" مع محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب، إلا أنها تحوّلت إلى جلسة مساءلة عامة من قبل الحاضرين والمهتمين. فالمواضيع الكثيرة التي طرحها الطلاب على المحافظ، وردوده الممنهجة، وطروحاته عن محاولاته الحثيثة لمعالجتها، شجّعت الحضور على طرح الأسئلة، مستغلين فرصة وجود رأس هرم السلطة الإدارية للمدينة، خصوصاً أنّ معاناة سكّان العاصمة مع مدينتهم متشعّبة، ومتعدّدة. وأتت الجلسة تحت عنوان "المشاركة الإيجابية للشباب في العمل السياسي"، وهي باكورة التعاون بين "المركز المهني للوساطة" في "الجامعة" مع "حملة تحرّك"، في مبنى "بيت بيروت" يوم الأربعاء 27 آذار.

تواصل ايجابي
لم يكتف الطلاب الذين خضعوا لدورات تدريب على "ثقافة المشاركة الإيجابية، وكيفية التواصل مع المسؤولين بطرق فاعلة"، بطرح الأسئلة على الإدارة المختصّة (وفي هذه الحالة محافظ بيروت)، بل حاولوا انتزاع الوعود، لمتابعة الملفات والأنشطة أمام الرأي العام الحاضر في الجلسة. فكانت الجلسة اسماً على مسمى، ليس لناحية معرفة الطلاب بحقوقهم وواجباتهم وواجبات المسؤولين تجاه المواطنين وحسب، بل لناحية "تطبيق أسس التواصل الحوارية غير العنفيّة" التي تدربوا عليها مع المسؤول المعني، آخذين بالاعتبار أن فعالية تحقيق المطالب تفترض تمكّنهم من توجيه الأسئلة إلى السلطات المعنية بتحقيقها، وذلك من خلال الاطلاع على دور ومهام تلك السلطات. وإسوة بالطلاب، راح الحاضرون يطرحون الأسئلة على المحافظ شبيب وخصوصاً تلك التي تعنى بالشأن العام للمدينة.

لا مبالاة الشباب
لم يخفِ شبيب هواجسه من عدم اكتراث جيل شباب ما بعد الحرب بالعمل السياسي، وإحجامه عن المشاركة بالشأن العام، لتحسين نوعية الحياة. فتدهور مستوى الخدمات وشعور الشباب بعدم القدرة على التغيير، جعلا جيل ما بعد الحرب لا مبالياً بالشأن العام. كما أنّ الفوضى العمرانية، التي أتت بعد الحرب، وعدم الأخذ بالاعتبار التخطيط المديني المرتكز على رؤية استراتيجية، أدت إلى تشوّه عمراني، وانعكست أيضاً على معاناة العاصمة من زحمة سير خانقة، وأثّرت على الشؤون الحياتية للسكان. ولكونه عازماً في محاولة حلّ مشاكل العاصمة، وتحسين أوضاع السكّان، خصّص المحافظ يوم الجمعة من كل أسبوع لاستقبال المواطنين، وتلقي الشكاوى للعمل على حلّها بشكل فوري. أما لناحية مشاركة الشباب في الحياة العامة للعاصمة، فقد أبدى حماسة للقاء بهم من أجل الوقوف عند هواجسهم ومشاركتهم الأفكار والمخططات التي وضعها، للاستفادة من خبراتهم في تحسين المدينة وشروط العيش فيها.

خطط عمل
في معرض رده على استفسارات الطلاب، كشف شبيب عن خطة عمل باتت في مراحلها النهائية، من شأنها تحسين مشاركة الشباب في العمل التطوعي، الهادف إلى النهضة بالعاصمة، وذلك بالتعاون مع الجامعات. فعلى مستوى تدارك كوارث سقوط المباني القديمة المتهالكة، في بيروت، ستستعين البلدية بطلاب الجامعات لإجراء مسح ميداني يشمل جميع أحياء المدينة. كما هناك توجّهاً للاستفادة من الشباب للتطوّع في تنظيم السير، بالتعاون مع وزارة الداخلية، واعداً بإطلاق "نواة" شرطة بلدية بيروت في مطلع نسيان المقبل، خصوصاً أن جهاز الشرطة موجود على الورق وحسب، كون عناصر الشرطة الحاليين هم حراس المباني العامة، وليس من مهامهم تنظيم السير أو القيام بالأعمال الموكلة على عاتق شرطة البلدية، كما هي حال جميع البلديات.

بيروت الصديقة للجميع
أما على مستوى حقوق الأشخاص المعوقين، في الوصول إلى جميع الأماكن بكرامة واستقلالية، فأكّد شبيب أنه منذ توليه مهامه في العام 2014، تشدّد في فرض القانون على جميع المباني قيد الإنشاء، وهناك دراسات وضعت لكيفية تأهيل تلك القديمة غير المجهّزة. هذا فضلاً عن إشرافه المباشر على بناء الأرصفة كي تكون صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة. وقد بدأ بتنفيذ مخطط للتجوال مشياً على الأقدام، يشمل جميع شوارع العاصمة، برفقة مهندسين ومتعهدين، بهدف إعادة بناء أرصفة متجانسة وموحّدة، وتوسعة المساحات الخضراء، وصولاً إلى جعل بيروت عاصمة صديقة للمشاة.

التمهل في ملف المحارق
استفسارات كثيرة ومطالب أكثر، حاول شبيب الإجابة عليها، بشكل علمي وواقعي، مطلقاً نداء لجميع سكّان العاصمة بعدم التردد في طرق بابه، كل يوم جمعة، لتسوية مشاكلهم العالقة مع الإدارة. ولم يتردد في إطلاق وعود بملاحقة المخالفين، في حال تبيّن أن ثمّة معرقلين أو عدم وجود متابعة فاعلة من قبل المعنيين.

على مستوى متابعة ملف المحارق، التي تعتزم بلدية بيروت إنشاءها، تحت مسمّى معامل التفكّك الحراري، وعد شبيب بمتابعة الملف والوقوف عند هواجس المعترضين. فقد تمّ تكليف شركة عالمية لوضع دفتر الشروط. وسيأخذ بالاعتبار جميع الشروط البيئية وصحّة المواطنين، واعداً بعدم التسرّع في هذا المجال. وشدّد على أنه لو لم يؤخذ بالاعتراضات، التي يبديها المواطنون والناشطون البيئيون، لما تأخر وضع دفتر الشروط. فالأخير ما زال قيد الدرس والتمحيص، مبدياً استعداده لخوض نقاشات عامّة، يكون فيها مواطناً ضمن الحضور لتوجيه أسئلة إلى أعضاء المجلس البلدي، حول الهواجس من خيارات معامل التفكك الحراري.   

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024