أخصائي لبناني بمستشفى ماين لـ"المدن": أمراض ما بعد كورونا

وليد حسين

الجمعة 2021/02/19
منذ انفجار جائحة كورونا، تركزت الدراسات حول كيفية الشفاء من الفيروس والمضاعفات على المرضى، لكن بعد اكتشاف ما بات يعرف بـ"مضاعفات ما بعد كورونا"، بدأت هذه المضاعفات تأخذ حيزاً من الأبحاث في الدول المتقدمة. فمثل أعراض فيروس كورونا، التي تختلف من شخص إلى آخر، تختلف الأعراض ما بعد الشفاء من الفيروس من شخص إلى آخر. وتختلف أيضاً بين المصابين الذين استدعت حالتهم الدخول إلى المستشفى، والأشخاص الذين شفوا من كورونا من دون تدخل طبي. 

أضرار كورونا
يعاني الأشخاص الذين يدخلون المستشفيات، من أعراض كثيرة تستمر بعد الشفاء من كورونا، وتستدعي علاجات مكثفة للعودة إلى الحياة الطبيعية، لكن حتى الأشخاص التي تكون إصابتهم بكورونا طفيفة، يعانون من أعراض متعددة. فما هي الأعراض التي تحصل بعد الشفاء من كورونا؟ وإلى متى تستمر؟ وهل تختفي من دون تدخل طبي؟ أم تحتاج لعلاجات؟ وهل من احصائيات حولها؟ 

أسئلة طرحتها "المدن" على طبيب الأمراض الجرثومية والمعدية عماد درة في "مستشفى ماين المركزي" بولاية ماين بالولايات المتحدة الأميركية. وهو طبيب لبناني درس الطب العام في الجامعة الأميركية في بيروت، والطب الداخلي في جامعة ولاية نيويورك في بروكلين، وتخصص بالأمراض الجرثومية والمعدية في جامعة روتجرز في نيوجرسي.  

ويشرح درة أن فيروس كورونا يؤدي عند العديد من الأشخاص إلى ضرر مباشر على الرئتين. كما تتضرر أعضاء أخرى في الجسم جراء مضاعفات الالتهابات أو تخثر الدم، التي تؤدي إلى جلطات دماغية وقلبية وغيرها. 

جلطات بأعضاء الجسم
وأضاف درة أن الدراسات والمعاينة السريرية، التي يقوم بها شخصياً، أظهرت أن بعض الأشخاص، ومن بعد الشفاء من الفيروس بنحو أسبوعين، يصابون بجلطات دماغية، تؤدي إلى أمراض مثل الفالج الذي يستمر إلى مدى الحياة. وبعض الأشخاص يصابون بجلطات قلبية تؤدي إلى ضمور في عضلة القلب طويلة الأمد، تسبب إرهاقاً شديداً، وضيقاً في التنفس أثناء بذل أي جهد بسيط. 

كما أنه يتسبب بجلطات في الرئتين، التي قد تؤدي إلى ضرر فيها طويل الأمد، مصحوباً بسعال شديد وضيق بالتنفس طويل الأمد. ويسبب أيضاً جلطات في الساق، التي تؤدي إلى تورم طويل الأمد في الساق. هذا فضلاً عن أن الأشخاص الذين يدخلون إلى غرف العناية المركزة، جراء الإصابة بكورونا، يصابون بمشاكل نفسية طويلة الأمد مشابهة للمشاكل النفسية لما يسمى "اضطراب ما بعد صدمة الحروب" مثل الأرق والاكتئاب والكوابيس ليلية، التي تحدث بعد تذكر معاناة التجربة في غرفة العناية. 

ووفق درة، فإن الإحصاءات تشير إلى أن نحو 40 في المئة من الأشخاص بعد الخروج من المستشفى لا يستطيعون الاهتمام بأنفسهم خلال الشهر الأول على الخروج من المستشفى. ويحتاجون للمساعدة في كل شؤونهم اليومية. وتستدعي حالتهم إعادة تأهيل، من خلال العلاج الفيزيائي المكثف. 

حتى الذين لا يدخلون المستشفى
ووفق درة، الأعراض ما بعد الشفاء لا تقتصر على الذين يعالجون من كورونا في المستشفيات، بل أن خُمس إلى ربع الأشخاص الذين لا يعانون من مضاعفات قوية خلال الإصابة، يعانون من أعراض مزمنة، قد تستمر لغاية ثلاثة أشهر أو أكثر بعد الشفاء من الفيروس. فعلى سبيل المثال فقدان حاسة الشم والذوق قد يستمر لنحو شهر بعد الشفاء. وإضافة إلى الأعراض الآنفة الذكر، يؤدي كورونا إلى مشاكل في جهاز التنفس وتعب شديد وأوجاع صدرية وحتى سعال في حالات معينة، إضافة إلى مشاكل في الذاكرة والاكتئاب والأرق، عند هؤلاء الأشخاص.

الأسباب والعلاج
لفت درة إلى أن الإحصاءات حول نسب الأشخاص والأعراض غير مكتملة وغير دقيقة بعد، بسبب حداثة هذا الفيروس. والأرقام تختلف بين بحث وآخر. لكن بمعزل عن المعطى الإحصائي، فقد شخَّص درة بين المرضى الذين يعالجهم كلَّ الأعراض الآنفة الذكر، وبعض مرضاه احتاج لأشهر من العلاجات الفيزيائية للعودة إلى الحياة الطبيعية.

وعن سبب هذه الأعراض لما بعد الشفاء من كورونا، أوضح درة أن التفسيرات العلمية غير واضحة بعد. لكن يبدو أن التهابات معينة تستمر عند هؤلاء الأشخاص. وطمأن أن جزءاً قليلاً من المرضى تستمر أعراضهم لأكثر من خمسة أشهر. فغالبية المرضى يتحسنون خلال الأشهر الثلاثة الأولى لما بعد الشفاء من كورونا. وبشكل عام الأعراض تختفي من دون تدخل طبي، باستثناء الأشخاص الذين تتضرر عندهم أعضاء معينة بالجسم، مثل عضلة القلب أو الدماغ وغيرهما. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024