مشروع "بلديٌ" حالم لإعمار مرفأ بيروت.. إلى حدّ الوهم

نادر فوز

الجمعة 2021/04/16
بعد إعلان المشروع الألماني لإعادة إعمار مرفأ بيروت ومنطقة مار مخايل، وبعد ما يشار إليه من مشروع فرنسي للمرفأ المنكوب، يخرج إلى العلن تصوّر لبناني أول لمسرح جريمة 4 آب. فيتقدّم المهندس شربل أبو جوده بمشروعه.
هو تصوّر، يمكن القول إنه "بلدي"، يعيد رسم شكل المرفأ ومحيطه. مخطّط حالم إلى أبعد الحدود، تتضمّنه شبكة قطار تجاري باتجاه البقاع. كما يشير أبو جوده في اتصال مع "المدن"، إلى أنه يتم العمل مع مهندسين ومتخصصين آخرين لتقديم مشروع متكامل لإعادة إنعاش اقتصاد لبنان انطلاقاً من المرفأ المدمّر. ويلفت إلى أنّ مشروع إعادة الإعمار الذي يقدّمه يتكامل مع تصوّرات أخرى يتم العمل عليها، كمثل تشييد جسور بحرية وشبكة قطارات تربط طرابلس بالناقورة، مروراً ببيروت وصيدا والنبطية، إضافة إلى أنفاق تصل للنقل المشترك والمترو انطلاقاً من بيروت! 

مشروع سياحي وسكك
انطلاقاً من دمار مرفأ بيروت إثر مجزرة 4 آب، وضع أبو جوده تصوّره الذي قسّم المنطقة الممتدة من المرفأ إلى الكرنتينا إلى 7 مشاريع.
أولاً، سنسول سياحي بطول 2.2 كيلومتر وعرض 60 متراً. ومنطقة سياحية تمتدّ على مساحة 250 ألف متر مربّع. وفي هذه المساحة يتمّ تشييد برج بعلو 160 متراً، تلفّه صور انفجار المرفأ والضحايا الذين سقطوا، وفيه مركز لإدارة المرفأ ومتحف "يحكي عن تاريخ لبنان الفينيقي القديم والجديد والمعاصر"، إضافة إلى مطعم يطلّ على البحر وبيروت. كما سيتم تطوير موقف شار حلو ليتّسع لـ18 ألف سيارة إلى جانب منطقة السوق الحرة.
ثانياً، ربط المرفأ بخطوط سكك حديد للشحن البري من خلال سقف نهر بيروت واستعماله، باتجاه قناطر زبيدة وصولاً إلى شتورة، على أمل الامتداد إلى العراق والسعودية.

ثكنة وميناء صيادين
ويستكمل أبو جوده تصوّره، بإنشاء ثكنة عسكرية ومرفأ خاص للجيش، فيها "مستودعات وحوض تحت المباني يسمح بإدخال غواصات صغيرة، وكذلك السفن المتوسطة الحجم لترسو تحت المبنى في المستقبل". وإلى جانب الثكنة، يتم إنشاء مركز لصيّادي الأسماك يهدف إلى تطوير الصيد المنتج "عبر البواخر وعدم الاكتفاء بالفلوكا، إضافة إلى استحداث سوق وبرّادات ومطابخ، لمعالجة الأسماك وتوضيبها". وإلى جانب كل هذا، "إعادة بناء مبنى لإهراءات القمح، إضافةً لمنطقة مخصصة لمكاتب إدارة المرفأ ولكل شركات الشحن وتخليص المعاملات، وإقامة مختبرات كاملة وجاهزة لتسريع عمل الجمارك والكشف". أما بخصوص مبنى الإهراءات المدمّر، "فستعمل الدراسة على المحافظة والإبقاء عليه، وإقامة سور يضمّ أحواضاً خضراء، كما فعلوا في هيروشيما ليبقى شاهداً على التفجير، فيخلّد التاريخ ما حصل".

كلفة واقتصاد
ووفق التصوّر، سيكون مرفأ بيروت قد توسّع إلى مليون و300 ألف متر مربّع، على أنه يمكن مضاعفة انتاجيته 12 مرة، في حال تم العمل فيه لمدة 22 ساعة يومياً، وكل أيأم الأسبوع. وفي هذا الإطار، يقول أبو جوده في اتصال مع "المدن" إنّه بهذا التصوّر والمشروع "يمكن إدخال 15 مليار دولار إلى لبنان بشكل سنوي، نتيجة تفعيل التجارة والنقل والسياحة". أما كلفة المشروع "فبين 4 و5 مليارات دولار. إذ يمكن اعتماد صيغة بديلة عن سياسة التلزيمات، من خلال الاستعانة بالقدرة الهندسية للجيش. ويمكن مدّ الجيش بمعدّات وحفّارات وعبّارات بكلفة تتراوح بين 100 و200 مليون دولار، لخفض كلفة المشروع من 10 مليار إلى 5 مليار دولار".

تصوّر أبو جوده، حالم إلى أبعد الحدود، وقد يكون إلى حدود الوهم. أنفاق نقل، وسكك حديد تجارية، ومترو، ومرفق سياحي ضخم ومتحف فينيقي.. في حين أنّ التضارب يتمّ على تنكة زيت وكيس عدس مدعوم. "لما لا"؟ يسأل رداً على هذا التوصيف، ويضيف "نحن بحاجة إلى صنّاع قرار". بينما فعلياً البلد بحاجة إلى تغيير الزمرة الحاكمة أولاً، بسمسراتها وصفقاتها، التي فجّرت ما تبقى من أحلام اللبنانيين وطموحاتهم، وبعد أن قتلت قسماً منهم وهجّرت قسماً آخر.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024