الغزال يفتح حرباً في طرابلس: الافطار في رمضان ممنوع!

هبة حرب

الأربعاء 2014/06/25
بعد يومين من تظاهرة السلفيين في طرابلس، خرج رئيس بلديتها نادر الغزال بـ"تمن" معمم عبر قرار بلدي ممهور بختمه. يقول القرار الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع أن على الناس الذين يعيشون في "نطاق طرابلس البلدي"، ويعملون في مقاهي ومطاعم المدينة، وتحت وصاية سلطة الغزال "التنفيذية" أن لا يجاهروا بإفطارهم في رمضان علناً، احتراماً لمشاعر المسلمين و"خصوصيتهم"، على غرار ما فعلت بلدية عبرا.

قرار البلدية رغم أنه "سحب"، على ما قالت أوساط بلدية، لم ينته عند حد تداوله. بل تجاوزه الى حملة جانبية أكثر قسوة وفجاجة من القرار الذي شغل المدينة بناسها وفرقها حول صوابيته وآثاره الجانبية. حملة قاسية عمدت فيها موظفة تابعة لمكتب الغزال الى الاتصال ببعض الشبان وهددتهم إن لم يقوموا بإزالة التعليق أو "اللايك" على بعض ما تداوله مستخدمو "فايسبوك"، أو قاموا بتغريده.. و"إلا".

ولم ينته الموضوع هنا. اذ قامت الموظفة نفسها بـ"اشاعة" معلومة ان كل من سيرتاد مقهى "أهواك" ويتناقل موضوع الغزال سيتعرض لمشكلة. اذ قالت أن "المقهى سيتعرض الى مشكلة قريباً"، طالبة من البعض عدم النزول اليه. وفي اتصال لـ"المدن" مع صاحبة المقهى قالت أنها اتصلت بالموظفة وأخبرتها أنها ستعتبر ما أشاعته بمثابة اخبار إن حصل أي شيء للمقهى في اليومين القادمين.

والمقهى الذي يعد من أهم مقاهي المدينة ووجهة للسياح القادمين اليها، ومركزاً ثقافياً وفنياً لمجموعة كبيرة من الشباب الجامعي ورواد الفن والرسم والمثقفين، صار على ما يبدو في واجهة استهدافات رئيس البلدية، بعد أن كان في وقت سابق وجهة لتهديدات "عابثة" من جماعات اسلامية متطرفة.

وقال أحد الشبان الذين اتصلت بهم الموظفة أنها تمنت عليه عدم النزول الى المقهى في اليومين القادمين لأن شيئاً سيحدث، وأن الغزال يعرف كل شيء وسيحاسبهم فرداً فرداً، واصفة ما قاموا به بأنه "رد فعل صبياني".

واذ علق أحدهم بالقول أن الغزال تحول الى "بلطجي" يمارس ما عجز عنه الاسلاميون لافتقادهم لسلطة تنفيذية، فقد وجه المحامي والناشط في مجال حقوق الانسان خالد مرعب رسالة مفتوحة الى الغزال سأله فيها: "هل ترغب بتحويل طرابلس، المدينة اللبنانية، التي يعيش فيها مواطنون من مختلف الطوائف والمعتقدات الى شارع يشكل بيئة خصبة لنمو "داعش" ورفاقها؟ هل تحلم بتسلم قيادة جهاز جديد مواز لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وهل تريد ضرب الدستور اللبناني بالحائط وعلى الأخص الفقرة الثالثة والمادة الثامنة منه؟". وتابع: "هل تريد الإجهاز على القطاع السياحي مساهماً بذلك مع الدولة والإعلام؟ وهل تريد ضرب اقتصاد المدينة بحيث يتوجه كل من لا يرغب بالصيام الى المدن المحيطة أو الى بيروت؟"، مضيفاً "ألا تعتقد أن الحقد والطائفية تنبع من هذا القرار الشاذ؟ والا لماذا لم تصدر قراراً خلال صيام المسيحيين بالامتناع عن المجاهرة بأكل الزفائر؟".

وطالب مرعب رئيس البلدية بـ"ازالة الأوساخ المنتشرة في الشوارع وحث القوى الأمنية على ردع مخالفات السير، وعلى الأخص ركن السيارات في صف ثان وثالث بحجة صلاة التراويح ومنع التدخين في الأماكن العامة المغلقة حفاظاً على صحة الأطفال قبل اصدار هذا القرار".

وكتب أحد المدونين أنه كان "ينتظر حقاً، بعد سحب هذا التمني، أن يصدر اعتذاراً علنياً من مواطنين، يحق لهم أن يأكلوا في كل شارع وحي طالما هو حق يضمنه القانون. ويحق لهؤلاء المواطنين أن يأكلوا في المطاعم كما المقاهي. ليس لأنهم يريدون ذلك علانية أو لأنهم ضد رمضان، بل لأنه حقهم. ولا أعتقد أن من سيحترم الناس سيحتاج الى تمن. من يفطر يمكنه أن لا يأكل مجاهرة وهذا حق. ومن سيفطر ويأكل أيضاً هذا حقه".

وعلقت الصحافية سوسن الأبطح التي تعيش في طرابلس على ما جرى بالقول أن "رئيس بلدية طرابلس لم يعرف بعد أنه يعيش في دولة مدنية. نسي متى تنتهي حدود مسؤولياته ولا أين تبدأ. ألا يكفيه أنه حوَّل طرابلس الى خراب. وآخر تقليعات الرئيس مطالبته الناس باحترام مشاعر الصائمين في رمضان".

وكتب آخر على فايسبوك "قبل أن تطلب من الناس أن تحترم مشاعر بعضها البعض وهي أصلاً كذلك ولا تنتظر توجيهاتك، وطبعاً ليست من صلاحياتك لا انت ولا من وجهك لتصدر هكذا قرار. على الأقل أصدر بياناً عن انجازاتك الرائعة وعن المشاريع التي أنجزتها بلديتك لأني لم الاحظ اي تغيير خلال المدة التي تربعت فيها على كرسي المسؤولية". وتابع: "من أخبرك أن طرابلس هي من صنف ومذهب ودين واحد ومن يقبل أن تكون كذلك".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024