مجمّع "الجامعة اللبنانية" في زحلة: الوعد المؤجل هل يتحقق؟

لوسي بارسخيان

الجمعة 2019/03/29
سيضاف تاريخ 22 آذار 2019، إلى ذاكرة طلاب البقاع، من أقصى شماله إلى جنوبه. فإما أن يكون تاريخاً مفصلياً على طريق توحيد جامعتهم اللبنانية، المشتتة في أكثر من مبنى مستأجر، بمدينة زحلة، أو يكون ذكرى خسارتهم الأمل الأخير بالمجمع الجامعي، الموعود منذ إنشاء كليات الفرع الرابع في سنة 1977، ومعه خسارة فرصة إنشاء ملعب بلدي مرجو، في مدينة زحلة منذ سنة 1995.

الوكالة الفرنسية
فيوم الجمعة الماضي، حسمت بلدية زحلة الجدل الذي أثير حول المساحات المخصصة لكل من الجامعة اللبنانية والملعب البلدي في العقار 66 – حوش الأمراء،  بتخليها عن مساحة 7 آلاف متر من حصتها في العقار، حتى تتناسب مع متطلبات الخطط المستدامة لإنشاء مبنى جامعي موحد على هذا العقار، ستمول إنشاءه الوكالة الفرنسية للتنمية  (AFD) من ضمن المخطط العام لتنمية الجامعة اللبنانية.

وهكذا، صار بإمكان الـAFD، أن تباشر بوضع الدراسات اللازمة للإنطلاق بتشييد المبنى الجامعي الموحد، بعد  الإجراءات القانونية لـ"ترقين" القيد رقم 3233 ، والتي ترفع بموجبه البلدية إشارتها عن حصتها من الأرض، لتضم مساحة 7 آلاف متر منها الى ملكية الجامعة الممتدة على مساحة 35 لف متر، مقلصة طموحاتها بملعب بلدي واسع، كانت ترغب بإنشائه على هذا العقار، إلى ملعب أصغر حجماً، يمكن أن ينشأ على مساحة ثلاثة آلاف متر.

إيجارات بمليار ليرة
صحيح أن الملعب البلدي كان سيشكل متنفساً يجمع شباب زحلة والبقاع، من مختلف المناطق، إلا أن المبنى الجامعي الموحد لا يشكل "ترفاً" لهؤلاء أيضاً، بل من شأنه أن يضع خاتمة لواقع مأسوي، تعاني منه كليات الفرع الرابع منذ تأسيسها، ويتخطى التكاليف الطائلة التي تنفقها الجامعة على استئجار مبان سكنية غير لائقة للتدريس، إلى تهديد سلامة الطلاب المعرضين لحوادث السير كلما توجهوا إلى كلياتهم.

فعملياً، تتوزع كليات الجامعة اللبنانية الخمس في زحلة على ستة مبان، تقدر قيمة إستئجارها، وفقا لآخر التصريحات، بنحو مليار ليرة سنويا. واحد من هذه المباني مخصص  للعلوم الإجتماعية، في منطقة مزدحمة إلى جانب دوائر تسجيل السيارات، وآخر للحقوق والعلوم السياسية، في مبنى تجاري بمحاذاة أوتوستراد زحلة، وآخر للأداب، في مدرسة مستأجرة بمنطقة كساره، وواحد للصحة في الكرك. فيما تتشتت كلية العلوم العامة في مبنيين، بعدما ضاق المبنى القديم، المؤلف من أربع طبقات، بالقاعات والمختبرات التي يضمها، إلى جانب مصلحة الأرصاد الجوية، التي تشغل أحدى الشقق، لينتقل جزء من كليات الجامعة وصفوفها إلى مبنى ثان. ما جعل المسافة التي تفصل بين قاعات الكلية الواحدة تصل ألى نحو كيلومتر، الأمر الذي أثار دهشة رئيس الجامعة فؤاد أيوب نفسه، في حديث إلى رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب خلال لقاء عام في البلدية. 


تاريخ الوعود المنكوثة
تعايش مع هذا الواقع البقاعيون، طلاباً وأساتذة وأهالٍ، على مدار عقود من الأصوات التي هدرت في "فضاء خال"، لتتقلص طموحاتهم، من مطالبة بمبنى موحد، إلى إنشاء جسور للمشاة، تجنب التلاميذ الحوادث المتكررة على مداخل كلياتهم، ولا سيما منها كليات العلوم السياسية والآداب والصحة، الواقعة على طرفي أوتوستراد. ولكن حتى هذه الأخيرة لم تؤخذ المطالبات بها بالجدية اللازمة، إلى أن اضطرت بلدية زحلة لإنجاز دراسة، لوحت بالانطلاق بتنفيذها في شهر نيسان المقبل، إذا لم تقر من ضمن الموازنة المطلوبة في وزارة الاشغال، حتى لو لم تكن الأوتوسترادات وتأهيلها من ضمن صلاحيات البلديات.

