المستقلون المتمرّدون يكتسحون انتخابات "الثانوي".. والأحزاب تفقد السيطرة

وليد حسين

الخميس 2021/11/25
رغم أن انتخابات رابطة أساتذة الثانويين تعتبر من أصعب الانتخابات التي يمكن للقوى المعارضة والمستقلين خوضها، بسبب سهولة الضغط على الأساتذة من الأحزاب، إلا النتائج التي صدرت إلى حد اليوم تشير إلى اكتساح واسع للمستقلين بمواجهة أحزاب السلطة. 

سيطرة الأحزاب
تجري الانتخابات في كل ثانوية على حدة، وجميع الأساتذة يعرفون بعضهم البعض، والمدراء يملكون اليد الطولى في تحديد خياراتهم الانتخابية. وهذا ما يسهل على أحزاب السلطة السيطرة عليهم. فمن السهل معرفة تصويت كل أستاذ لأي مندوب مرشح، بسبب حصر الانتخابات في الثانوية. ورغم ذلك اقترع الأساتذة لمندوبين مستقلين لتمثيلهم في انتخابات الهيئة الإدارية الجديدة للرابطة، التي يفترض أن تجري بعد نحو شهر.

الأساتذة المستقلون
وبدأت الانتخابات في الثانويات منذ عشرة أيام وتنتهي في نهاية الشهر الحالي. وإلى حد الساعة، جرت الانتخابات في نحو 80 بالمئة من الثانويات في لبنان، وسط تقدم واضح للأساتذة المستقلين، سواء الأساتذة الذين ترشحوا بشكل منفرد أو من خلال قوى المعارضة المتمثلة بالتيار النقابي المستقل، ولقاء النقابيين الثانويين، أو مجموعة لجان الأقضية. وكان لافتاً حضور الأخيرة في كل المناطق. ومرد الأمر إلى أن هؤلاء الأساتذة من الجيل الشاب الذي دخل إلى الملاك منذ نحو ثلاث سنوات، بعد نضال مرير لتثبيتهم، وشكلوا حينها لجاناً لمتابعة قضيتهم، واستمر التواصل بينهم في كل المحطات النقابية التي حصلت في السنتين الأخيرتين. 

تأثير قرار الرابطة
أثرّ قرار رابطة الأساتذة بفك الإضراب رغماً عن إرادة الأساتذة في الانتخابات الحالية. فقد سبق وصوّت الأساتذة على رفض التقديمات التي وعدت بها وزارة التربية والاستمرار بالإضراب، لكن الهيئة الإدارية للرابطة خالفت تصويت الأساتذة بالجمعيات العمومية وقررت فك الإضراب. وفتحت الثانويات أبوابها بعد رفع "الهيئة" الغطاء النقابي عن الإضراب، فاضطر الأساتذة للذهاب إلى الثانويات منصاعين، رغم أن راتبهم بات لا يكفي حتى لشراء البنزين لسياراتهم. وأحدث الأمر غضباً عارماً في صفوف كل أساتذة لبنان وحتى الحزبيين منهم. وانعكس الأمر في الانتخابات الحالية، التي تنتهي بعد خمسة أيام. 

اكتساح كبير
إلى حد الساعة يؤكد الأساتذة الناشطين بأن هناك اكتساحاً كبيراً للمستقلين في الثانويات. ففي البقاع بشكل عام، من الهرمل حتى راشيا، تشير التقديرات إلى فوز المستقلين بنحو 65 بالمئة من الأصوات. ورغم بقاء سيطرة الثنائي الشيعي على مندوبين في البقاع، إلا أن المستقلين والقوى الأخرى، مثل القوات اللبنانية، التي كان لها موقف نقابي مختلف عن كل أعضاء الرابطة، اكتسحوا المقاعد. وهذا بخلاف منطقة صور في الجنوب، التي لم ينجح فيها إلا بعض المستقلين، وسط سيطرة تامة للثنائي الشيعي. ورغم ذلك أظهرت نتائج الثانويات أن المستقلين حصلوا على نحو أربعين بالمئة من الأصوات. وهذا دليل على رفض الأساتذة لخيار الثنائي الشيعي في الرابطة. والأبرز في نتائج الجنوب أن عضو الهيئة الإدارية فؤاد إبراهيم، نجح بفارق صوت واحد في ثانوية كفرا، بمواجهة المستقلين. 

في النبطية وفي مرجعيون وضع المستقلين أفضل من صور. فقد نجح العديد من الأساتذة بمواجهة الثنائي الشيعي. أما في صيدا وفي بيروت، فقد حقق المستقلون نتائج غير متوقعة وسط تقدم بارز لهم بين الأساتذة. وكذلك اكتسح المستقلون منطقتي عاليه والشوف. 

تكسير المدرسة
وشكا الأساتذة من ممارسة الأحزاب والمدراء ضغوط كبيرة عليهم في مناطق عدة. حتى وصل الأمر ببعض المدراء في صور إلى الطلب من الأساتذة تصوير ورقة الاقتراع خلف الستار لمعرفة لمن اقترعوا. وهذا شبيه بممارسات الأحزاب الذين يشترون أصوات الناخبين في الانتخابات النيابية والبلدية. ووصل الأمر بمدير ثانوية غوسطا، في كسروان، إلى كتابة تهديد مشين تداوله الأساتذة، قال فيه أنه سيحطم المدرسة على رأس الأساتذة إذا لم ينتخبوه. وفاز من خلال ترهيب الأساتذة.  

تنتهي الانتخابات بعد خمسة أيام وتصدر النتائج النهائية. لكن بعد الانتهاء من نحو 80 بالمئة من الثانويات في لبنان، أثبتت الانتخابات تقدم المستقلين بشكل واضح. وسيكون المندوبون المنتخبون (قد يصل العدد إلى نحو 530 مندوباً) أمام خيار انتخاب هيئة إدارية جديدة للرابطة، بعد نحو شهر. والأخيرة -في حال أحسن المندوبون اختيارها- بإمكانها العودة إلى الإضراب والمطالبة بتحقيق مطالب الأساتذة. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024