سد بسري: مجزرة في غابة.. وشركات مفلسة وفاسدة

وليد حسين

الجمعة 2019/10/11
رغم اعتراض أهلي منطقة بسري والجمعيات البيئية على بناء السد لأنه سيأتي على منطقتهم، بفعل قطع أكثر من 12 ألف شجرة وتدمير النظام البيئي ومعالم أثرية.. ورغم تخوّفهم من حدوث زلال وانهيار السد بسبب طبيعة الأرض الكلسية وبناء السد في منطقة فالق زلزالي نشط، كما يقول الناشطون البيئيون، تستمر الشركات المتعهدة في تنفيذ المشروع وفي قطع الأشجار.

أقبح من ذنب
رغم الفضائح التي تطال الشركات المتعهدة، وآخرها إفلاس الشركة الإيطالية سي سي أم رافينّا، التي كانت تعهّدت حفر النفق الذي سيمدّ بيروت الكبرى بالمياه، يستمر مجلس الإنماء والإعمار في التبرير للمشروع. إذ اعتبر منسّق الحملة الوطنيّة للحفاظ على مرج بسري المهندس رولان نصّور، في حديث إلى "المدن"، أن البيان التوضيحي الذي أتى بعد فضيحة الشركة الإيطالية بمثابة "تبرير أقبح من ذنب".

أوضح مجلس الإنماء والإعمار في بيان أن العقد مع الشركة الإيطالية التي كانت ملتزمة تنفيذ مشروع جرّ مياه الأولي، فُسخ منذ آذار الفائت، بسبب تقصيرها بمتابعة تنفيذ المشروع، بالتزامن مع بدء إجراءات إشهار إفلاسها. وتم كفّ كل علاقة تعاقدية معها. وسوف يصار قريباً الى إعادة تلزيم القسم المتبقي منها. واعتبر أن مشروع سدّ بسري يندرج ضمن منظومة تزويد بيروت وجبل لبنان بالمياه، التي تشمل مشروعين: الأول هو سدّ بسري، والثاني هو جرّ مياه نهر الأوّلي. ولكلّ من هذين المشروعين عقد منفصل للتنفيذ مع متعهد مختلف. أما في ما يتعلق بمشروع سدّ بسري، فالمتعهد هو تحالف شركتي Nurol وOzaltin التركيتين، وعقدهما ساري المفعول، إذ أن الشركتين تقدمتا أصولاً إلى المناقصة بمستندات تبيّن ان لديهما ملاءة مالية عالية وكافية لتنفيذ المشروع تفوق ما هو مطلوب.

من ناحيته علّق نصور على بيان "الإنماء والإعمار" معتبراً أنه من غير المنطقي الفصل بين مشروع سد بسري ومشروع النفق لجر المياه إلى بيروت، كما يوحي البيان، مضيفاً أن الفصل بمثابة تغطية على المشاكل الحاصلة والفساد الحاصل في مشروع النفق.

فضيحة إيطالية
وفنّد نصور البيان معتبراً أن فسخ العقد مع الشركة الإيطالية في آذار الفائت، كما برر "الإنماء والإعمار"، بمثابة فضيحة كبرى كون مشاكل الشركة بدأت منذ أكثر من عام، مستهزئاً باكتشاف "الإنماء والإعمار" المتأخر لإفلاسها.

ووفق الصحف الإيطالية تعاني الشركة من مشاكل مالية، وطالتها قضايا فساد منذ أكثر من عام، وكان آخرها فضيحة في شهر تموز الفائت في كينيا، وفق ما كتبت صحيفة "كوريري ديلّا سيرا". فقد طالت تهم الفساد والتلاعب وزير المالية الكيني هنري روتيخ الذي اعتقل في إطار تحقيق قضائي حول فساد في بناء سدّين في كينيا، عمل على تلزيمها للشركة الإيطالية من دون إجراء مناقصات.

كما نشرت العديد من الصحف الإيطالية أخباراً عن إفلاس الشركة وعن أوضاع العاملين الأيطاليين فيها في الخارج الذين تعرضوا للتوقيف والمضايقات في دول أجنبية عدّة، منها الكويت والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى فضيحة في نيروبي، حيث طالت الشركة اتهامات بدفع رشاوى مقابل الحصول على تلزيمات.

غرق مدينة أثرية
ولفت نصور إلى أن الشركتين التركيتين الواردتين في بيان "الإنماء والإعمار" تحيط بهما علامات استفهام وتعجب كبيرة. فإحدى الشركتين نفّذت سد إيليسو في تركيا أدى إلى غرق مدينة أثرية بكاملها، ناهيك عن وجود شبهات فساد تحوم حول الشركتين في تركيا. وهذه أسباب إضافية لإجراء تحقيق قضائي وبرلماني في لبنان حول السد، كما قال نصّور.

قطع آلاف الأشجار

 
إلى فضيحة الشركة الإيطالية تناول الناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي وثيقة صادرة عن وزارة الزراعة، عبارة عن "إجازة قطع أشجار حرجية" سمحت بموجبها بقطع نحو 11 ألف شجرة في المنطقة موزعة على 2357 شجرة صنوبر وسرو و4244 شجرة سنديان، و3333 شجرة مائية، لبناء السد والبحيرة.

وبرز في الإجازة اسم المستدعي سامر باسيل بالوكالة، تبين في اتصال مع "المدن" أنه تقدم بطلب الإجازة عن شركتي نورول وأوزلتين التركيتين المتعهدتين. وإذ لفت باسيل إلى أن المتعهد بدأ بقطع الأشجار منذ حوالى الشهر في المنطقة، شرح أن العقد الموقّع مع مجلس الإنماء والأعمار يقضي بدفع المتعهد مبلغاً من المال لوزارة الزراعة لزراعة شتول أشجار بديلة، في المقابل حصوله على نحو 6634 طن من الحطب الناتج عن قطع أشجار مرج بسري. وعن المبلغ المالي الذي دفعه المتعهد لوزارة الزراعة أكّد باسيل أنه يوازي ثمن أربع شجرات مقابل كل شجرة تقطع في المنطقة. وأضاف أن الوزارة ستنفق المال المحصّل من المتعهد على زراعة شتول أشجار كي تقوم لاحقاً بزرع هذه الأشجار في المنطقة بالتعاون مع البلديات. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024