تكليف جو رحال يثير زوبعة سياسية.. ومحافظ بيروت يوضح

المدن - مجتمع

الإثنين 2020/08/17
أثار قرار محافظ بيروت، القاضي مروان عبود، تعيين جو رحّال مستشاراً للسلطة التنفيذية في بلدية بيروت للشؤون الاجتماعية وجمع قاعدة البيانات عن المواطنين المتضررين من انفجار المرفأ والإشراف على توزيع المساعدات، زوبعة سياسية واجتماعية. فهذا القرار الصادر عن عبود يوم 6 آب، بعد يومين على وقوع التفجير، أثار حفيظة قوى سياسية وناشطين سياسيين واجتماعيين لأسباب مختلفة. فجمع المعلومات جانب سياسي وانتخابي، وفي توزيع المساعدات هامش حزبي وسياسي أيضاً.

جو رحّال
الشاب جو رحّال، من ذوي الاحتياجات الخاصة، أقعده خطأ طبي على كرسيه وكاد أن يدمّر حياته لولا إرادته. برز اسمه أولاً بعد تعيينه عام 2019 من قبل رئيس التيار الوطني الحرّ، وزير الخارجية حينها جبران باسيل مستشاراً خاصاً لشؤون ذوي الإرادات الصلبة. هو ابن الضابط المتقاعد في الجيش اللبناني أندريه رحّال، القريب من التيار الوطني الحرّ. كما أنه ابن شقيقة قائد الجيش، العماد جوزف عون، حسب ما يؤكد محافظ بيروت لـ"المدن".

الاعتراض القواتي
أولى إشارات الاعتراض جاءت من قبل مسؤولين حاليين وسابقين في القوات اللبنانية، فاعتبرت الأمينة العامة السابقة في القوات، شانتال سركيس أنّ "مئات الخبراء في لبنان لم يجد محافظ بيروت إلا مستشار جبران باسيل للإشراف على توزيع المساعدات في بيروت؟ لهذا السبب طالبنا بصندوق دولي كي لا تتحول المساعدات إلى مال انتخابي. وإذا لا بد من تعيين من ذوي الخبرة في الاحتياجات الخاصة، فإني أدعو الى تعيين سيلفانا لقيس الخبيرة في هذا المجال". كما جاء ردّ آخر على لسان الوزير القواتي السابق، ريشار قيومجيان، الذي دعا عبود إلى التراجع عن "قراره الاستعطافي بتعيين مستشاره جو أندريه رحال لجمع قاعدة بيانات المتضررين، والإشراف على توزيع المساعدات، وفي القرار الكثير من الاستخفاف والاستعطاف من أجل الاستغلال السياسي والانتخابي".

الاعتراض العام
وتقول الناشطة في ملف ذوي الاحتياجات الخاصة، أمل الشريف، لـ"المدن" إنه "عدا البعد السياسي والحزبي في موضوع جمع المعلومات وتوزيع المساعدات، ليس منطقياً أبداً أن يتولّى شخص من خارج بيروت ولا يعرف بيروت ولا علاقة له ببيروت هذه المهمة". وتشير الشريف إلى أنّ "لا ضمانات بعدم استخدام هذه الخدمات الاستشارية وتوظيفها لمصالح شخصية وسياسية. وعلى العموم، قرار المحافظ كرّس واقع استبعاد أبناء بيروت عن إدارة مدينتهم، فأصواتنا غير مسموعة". مع العلم أنّ الشريف تنشط منذ زمن في مهمّة تحسين وتحصين واقع ذوي الاحتياجات الخاصة على أكثر من مستوى، ومع أكثر من مرجعية في الدولة اللبنانية، لا على مستوى الأحزاب والقيادات السياسية.

وفي هذا الإطار، عبّر ناشطون من العاملين في إغاثة المتضررين من التفجير ومن مجموعات في 17 تشرين، عن استيائهم التام من التكليف الصادر عن المحافظ. فاعتبروا أنّ تعيين رحال "مجرّد تعيين سياسي، لمستشار سياسي لفريق سياسي مشارك في السلطة ومسؤول عن الجريمة التي وقعت في المرفأ". مع العلم أنّ رحال كان قد ردّ على الحملة التي تعرّضت لقرار المحافظ كاتباً في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي إنه "لا، ليس جو رحال رجلاَ خطيراَ ولا هو يتسلق على جثامين الشهداء أو ممن يسعون لتوظيف الكوارث لخدمة السياسة، بل انه يسعى وسيسعى حتماً لأن يتسلق ومعه بلده إلى فوق إلى عند ربه بالخدمة والخفر". وتابع: "أبعدوا أحكامكم عني واحترموا تحدياتي ونضالاتي وجهدي فأنا محارب أتحدى الطبيعة وأسير بعكس الجاذبية وأسعى طبعاً إلى تطويع كل شيء لكن لخدمة الإنسانية".

موقف المحافظ
وفي اتصال مع "المدن"، أوضح محافظ بيروت، القاضي مروان عبود، أنّ "تعيين جو رحال جاء ليساعدني كمحافظ على التنسيق مع قيادة الجيش، لكونه ابن شقيقة العماد جوزف عون، ليساعدني ويساعده"، مشيراً أنّ "الدور الفعلي الذي طلب من جو هو عملية التواصل والتنسيق بين المحافظ وقيادة الجيش، وجاء للتأكيد على دوره كشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة ودفعه لتحقيق المزيد من النجاحات والتجارب". كما ينفي المحافظ أن يكون لتعيين جو أي دافع سياسي قائلاً إنّ "والد جو تم فصله من التيار الوطني الحرّ أساساً".

وفي الوقت نفسه، يؤكد عبود أنّ "القرار لم يعد ساري المفعول، لكون الجيش اللبناني تسلّم إدارة ملف المساعدات بشكل كامل، وملف جمع المعلومات أيضاً". فرمى عبّود كل المسؤولية على قيادة الجيش وانسحب من الملف، وبالتالي وضع كل منتقد أو معارض لعملية توزيع المساعدات في مواجهة مباشرة مع القيادة العسكرية، التي استلمت أساساً القرار في بيروت بفعل إقرار حالة الطوارئ.
هكذا، يريد المحافظ إلغاء قرار تكليف جو رحال بهذه المهمّات بشكل علني، إلا أنه على ما يبدو، الحملة الإعلامية والسياسية التي شنّت عليه تدفعه إلى التريّث، حتى لا يقال إنه تراجع تحت الضغط.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024