دبيبو يشرح تأثير اللقاح على المصابين بأمراض مناعية ومزمنة

وليد حسين

الخميس 2021/01/21
بعد توقيع وزارة الصحة العامة العقد مع شركة "فايزر"، ستصل أولى دفعات اللقاح في مطلع شهر شباط. كما سيحصل لبنان على اللقاحات التي ستعتمد من منظمة الصحة العالمية عبر منصة كوفاكس العالمية. وبدأ القطاع الخاص بالتفاوض مع شركات لتأمين نحو مليوني لقاح من شركتي Astrazeneca وSinopharm بدءاً من شباط المقبل. إضافة إلى حجز وزارة الصحة لقاحات إضافية من شركة Johnson، بعد حصولها على المصادقات العالمية. وهناك مباحثات من القطاع الخاص مع شركتي Moderna الأميركية وSputnik الروسية لتأمين لقاحات إضافية. 

وفي جديد حملات التلقيح وصل عدد الملقحين حتى 20 كانون الثاني 54.3 مليون شخص في 51 دولة حول العالم، معظمها بلقاح "فايزر"، بمعدل 2.7 مليون شخص يتلقون اللقاح يومياً منذ بدء حملات التلقيح في نهاية السنة الفائتة، وبمعدل مليون شخص يومياً خلال الأسبوع الفائت. 

والمعلوم أن فعالية لقاحي "فايزر" و"مودرينا" وصلت إلى أكثر من 94 في المئة، وسعر الأول نحو عشرين دولاراً والثاني نحو 30 دولاراً. ويعتمد هذان اللقاحان على تقنية حديثة معروفة بمرسال الرنا. بينما فعالية لقاح أسترازينكا تراوحت بين 70 و91 في المئة عبر استخدام تقنية الأدينو فيروس، مثل لقاح سبوتنيك الروسي، ولا يتخطى ثمنه الخمسة دولارات. أما لقاحي صينوفارم وصينوفاك الصينين، الذين يعتمدا التقنية التقليدية عبر حقن الجسم بفيروس كورونا غير المفعل، فقيل أن فعاليته تصل إلى 78 في المئة، لكنها تراجعت إلى نحو 50 في المئة، بعد استخدامه في البرازيل ودول أخرى. وقد يصل سعر هذه اللقاحات إلى نحو خمس دولارات.

ملابسات حول اللقاح
ومع قرب وصول لقاح "فايزر"، تستمر التساؤلات حوله ومدى أمانه وآثاره الجانبية العامة أو الخاصة. وتساؤلات حول فعاليته مع الحالات الخاصة، مثل الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو أمراض وراثية أو مناعية. إذ يفضل البعض عدم المخاطرة وتلقي اللقاح التقليدي خوفاً من آثار جانبية لهذا اللقاح الحديث. 

مخاوف كثيرة وتكهنات، أوضح ملابساتها رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو لجنة اللقاحات في منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، البروفسور غسان دبيبو، لـ"المدن".

بداية، ربما لا يثق المواطن بالدولة ومؤسساتها ولا حتى بتلاعب التجار في القطاع الخاص.  كيف يختار المواطن اللقاح المناسب عندما تغزو اللقاحات الأسواق لاحقاً؟ 
إذا تسنى للمواطن الخيار، عليه أن ينظر إلى فعالية اللقاح وأمانه. هاتان المسألتان تأتيان بالدرجة الأولى. أما سعر اللقاح فلن يكون باهظاً بشكل يجعلنا نختار اللقاح حسب سعره، في حال لم يلجأ المواطن إلى اللقاح المجاني الذي ستوفره الدولة.
اللقاحات المعتمدة عالمياً عندها درجة عالية من الفعالية والأمان. قد يتميز "فايزر" و"موديرنا" عن الأسترازينيكا بفعاليتهما الأعلى، كما بات مثبتاً علمياً. لكن عندما نتطلع لتلقيح عدد كبير من المواطنين، علينا الأخذ بالاعتبار توفر اللقاحات. وبالتالي يصبح خيار استرازينيكا، الأقل فعالية بقليل عن اللقاحين السابقين، وارداً لأننا نستطيع الوصول إلى شريحة أكبر من المجتمع تلقيحاً وحماية له.

