"نورما" تقسو على الشمال

جنى الدهيبي

الإثنين 2019/01/07

إذا كانت العواصف، والأمطار الغزيرة، والرياح العاتية، جزءًا من المسار الطبيعي لفصل الشتاء، إلّا أنّها في لبنان تتحول أحياناً إلى حدثٍ استثنائي، يعيق يوميات اللبنانيين، الذين يجهلون ما ينتظرهم، في كثير من المناطق والطرقات غير المؤهلة. شمالًا، ضربت العاصفة "نورما" التي بدأت منذ صباح الأحد في 6 كانون الثاني 2019 بقسوة، بعد أن كشفت هشاشة البنى التحتية، وعدم تأهيل الطرقات من قبل الوزارات المعنية، والسلطات البلدية المحلية.

نقمة على البلدية
في طرابلس، انشغل عمال البلدية بأعمال تصريف المجاري، وفتح الطرق، ومساعدة المواطنين لتسهيل حركة السير والتخفيف من الاختناق المروري، من دون وقوع حوادث. وفيما أثنى رئيس بلدية طرابلس على جهود العمال في عاصفة "نورما"، واجه "حربًا" إلكترونية شُنّت عليه، إذ عبّر الطرابلسيون عن غضبهم من الحفريات، التي بدأها مجلس الإنماء والإعمار، منذ شهورٍ طويلة، ولم ينهها بعد. واتهموا البلدية بالتقاعس، لا سيما أن طرقات المدينة تحولت إلى سلسلة من الحفريات والجور الغارقة بالسيول، التي تعيق حركة السيارات.

ونتيجة الانهيارات الكبيرة للصخور على أوتوستراد مشروع القبّة، توجه عضو بلدية طرابلس أحمد القصير للرأي العام بفيديو قاسي اللهجة، إذ حمّل رئيس البلدية أحمد قمر الدين مسؤولية إهمال إنشاء حائط دعم، يحمي المواطنين العابرين من المخاطر الناجمة عن هذه الإنهيارات، "مقابل صرفه الملايين على الأندية الرياضية والجمعيات".

أوتوستراد جسر البالما – طرابلس، الذي غالبًا ما يشهد حوادث سيرٍ دامية، شهد سقوط صخرةٍ كبيرة وسط الطريق، جرى رفعها من قبل البلدية، بعد أن شلّت حركة السير. وفي الميناء، شلت "نورما" حركتي الملاحة والصيد البحري في ميناء الصيادين، نتيجة سرعة الرياح وارتفاع الامواج إلى أكثر من سبعة أمتار. وقد شهد الكورنيش البحري مقابل مبنى الجمارك سقوط شجرةٍ جراء شدة الرياح وغزارة الأمطار. وتسبب الأمر بقطع طريق الكورنيش أمام السيارات.

مياه الكورة وثلوج إهدن
في قضاء الكورة، غرقت الطرقات في عددٍ من البلدات بالمياه، التي تسببت باحتجاز بعض المواطنين في سياراتهم، وفي زحمة سير خانقة أيضا، تحديدًا على الطريق العام في بلدة أميون، وعلى الطرق الداخلية في بلدة بشمزين وكفرحزير، إضافة إلى تساقط البرد في البلدات الأكثر ارتفاعًا. كذلك، تسببت العاصفة بانهيار جدار غير مطابق للمواصفات على سيارة كانت مركونة إلى جانب الطريق في بلدة بدنايل - الكورة.

وفي إهدن التي تراكمت الثلوج على طرقاتها، عمل عناصر من الدفاع المدني على إنقاذ المواطنين المحتجزين داخل سياراتهم بسبب تراكم الثلوج في المنطقة.

أضرار زراعية
في المنية، تسببت "نورما" بمزيد من الأضرار في معظم أحياء البلدة، حيث اقتلعت الرياح القوية الكثير من الأشجار، منها شجرة معمرة داخل مقبرة مسجد المنية الكبير، الأمر الذي أدى إلى تصدع عدد من القبور. كما أدت إلى تحطم زجاج بعض المنازل والسيارات، وتضرر البيوت الزراعية البلاستيكية.

أمّا في عكار، فقد ألحقت "نورما" أضراراً بالغة بالبيوت الزراعية في مختلف قرى الساحل العكاري. إذ هشمت العديد من هذه البيوت، ووأصابت ما تبقى من موسم الحمضيات، المنكوب أصلاً بعوامل الطقس هذا الموسم. وحسب المعلومات المتداولة، فقد شلّعت الرياح عددًا من البيوت الزراعية، ونزعت عنها أغطيتها، ما سمح للأمطار الغزيرة بالدخول إليها وتخريب المنتجات الزراعية فيها. وأدت غزارة الأمطار إلى ارتفاع منسوب النهر الكبير بشكل متسارع.

وفيما يترقب أبناء الشمال اليومين المقبلين من عاصفة نورما بحذرٍ شديد، تقدّمت المطالب بتمديد العطلة الأعياد المدرسية إلى ما بعد نورما على العاصفة نفسها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024