عرض "المستقبل" لموظفيها: تخلّوا عن حقوقكم

جنى الدهيبي

الخميس 2019/04/11

لم يُسعف الانتظار الطويل المصروفين من جريدة "المستقبل"، البالغ عددهم 113 مصروفًا، من الوقوع في المحظور، إثر تخلف مجلس إدراة الجريدة عن وعده بتسديد مستحقاتهم على دفعات متتالية، بدءًا من أول شهر آذار الماضي. وفيما كانت تنتظر "لجنة المتابعة عن المصروفين"، الحصول على الآلية المقدّمة من الجريدة لدفع المستحقات، المترتبة عليها حيال المصروفين، يوم غد الجمعة في 12 نيسان 2019، تمكنت "المدن" من الحصول على تفاصيل هذا العرض، الذي لا يعدّ إيجابيًا، لدرجة أطلق عليه بعض المصروفين لدى سماع عناوينه الموجزة بـ"الأسلوب الخبيث".

الإخلال بالوعود
هذا العرض المنتظر، ينصّ على شطر صفوف المصروفين إلى قسمين، بين متعاقدين، وموظفين ثابتين يخضعون لقانون العمل. وخلافًا لإقرار إدارة الجريدة بحقوق المصروفين جميعهم والتوقيع عليه، سينال المصروفون المصنفون تحت خانة "موظفين" حقوقهم ناقصة، أمّا المتعاقدون، فسيجري الإخلال بـ"الوعد" الذي أطلقوه لهم، ولن ينالوا تعويض 12 شهرًا و4 شهرًا تعسفيًا، باستثناء رواتبهم المكسورة، وهي 17 راتبًا شهريًا.

وتفيد المعلومات، أنّ رئيسة الدائرة في وزارة العمل مارلين عطا الله، رفضت تسليم اللجنة آلية الدفع قبل يوم الجمعة، إلتزامًا بالشكل القانوني. وخطة هذه الآلية، تؤكد على فصل المصروفين إلى قسمين. من جهة، تتملص الإدراة من حقوق المتعاقدين، وتتخلى عن وعدها لهم، ومن جهة أخرى، تنصّ آلية الدفع أيضًا، على تقليص مستحقات الموظفين الثابتين، التي تشمل تعويض 12 شهرًا و4 أشهر تعسفية، إلى 6 أشهر فقط، إلى جانب رواتبهم الـ17 المكسورة.

أمّا الأغرب، وفق هذه الآلية، أنّها تنصّ أيضًا على دفع إجمالي المستحقات للموظفين والمتعاقدين، وفق الطريقة التي احتسبتها إدارة الجريدة في آليتها الجديدة، ستكون مقسمة على 24 شهرًا، على شكل رواتب، أيّ على مدار عامين كاملين.

وفيما يضع المصروفون قضية "المتعاقدين" على سلّم أولوياتهم، وأنّ لا تنازل عن حقوقهم، تبقى الإشكالية المطروحة عن قانونية مطلبهم.

اللاضمان
في العام 2006، حسب معلومات "المدن"، أخذ مجلس إدارة جريدة المستقبل قرارًا بإغلاق باب التوظيف، لعدم قدرتها على إدخال موظفيها إلى صندوق الضمان الاجتماعي. لكن، ماذا فعلت في المقابل؟ فتحت باب التعاقد مع العاملين الجدد فيها، وتعاطت معهم وفق منطق "الموظفين"، وأجرت اتفقيات معهم، والتزمت تجاههم بتقديم مخصصات للمدارس وإجازات، من دون إدخالهم إلى صندوق الضمان، وهو ما يعدّ أصلًا تصرفًا غير قانوني في التعاطي مع المتعاقدين، الذين ألزمتهم بدوام عمل طبيعي، مقابل دفع رواتب شهرية.

وهؤلاء المتعاقدين، الذين يشكلون حوالى 40 في المئة من إجمالي المصروفين من الجريدة، تُعتبر الأخيرة هي من تخلفت قانونيًا عن إدخالهم إلى صندوق الضمان، لا سيما أنّ المتعاقدين معها تتوفر فيهم الشروط الثلاثة الأساسية لحقّ أي موظف بالحصول على ضمان اجتماعي: راتب منتظم شهريًا، دوام عمل كامل، والخضوع لمسؤولية ربّ العمل.

غش وتزوير
هذا العرض، الذي يخالف بالدرجة الأولى مبدأ حقوق المصروفين، التي اعترفت بها الجريدة ووقعت عليها في البدء، من دون التفريق بين موظف ومتعاقد، إلى جانب العمل على تقليص حقوق من صنّفتهم بـ"الموظفين"، والسعي لدفع المستحقات على مدار عامين، من دون تقديم أيّ ضمان على الالتزام بحصول المصروفين على حقوقهم، بعد أن فقدوا الثقة بإدراة الجريدة والقائمين عليها كليًا، سيكون مرفوضًا بشكلٍ قاطع، من قبل "لجنة المتابعة عن المصروفين".

وقد تتجه اللجنة، وفق المعلومات، إلى رفع دعاوى غشّ وتزوير بحقّ إدارة الجريدة، بعد أن تعرضوا للخداع في هذه الآلية المرتقبة، التي تجسد تهربًا وتراجعًا صريحين عن الاتفاق المبرم فيما بينهم. هذا، وقد أصبحت أبواب التصعيد مفتوحة على مصراعيها، حسب ما ينقل عن المصروفين، الذين يتشاورن فيما بينهم بكلّ اقتراحات التصعيد، التي قد تبدأ في الدعاوى ولن تنتهي في الشارع: "بطل عنا شي نخسروا غير كرامتنا"، يقول أحدهم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024