"كليس": 20 سنة لتقويم مصاعب الأطفال التعلُّميّة

المدن - مجتمع

الخميس 2019/10/10
بين منطقتي كفريا وعمّيق في البقاع الغربي، احتفى أكثر من 120 شخصاً من فريق عمل المركز اللبناني للتعليم المختص "كليس" ومجلس إدارته واختصاصيين في مجال التربية والصعوبات التعلّمية من بلجيكا وأعضاء من NDI من نيويورك، احتفوا بعشرين سنة من الأمل والعطاء والنجاح الذي زُرع حبّة حبّة كما تُزرع البذور.

أنبل المهن
بذور "كليس" نمت وكبُرت وأصبحت اليوم أشجاراً مثمرة مع آلاف الأطفال والمراهقين والشبان، ومنحت الأمل لكثيرين ممّن عانوا وأهاليهم من الصعوبات التعلميّة المحددة، على امتداد الأراضي اللبنانية.

أراد القيّمون على المركز وفي مقدمهم مؤسِّسته السيدة كارمن شاهين دبانة، أن يكون الاحتفال مستوحىً من العمل الدؤوب الذي بدأ ببذرة ونما بحب ليصبح بحجم الوطن. فاختاروا أنبل المهن وأقدمها لتصاحب البرنامج: الزراعة والغرس في منطقة كفريا البقاعية.

زرع المحتفون 20 موقعاً ببذور الصنوبر، تيمناً بعشرين سنة من عطاء "كليس" المجاني وغير المشروط، كعطاء الأرض النبت والثمار. وذلك بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت ضمن مبادرة "SEEDS OF HOPE".

افهم طفلك
أُطلقت في الاحتفال المنصة الالكترونية "افهم طفلك" (Understanding your child) بالتعاون مع مركز "التعليم البديل اللبناني" (LAL). وهي منصةّ تفاعلية للأسئلة والأجوبة موجّهة لآباء وأمهات الأطفال ذوي الصعوبات التعلمية المحدّدة. والهدف منها تقييم معرفة الأهل حالة طفلهم، ومساعدتهم على الالمام بمكنوناتها وشرح تفاصيلها وكيفية تشخيصها والتعايش معها وكيفية طلب المساعدة. وتشمل المنصة الصعوبات التالية: عسر القراءة، عسر الكلام، عسر الحساب، عسر تنسيق الحركات، الإفراط الحركي، والنقص في الانتباه، وعسر الإملاء.

كان النشاط مشحوناً بالفرح والتفاؤل والفخر بسنوات لم تخلُ من صعوبات في العمل في مجتمع يضم أعداداً هائلة من الأطفال الذين يحتاجون إلى التوجيه وتحديد مشكلاتهم، ولا يعرف أهلهم إلى أين وإلى من يتوجّهون. وامتد النشاط من التاسعة صباحاً إلى الخامسة والنصف عصراً. فبعد انطلاق قافلة المشاركين الساعة التاسعة صباحاً من بيروت، كانت محطة أولى مع زرع "بذور الأمل" في كفريا، في الحادية عشرة.

وشمل النهار الاحتفالي جولة في منطقة عمّيق الرطبة المذهلة بطبيعتها وبيئتها، كما يُبيّن الشرح المرافق للجولة. ثم أقيم غداء  قَرَوي احتفالي، قبل انطلاق رحلة العودة إلى بيروت.

وقالت السيدة دبانة: "منذ عشرين سنة قررنا في المركز اللبناني للتعليم المختص "كليس" أن نواجه الصعوبات التعلمية ونضع أنفسنا كفريق عمل ومجلس إدارة وأصدقاء، في خدمة هؤلاء الأطفال وأهلهم، لنتقدم في مسيرة التربية والتعليم نحو مستقبل أفضل. لا شيء يوقف عزيمتنا لمواجهة هذه المشكلة أو الصعوبة، فنحن نكسر الحواجز ونتجاوز الضغوط لنحرر الأطفال من الصعوبات التعلمية".

قبل 20 عاماً قررت كارمن شاهين دبانه التصدّي لمشكلة الصعوبات التعلمية المحددة، بتأسيسها المركز اللبناني للتعليم المختص "CLES"، فاضطلع بدور رياديّ كبير في هذا المجال. في حينها، لم يكن الانتباه إلى صعوبات التعلّم المحدّدة في لبنان كبيراً، نظراً إلى قلة الوعي بهذه المسألة الشائكة التي تؤدي، إذا لم تعالَج، إلى عواقب خطيرة على مستقبل الأولاد. غير أن الجهود الدؤوبة التي انبرى للقيام بها عدد من أصحاب الإرادات الخيّرة ساهم إلى حد كبير في تغيير هذا الواقع.

يوم عالمي للصعوبات التعلمية
ولمناسبة اليوم العالمي للصعوبات التعلمية المحددة، احتفل "كليس" بلقاء تربوي في وزارة التربية في 10 تشرين الأول الجاري، فجمع الاحتفال متخصّصين وخبراء في هذا المجال. واحتفت مراكز "كليس" الثمانية الموزّعة على الاراضي اللبنانية مع عائلات المستفيدين من خدماتها وفريق العمل.

وقالت السيدة شاهين دبّانه: "أنا مقتنعة تماماً بأن الطريق إلى السلام يمرّ عبر تعليم الأطفال وإتاحة الفرص لإعطاء كل طفل حقّه في تحقيق إمكاناته وطاقاته. وذلك من خلال تقبّل ما نعانيه ويعانيه الآخرون من صعوبات ، وإعطاء الجميع الفرصة للتعامل بأفضل طريقة ممكنة مع هذه الصعوبات. والسبيل إلى هو التعليم المستدام، فنستطيع أن نسلّح أطفالنا بالأدوات التي يحتاجونها لعيش مراحل حياتهم بوضوح في الرؤية. لا تكمن القوّة في أن نكون بلا عيوب، ولا في غياب الصعوبات، بل في النظر بوضوح وعمق إلى أنفسنا وإلى الآخرين".

ويمارس "كليس" نشاطاته انطلاقاً من ثمانية مراكز: اثنان في بيروت، والأخرى في طرابلس وصيدا وزحلة والنبطية وزوق مكايل والشوف. وتشمل النشاطات دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات، وبرنامجاً للرقص التعليمي الهادف بالتعاون مع المعهد الوطني للرقص في نيويورك، ومنشورات، وعملاً مسرحياً، إضافة إلى مشروع "غرف الدعم الدراسي" بالتعاون الوثيق مع وزارة التربية والتعليم العالي.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024