وإذا أخذنا في الاعتبار، تاريخ الوعود المتكررة المقطوعة على البقاعيين بالانطلاق بمشروع البناء الموحد، كلما لاحت في الأفق فرص تمويل، لا يمكن للبقاعيين أن يتفاءلوا كثيراً بصدق الوعود هذه المرة، حتى لو توفرت فرص جدية للتمويل تسمح بوضع مخططاته على الورق، وفقاً لما أكده أيوب لمستمعيه. ففي سنة 1995 عاش البقاعيون الحماسة نفسها، عندما نقلت وزارة الأشغال ملكية 35 ألف متر مربع من العقار 66 في حوش الأمراء إلى وزارة التعليم، ما أعطى الإشارة حينها لوضع دراسة جدية للمبنى الجامعي، أنجزت من قبل كلية الهندسة في سنة 2003، وكان يفترض أن تضم كليات العلوم الإجتماعية، الزراعة، الصحة، العلوم الطبيعية، الآداب، الحقوق والعلوم السياسية، إضافة إلى مختبرات كلية العلوم، والتكنولوجيا، وقاعة للمؤتمرات، مرآب، مستوصف، مدرجات، محطة للطاقة، قاعة للتجهيزات الميكانيكية، مطعم جامعي. إلا أن هذا المخطط ضاع أدراج الرياح، فلم يتمكن رئيس البلدية من العثور ولو على نسخة منه في كلية الهندسة، كما أوضح لأيوب في اللقاء الذي جمعه مع البلدية.

استمرت المطالبات لسنوات إلى أن تجددت الآمال بالبناء الجامعي، مع إمكانية إدراج مجمع البقاع من ضمن تمويل توفر عبر البنك الاسلامي، لإنشاء ثلاثة مجمعات في سنة 2016، إلا أن هذه الأخيرة أيضاً أحبطها تأخر مجلس الوزراء بتكليف مجلس الإنماء والإعمار تجديد الدراسات القائمة، وانكفأ المطالبون كما في كل مرة حاولوا تحريك هذا الملف.

ترحيل فروع إلى الهرمل؟
بدا الطرح هذه المرة أكثر جدية، مع إصرار أيوب على الاستحصال على موافقة البلدية بضم حصتها من العقار قبل شهر نيسان المقبل، إضافة إلى موافقة البلدية على زيادة عامل الاستثمار للجامعة، ما يسمح بزيادة المساحات الخضراء، وتخصيص أجزاء منه للسكن الداخلي، وإقامة الملاعب، التي أكد أيوب استعداد الجامعة لفتحها أمام المجتمع المحلي تحت إشراف الجامعة.

إلا أن هذه الجدية وإن أنعشت الآمال، تركت غصة جديدة هذه المرة، من خلال ما أعلنه أيوب أيضا عن تفريع جديد لكليتي الزراعة والتكنولوجيا، إذ سينقلهما إلى الهرمل، الأمر الذي سيفتح الباب على نقاش جدي، حول الصعوبات التي ستواجه الطلاب في الالتحاق باختصاصين يتلاءمان تلقائيا مع واقع المنطقة الاقتصادي، وذلك ليس فقط بسبب المسافات الطويلة التي تفصل أقضية البقاع عن الهرمل، وإنما أيضا بسبب التحفظات العامة الموجودة في البقاع، حول اختلاف "البيئة الاجتماعية" بين محافظتي البقاع، وبعلبك الهرمل.

وإذا أضفنا المخططات المختلفة التي وضعت لكلية الزراعة، تارة لإنشائها في البقاع الغربي، وأخرى في تل عمارة، والآن في الهرمل، إلى تأخير السنوات الذي غيّر المخططات الأولى الموضوعة للمبنى الجامعي الموحد، تصبح الشكوك حول إنجاز المبنى مبررة تماماً، حتى لو أكد نواب المنطقة في لقائهم مع رئيس الجامعة في بلدية زحلة، أنهم لم يلمسوا جدية كتلك الموجودة حالياً بشأن البناء الجامعي الموحد.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024