في ظل تفاوض البعض مع الصين، برزت آراء وشائعات عن أن لقاح "فايزر" غير مرغوب به لبعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض جينية أو أمراض المناعة الذاتية أو التصلب اللويحي وغيرها؟ ما مدى دقة هذا الأمر؟
هذا الكلام غير دقيق أبداً. هذه مجرد شائعات. لا شيء مثبت يقول إن لقاح "فايزر" أو "موديرنا" (لقاحات مرسال الرنا) أو أي لقاح آخر معتمد، غير مستحب لتلقيح الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة أو أمراض المناعة الذاتية وغيرها. يجب أن يتلقى كل هؤلاء الأشخاص اللقاح. ويستطيعون التطعيم بأي لقاح كان معتمداً ومرخصاً. وعلينا التذكير أن اللقاحين الصينيين اختبرا في أكثر من بلد، (تركيا والبرازيل وإندونيسيا والإمارات) وكانت العينات صغيرة والنتائج متفاوتة (بين 50 في المئة والتسعين) ولم ينشر عنها دراسات علمية وفق الأصول المعتمدة. ولم يكن هناك من تفاصيل شفافة حول الفعالية والأمان. ولا نعرف كيف نتثبت من هذه النتائج المتفاوتة بهذا الشكل الصارخ.

وأعيد وأؤكد، لا يوجد أي سبب يدفعنا للقول أن اللقاحات الحديثة (مرسال الرنا) مختلفة عن لقاحات الأدينوفيروس أو اللقاحات التقليدية (الصيني) في ما يتعلق بآثار جانبية على الأشخاص الذين يعانون من الأمراض السابقة الذكر. العكس تماماً صحيح، فنسبة أمراض المناعة التي تحصل جراء الإصابة بكورونا، ترتفع عند المصابين الذين تكون أعراضهم بعد الإصابة خطرة وتستدعي الدخول للعناية الفائقة. أما الأشخاص الذين يعانون من مشاكل مناعية أو تصلب لويحي وغيرها، فخطر الإصابة بكورونا وتعرضهم لأعراض خطرة، لا يقارن بأي عارض جانبي قد يحصل جراء تلقي اللقاح. 

هل للقاح "فايزر" وباقي اللقاحات، تأثيرات جانبية على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل القلب والضغط والسكري وغيرها، تستدعي التريث بتلقي اللقاح؟
بالعكس تماماً. هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض لهم أولوية الأولويات لتلقي اللقاح، كي نحميهم من خطر الإصابة بكورونا. في كل دول العالم لهم أولوية كي لا نعرضهم لمخاطر المرض الذي يلحق بهم من كورونا. فالأمراض التي يسببها كورونا لهؤلاء الأشخاص كبير جداً وتلقي اللقاح يمنحهم مناعة تحميهم من مخاطر العدوى.   

بعد تلقي اللقاح متى يصبح الانسان منيعاً من الإصابة؟
اللقاحات التي نتحدث عنها تحتاج لجرعتين. يوجد لقاح وحيد بجرعة واحدة هو "جونسون"، لكن لم يكتمل ملفه بعد كي يحصل على الموافقات العالمية. والمناعة لا تكتمل إلا بعد تلقي الجرعة الثانية من هذه اللقاحات بنحو أسبوعين. أي عملياً نحو 40 يوماً من تاريخ تلقي الجرعة الأولى.

بعد تلقي اللقاح، هل يجب الإبقاء على قناع الوجه والاستمرار باتخاذ الإجراءات الوقائية الحالية؟ 
الأفضل أن نستمر باتخاذ الإجراءات الوقائية المعتادة في الوقت الحالي. فاللقاحات ليست فعالة مئة في المئة. ففي ما يتعلق بلقاح "فايزر" مثلاً، نسبة الفعالية 95 في المئة، ما يعني أن نسبة خمسة في المئة قد تكون معرضة للإصابة بكورونا مع أعراض بعد تلقي اللقاح. بالتالي الإجراءات الحالية ستستمر معنا إلى حين تشكيل مناعة القطيع، أي الوصول إلى مناعة تغطي نحو 70 أو 80 في المئة من المجتمع، سواء باللقاح أو بعد الإصابة. هذا فضلاً عن عدم وجود دراسات تثبت أن الشخص الذي تلقى اللقاح لن ينقل العدوى إلى الآخرين. نظرياً من تلقى اللقاح يشكل مناعة على الفيروس ولا يلتقط العدوى. لكن لا بيانات عن أن الشخص لن يلتقط العدوى من دون أعراض وينقلها لغيره.

في حال كان الشخص مصاباً بكورونا وشفي منه من دون علمه، هل تلقي اللقاح له أثر جانبي عليه؟
لا يؤثر اللقاح سلباً ولا يحدث أي أعراض عند الأشخاص المصابين بعد تعافيهم. التأثير السلبي الوحيد هو أن هؤلاء الأشخاص سيأخذون اللقاح من أمام أشخاص بحاجة له. لأن من يصاب بكورونا يصبح لديه مناعة بعد الإصابة، وعليه ترك المجال لمن لم يصب بعد، لتلقي اللقاح. المسألة تكمن في الأفضلية فقط.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024