أساتذة الجامعة اللبنانية يعتصمون بشعارات كثيرة

وليد حسين

الخميس 2019/03/07
نادراً ما يجتمع أكثر من مئة معتصم في ساحة رياض الصلح، بالقرب من مبنى السراي الكبير والمجلس النيابي، من دون وجود قوات لمكافحة الشغب، وشرطة المجلس، بأعداد وآليات تفوق عدد المعتصمين. لكن اعتصام أساتذة الجامعة اللبنانية يوم الأربعاء في 6 آذار، بالتزامن مع انعقاد الهيئة العامة للمجلس لم يرافقه سوى سريّة درك قليلة العدد. ما يشي بأنّ خلو الاعتصام من التواجد الأمني المعتاد في مثل تلك المناسبة بدا مدبّراً، إذ وعلى حد تعبير أحد الأساتذة هذه الاعتصامات مرضيّ عنها من معظم القوى السياسية المشاركة في السلطة، لا تستطيع انتزاع لا حق الدرجات، ولا أي مطلب من مطالبهم الكثيرة.

سنوات الخدمة
في اليوم الأول للإضراب، الذي أعلنته "الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية"، اعتصم الأساتذة في ساحة رياض الصلح، بعد نفاذ صبرهم من الإهمال المتمادي للسلطة بأوضاعهم المعيشيّة. وعلى رأس مطالبهم إقرار اقتراح القانون القاضي بإعطائهم ثلاث درجات إضافية، كي تصبح رواتبهم متوازنة مع بقية القطاعات العامة، التي مٌنحت سلسلة الرتب والرواتب، وإقرار القانون القاضي بإضافة خمس سنوات على خدمة الأساتذة، الذين لا تصل خدمتهم إلى 40 سنة. فبسبب طبيعة الدراسة لتحصيل شهادة الدكتوراه وتدرّجهم قبل التثبيت، لا يتخطّى نسبة الأساتذة في الملاك، الذين وصلت سنوات خدمتهم إلى 40 سنة قبل التقاعد، الـ10 بالمئة. وحسب رئيس رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية عصام الجوهري، معظم الأساتذة لا يستطيعون تخطي ثلاثين عاماً في خدمتهم، ما يجعل معاشهم التقاعدي أقل من أربعة ملايين ليرة، وهو راتب منخفض جداً قياساً بغلاء المعيشة، وببقية موظفي الدولة.

ورغم كون الأساتذة يحصّلون معاشاتهم التقاعدية من تعبهم، عبر اقتطاع الدولة نسبة من رواتبهم، تعتقد السلطة أن المعاش التقاعدي منّة منها وليس حقاً من حقوقهم، كما قال الجوهري، مشيراً إلى دراسة أظهرت أنّ الدولة مديونة للأساتذة بنحو 600 مليون ليرة في حال اعتماد معدل حياة المتقاعد بعد سن الـ64 بنحو 15 عاماً.  

شعار الفساد
بدا اعتصام الأساتذة خافتا لناحية الحضور ورفع المطالب، إذ لم يتجاوز عدد المعتصمين الثلاثمئة معتصم بين أساتذة الملاك والمتفرغين والمتقاعدين والمتعاقدين، رغم كون عددهم يفوق الأربعة آلاف أستاذ. وعلى عكس المتفرّغين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 2000 أستاذ ينتظرون الدخول إلى الملاك، خصوصاً أنّ عقود التفرّغ لا تضمن لهم المعاش التقاعدي، كان المتعاقدون أكثر تنظيماً، إذ خلت الساحة للافتاتهم الكبيرة المطبوعة سلفاً. فعلى إحدى اللافتات كتب "لا اصلاح في مجتمع لا يريد شعبه محاربة الفساد". أي تحميل الشعب مسؤولية الفساد طالما أنه يعيد انتخاب ذات القوى السياسية، على حد تعبير أحد الاساتذة المنظّمين. علماً أن المتعاقدين هم من الشعب ووكثر منهم أُدخل إلى التعاقد من طريق "الواسطة" لكونهم ينتمون إلى أحزاب وقوى سياسية تتحاصص المناصب.. والفساد.

وبعيداً من ضبابية هذا الشعار الملتبس والمتسرّع، فقد تبيّن من خلال الأحاديث مع بعض هؤلاء المتعاقدين أنّ مشكلتهم مزدوجة. فهم من ناحية يطالبون بضمّ 570 أستاذ استوفوا شروط الانتساب إلى التفرّغ، ومن ناحية ثانية يوعزون عدم بت المجلس النيابي بمصيرهم إلى عدم وجود التوزان الطائفي بينهم. حتى أنّ بعضهم ذهب إلى تبرير موقف بعض القوى السياسية التي تعترض على إدخالهم إلى التفرغ، إلا في حال تعديل شروط الانتساب لضم المزيد من المتعاقدين تحقيقاً لـ"المناصفة". فمن ضمن شروط الانتساب تحصيل سنتي خبرة في التدريس وبحد أدنى من عدد الحصص قدره 200 ساعة تدريس سنوياً. ولكون معظم هؤلاء الـ570 أستاذ هم من الشيعة اعترضت بعض القوى السياسية على إدخالهم إلى التفرغ، في انتظار تعديل أحد شروط الانتساب عبر تخفيض عدد الساعات المطلوبة.

الناجحون كأساتذة ثانوي
وتزامناً مع اعتصام أساتذة الجامعة نفّذ الناجحون في مجلس الخدمة المدنية لرتبة أستاذ ثانوي اعتصاماً لمطالبة القوى السياسية والكتل النيابية التصويت على القانون الرامي إلى تعديل القانون 441، المدرج في البند 15 من الجلسة. وبحسب اللجنة المتابعة لشؤونهم، فقد أشبع القانون درساً وتأجيلاً، قبل وبعد ردّه من رئيس الجمهورية. وبات إقراره بحاجة إلى أغلبية الثلثين في المجلس النيابي. علماً أن إقراره لا يرتّب على الدولة أي نفقات، بل يهدف فقط إلى حفظ حق نحو 1500 ناجح بالفائض في دورة العام 2015. إذ ينصّ القانون القديم على حفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية الذين يفيض عددهم عن عدد المطلوبين لملء الشواغر، لمدة سنتين، بينما يهدف تعديل القانون إلى تمديد المهلة لأربع سنوات.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024