يتجه صلاح و3 من رفاقه مساء كل يوم في سيارة "انفينتي" الى مدخل طرابلس. يركن هؤلاء سيارتهم، ويطلبون فناجين قهوة "اسبرسو"، ويراقبون أي شاحنة نفايات تهرّب من بيروت وجبل لبنان الى مكبات عشوائية في الشمال. وهم يتناوبون في جلوسهم الى طلوع الصباح، وينسقون مع بعضهم البعض، في عمل تطوعي ومن مالهم الخاص.

ينشط هؤلاء مع أكثر من مئتي شاب (والعدد في تزايد)، في تحرك عفوي بات يعرف بـ"حراس المدينة" منذ يومين. يعملون جميعاً على حماية مداخل المدينة ومخارجها، ويتوزعون على اكثر من 12 نقطة، من بينها "دوار السلام" ومكب النفايات في الميناء، دوار نهر ابو علي، والـ"كواليتي ان"، بعد ان استطاعوا تحت جنح الظلام منع شاحنتين كانتا تتوجهان الى أبو سمرا، حيث ساهم الزميل عمر السيد، في اطلاق المبادرة، بعد ان صور مقطع فيديو يظهر اعترافات السائقين بفعلتهما.

السيد، الذي ينشط مدنياً مع مجموعات شابة غير منتمية سياسياً، يسعى الى تشبيك هذه المجموعات ببعضها، وهي توسعت وصارت أشبه بـ"كرة ثلج"، وصار على رأسها سميح حلواني الذي ينسق عمل الفرق المتطوعة، ويساهم في توزيعها على النقاط ووفق مواقيت محددة.

يقول السيد في اتصال مع "المدن" أنّ "العمل عفوي وغير منتم سياسياً إلى أي جهة. وهو يضم خيرة شباب المدينة الغيورين على مصلحتها والذين تداعوا لحماية المدينة وناسها من نفايات تجلب سراً وتحت الظلام ويتم رميها في مكبات عشوائية"، موضحاً ان "عمل الشبان يتطور وهم طلبوا مساعدة رئيس البلدية عامر الرافعي الذي كلف دورية من شرطة البلدية بالتجوال ليلاً وتفقد نقاط توزع المتطوعين، واصبح هؤلاء على تنسيق أيضاً مع قوى الأمن الداخلي الذين سيحضرون بعد أي تبليغ تقوم به هذه الوحدات المتفرقة".

ويؤكد السيد: "بعد تهريب النفايات من مناطق في جبل لبنان إلى طرابلس وعكار، ازدادت الدعوات الى منع دخول أي شاحنة مهربة وسيتحول التحرك الى عمل جدي ومنظم"، موضحاً ان التحرك بدأ مع  50 شاباً وأيّد هذه الخطوة أبناء المدينة الذين مرّ بعضهم على هذه الحواجز وشكروا الشبان على جهودهم".

الى ذلك، عقد المجتمع المدني في طرابلس لقاءاً، حيث تم توقيع عريضة هي الثالثة من نوعها، تفوض نقابة المحامين في طرابلس اتخاذ صفة الادعاء الشخصي على من ينقل أي نفايات إلى المدينة.

وكان نقيب محامي طرابلس فهد المقدم قد أعلن، في مؤتمر صحافي عقده اليوم، في مقر النقابة في طرابلس، ان "نقابة المحامين في طرابلس قد تقدمت بشكوى أمام المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود اتخذت فيها صفة الادعاء الشخصي بحق من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً بالجرائم المنصوص والمعاقب عليها وفق القوانين"، مطالباً بـ"محاكمة ومحاسبة المسؤولين عن إدخال النفايات الى طرابلس، وإلزام الفاعلين بإزالة الضرر والتعويض عنه، وقد أبدى الرئيس حمود كل اهتمام بمن يقوم بإدخال النفايات إلى مدينة طرابلس أو الشمال من خارجه".

وأكد المقدم: "أننا لن نقبل الاستخفاف بمدينتنا، وتحويل شوارعها وساحاتها مكباً للنفايات، عبر التسلل إليها ليلاً، لارتكاب الجرائم الموصوفة، التي يعاقب عليها القانون، ويتغاضى عنها المسؤولون، وآخرها فضيحة النفايات، التي تحصل على مرأى من المولجين حفظ أمن هذه المدينة". داعياً القوى الأمنية والبلدية "القيام بالدور المطلوب منها توصلاً لمنع تكرار هذه الجريمة التي أضرت وتضر بطرابلس والشمال".