السرقات في لبنان تتزايد.. والأموال مخبأة في البيوت

فاطمة حيدر

الخميس 2020/01/23
بتاريخ 12 كانون الثاني وفي مدة ساعة تقريباً، أقدم بين 3 و5 أشخاص ملثمين، مجهولي الهوية على تنفيذ ثلاث عمليات سلب بقوة السلاح، استهدفت ثلاثة محلات لألعاب الميسر في محلتي الحازمية وسد البوشرية، مستخدمين أسلحة حربية عبارة عن بندقية بومب اكشن ومسدسات، وعملوا على ضرب العمال والزبائن، وسلبوا الأموال وفروا الى جهة مجهولة. وبعد 24 ساعة تمكنت الشرطة من اعتقال العصابة.
في الآونة الأخيرة، بتنا ننتبه إلى مثل هذه الحوادث، وخصوصاً سرقات البيوت. بتنا نشعر أن وتيرة أعمال اللصوص تتزايد. 

فاليوم، بالرغم من حروب لبنان الطويلة، والدمار الذي خلفته في شتى القطاعات ، لم يصل البلد إلى الانحدار الذي يدفع مواطنيه إلى التخوّف من مجاعة تحدّث عنها خبراء وسياسيون. وبدأ بعض الزعماء والقوى السياسية بتوزيع حصص غذائية (إعاشة)، بديلاً لعملهم على حل الأزمة، فيما المنتظر - بعد أكثر من 98 يوماً على الانتفاضة الشعبية - إيجاد مخرج سياسي واقتصادي ومالي، يهدئ المواطنين الفقراء وصغار مودعي المصارف الخائفين على مدخراتهم.

وهناك عائلات كثيرة باتت عاجزة عن تأمين قوتها اليومي. وشهدنا تزايد حالات انتحار حرقاً. وهذه إنذارات لانحدار الوضع المعيشي إلى القعر.

أما الظاهرة التي بدأت تتفاقم فهي النشل والسرقة اللتين تثيران ريبة الناس، الذين باتو يدّخرون أموالهم في البيوت، بعدما فقدوا ثقتهم بالبنوك. ولعل الأخطر من السرقة هو ما يرافقها من جرائم دموية. وهذا ينذر ويهدد بالتفكك الاجتماعي، ويعني أن الأمن الاجتماعي في خطر.

سرقات بيتيّة
تتركز السرقة حالياً على المنازل وشركات وتعاونيات وصيدليات. وفي متابعة حثيثة، تبيَن أن قيمة المبالغ المالية المسروقة تتعدى الملايين، وهي كلها "كاش". أما المسروقات الأخرى فهي المجوهرات، إذا توفرّت.

وتكشف البيانات الرسمية الصادرة عن قوى الأمن أخيراً أن لبنان شهد سرقات في المناطق كافة، آخرها في غرب بعلبك، حيث حصلت سرقة من منزلين في بلدتي تمنين التحتا وقصرنبا، وبلغت قيمة المسروقات حوالى 29 مليون ليرة. ووقعت قبلها سرقة 89 مليون ليرة من إحدى الشركات في الشويفات. وحصلت سرقات في منطقة صور، آخرها ليل 26/12/2019 في مختبرات بمحلة جل البحر، حيث سرق لص مبلغ 25 مليون ليرة. وبعدها بـ 4 أيام، ضبط مبلغ 27 ألف ومئتي دولار أميركي من منزل في عرمون.

وهناك سرقات طريفة، كالتي تم تداولها على مواقع التواصل: سرقة سيخ شاورما من مطعم في فرن الشباك. وهي سرقة بقصد الحصول على الطعام.

يعيش اللبنانيون اليوم قلقاً على حال البلد، وعلى أموالهم التي يدّخرونها في البيوت. وبحسب أرقام قوى الأمن - حصلت عليها "المدن" - إن معدل السرقات بين 2018 و2019 ارتفع بنسبة 13 في المئة. ففي العام 2018 وقعت 1391 جريمة سرقة سنوياً (أي 116 جريمة شهرياً) أما 2019 فارتفعت الجرائم إلى 1537 (أي 128 جريمة شهرياً).. لكن السنة التي شهدت النسبة الأكبر على مدى السنوات الأخيرة، فهي 2014: بلغ معدل السرقات الشهرية 190 حالة، رغم أن الوضع المعيشي لم يكن متأزماً كما الآن. وتشير الأرقام إلى أن معدل جرائم القتل انخفضت بنسبة 5 في المئة سنة 2019.

قلق وارتياب
ما هو دور قوى الأمن في الحد من ارتفاع مستوى السرقات، وهل هناك من خطة طوارئ للحؤول دون تعرض المواطنين إلى الأضرار الناتجة عنها؟

يؤكد مصدر أمني أن مديرية قوى الأمن الداخلي تقوم بشكل مكثف بمتابعة العصابات وملاحقتهم، خصوصاً أولئك الذين من أصحاب السوابق. وهي تقوم بمتابعة يومية للتحقيقات والبلاغات لتوقيف اللصوص في وقت قياسي، إلى جانب متابعتها ساحات التظاهرات.

ويدحض المصدر الأمني أي رابط بين الوضع المعيشي الصعب وازدياد حالات السرقة في لبنان أو التخوف من ازديادها في المستقبل القريب. ويؤكد أن الحالات التي تصل إلى المديرية معظمها مؤلفة من عصابات تتوارث هذه المهنة، وتحاول استغلال الوضع حالياً قدر المستطاع. فهم ليسوا سارقين نتيجة العوز. والفقر قد يعزز استعداد الشخص للسرقة، ولكن فقط لدى أشخاص لديهم ميول إجرامية.

الوضع الحالي قد يهدد الأمن المجتمعي. فالوضع المعيشي الصعب قد يدفع المواطن إلى استخدام أي وسيلة للبقاء والاستمرار. وفي هذه الأجواء قد يتزايد "جنون الارتياب" (Paranoia).

لكن حيال هذا كله، ليس لدى رئيس الجمهورية سوى بضعة كلمات: "لبنان يدفع اليوم ثمن تراكم ثلاثين عاماً من سياسات اقتصادية ومالية خاطئة اعتمدت على الاقتصاد الريعي والاستدانة".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024