المجذوب "يستفز" العائلات البيروتية إرضاء للعونيين: طائفية صافية

وليد حسين

الخميس 2021/06/10
وصل "الغضب السنّي البيروتي" إلى حد تهديد وزير التربية طارق المجذوب بمنعه من تصريف الأعمال، احتجاجاً على تعيين هويدا خليل، رئيسةً لدائرة التعليم الثانوي بالتكليف، بدلاً من جمال بغدادي، التي أحيلت إلى التقاعد. 

فمنذ نحو أسبوع كلف وزير التربية خليل بتولي هذا المنصب، الذي كانت تشغله بغدادي، والتي ستحال على التقاعد في نهاية شهر حزيران. وكان المجذوب عين سابقاً بالتكليف خالد فايد مكان بغدادي، في بداية شهر أيار المنصرم، رئيساً لمصلحة التعليم الثانوي، بغية تنظيم وتأمين حسن سير العمل في مديرية التعليم الثانوي، وبناء لضرورات المصلحة العامة، لأن بغدادي في إجازة لحين تقاعدها. 

وكان اتحاد جمعيات العائلات البيروتية حينها راضياً، لأن فايد محسوب على تيار المستقبل. لكن تعيين خليل، المحسوبة على التيار الوطني الحر، مكان بغدادي في المنصب الآخر الذي كانت تتولاه (رئيسة دائرة التعليم الثانوي) أطلق غضب تلك "العائلات". وصدر عنها بيان دانت فيه "استمرار سياسة الاستقواء والممارسة الكيدية التي ينتهجها التيار البرتقالي وأتباعه، والتي تترجم باستهداف أبناء الطائفة السنية في إدارات الدولة".
وتأسفت "أن يستخدم وزير من الطائفة السنّية لتحقيق أحلام هذا التيار، فيعمد إلى تكليف مسيحية من التيار الوطني الحر رئيسة لدائرة التعليم الثانوي، بدلاً من زميلتها السنية التي انتهت خدماتها، والتي جرى العرف أن يشغل هذا الموقع موظف من الطائفة نفسها، متحججين بعدم توافر رئيس دائرة سنّي، وكأن الإدارات الرسمية غير مليئة بالمكلفين الذين يشغلون وظائف من الفئة الأولى والثانية وليس الثالثة فقط".

بالطبع، لم يخل البيان من التحريض الطائفي المقيت، بالقول: "فمهلاً يا معالي الوزير، فأنت وزير في بلد طائفي قبل فيه المسلمون بالمناصفة، مع أنهم يتعدون 75 بالمئة من عدد سكان لبنان.. وفي حال عدم الاستجابة في غضون أربع وعشرين ساعة، سنعمد إلى اتخاذ خطوات تصعيدية تبدأ بالدعوة إلى منعك من تصريف الأعمال، وتكليف وزير آخر مهامك".

مصادر تربوية أكدت لـ"المدن" أن تعيين فايد كان بسبب انتمائه لتيار المستقبل، ولم يكن له أي عمل في المديرية، واستفاق عندما كان أساتذة تعليم الثانوي يعتزمون الإضراب، بسبب عدم قدرتهم على الذهاب إلى الثانويات، وأصدر تعاميم إلى المديرين لاستجواب كل أستاذ يتخلف عن الحضور إلى صفه. لكن تعيين خليل لم يكن أفضل من تعيين فايد. بل أتى في إطار ترطيب الأجواء مع التيار الوطني الحر، الذي شن سابقاً حملة غير مسبوقة على المجذوب. 

وأضافت المصادر، أن تجوال وزير التربية على الرؤساء الثلاثة، والذي بدأه يوم أمس مع رئيس الجمهورية، لم يكن من أجل شرح متطلبات الامتحانات الرسمية فقط، بل من أجل استباق أي تداعيات قد تحصل بعد تعيين خليل. 

وأوضحت المصادر، أن لبنان منكوب في وزارة تربية تحكمها المكاتب التربوية لأحزاب السلطة. فواقع الحال هو وجود ست أو سبع وزراء في وزارة تربية. فأعضاء المكاتب التربوية هم بمثابة رابط لكل حزب يقوم بمراقبة كل ما يجري في الوزارة، ويمسكون بكل الملفات والتعيينات. ولا تفوتهم أي شاردة أو واردة، ويحضرون الأسماء البديلة لكل وظيفة ستشغر، ويتقاسمون الغنيمة. لكن تعيين المجذوب لهويدا خليل كسر هذه المعادلة لصالح التيار الوطني الحر، فقامت قائمة تيار المستقبل. 

مستشار وزير التربية محمد دوغان أوضح لـ"المدن" أن تعيين خليل قانوني، والوزير قام بواجباته بمعزل عن أي خلفية طائفية. وأضاف: هناك مركزان شاغران كانت تستلمهما بغدادي التي أحيلت إلى التقاعد: رئيس مصلحة التعليم الثانوي ورئيس دائرة التعليم الثانوي. لتيار المستقبل حصة رئاسة مصلحة التعليم الثانوي، فبقي مركز دائرة التعليم الثانوي شاغراً. وقانونياً، من حق خليل استلام هذا المنصب لأنها رئيسة قسم. والقانون أجاز للوزير هذا التعيين. فتعامل مع هذه المسألة من منطلق إداري، وفق القانون اللبناني.

وقال: "أنا على المستوى الشخصي سنّي بيروتي من طريق الجديدة. هناك عرف أن يستلم هذين المنصبين أشخاص ينتمون إلى الطائفة السنية، لكن لا يوجد قانون. ولم يخطئ الوزير في هذا المجال، بل تصرف وفق المقتضيات القانونية والتسلسل الإداري. ومن يريد تحريك الشارع لغايات سياسية وطائفية فليفعل". 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024