حرائق غابات بعكار.. شبهات افتعالها للتدفئة بحطبها

جنى الدهيبي

السبت 2021/10/09

تواجه عكار مجددا التهام النيران ثروتها الحرجية، فيما يستمر تقاعس السلطات الرسمية عن اتخاذ إجراءات احترازية، تمنع تكرار الحرائق التي شهدتها هذه المحافظة الخضراء في آب الفائت.  

ولا يكترث المعنيون بمخاطر التصحر الذي يهدد عكار، بعدما خسرت مئات المساحات الخضراء في الوديان ومن الغابات الجبلية، وطالت الأشجار الصمغية والصنوبر والأرز. ويرى كثيرون أن فاتورة الخسائر البيئية ضخمة، ومن الصعب تعويضها بشكل طبيعي قبل سنوات.  

استغاثة بالجيش
وليل أمس الجمعة 8 تشرين الأول، اندلعت حرائق كبيرة في خراج بلدتي بزال وحبشيت، وما زالت مستمرة حتى الساعة، وطالت مساحات شاسعة من الأشجار الحرجية، كالصنوبر والسنديان والحقول الزراعية، في منطقة شديدة الوعورة.  

وبعد ساعات من تمدد الحريق ليلًا، باشر فرق الاطفاء بالدفاع المدني وفريق الاستجابة الأول في اتحاد بلديات جرد القيطع وجمعية "درب عكار"، وعدد من المتطوعين، وعملوا على إخماد الحريق والسعي إلى تبريد الأرض.  

ووجه أهالي المنطقة نداءات إلى قيادة الجيش بضرورة إرسال طوافة عسكريّة لإخماد النيران في أماكن وعرة من الأحراج يستحيل الوصول إليها لإخماد النيران فيها. 

وظهر اليوم السبت، وصلت طوافة عسكرية أقلعت من قاعدة القليعات الجوية، وباشرت تدخلها للمساهمة في إطفاء الحرائق في خراج بلدتي بزال وحبشيت في منطقة القيطع-عكار، حيث تم تركيب بركة بلاستيكية كبيرة عمل الدفاع المدني على إمدادها بالمياه لزوم احتياجات الطوافة. 

افتعال الحريق؟ 
وقبل أيام حذرت وزارة البيئة من ارتفاع مؤشر حرائق الغابات في تشرين الأول، وناشدت المواطنين التقيد بالتعليمات، لأن موسم الحرائق مستمر، بعد انخفاض مستوى الرطوبة في الغطاء النباتي والذي أصبح يشكل بيئة ملائمة جدا لتمدد الحرائق الكارثية. 

لكن في عكار، كما في مختلف المناطق الجردية والجبلية، تفيد المعطيات أن معظم الحرائق التي تندلع ليلا مفتعلة، وأن بعض المواطنين يعمدون إلى افتعالها وسيلة لتجميع الحطب، مع اقتراب موسم الشتاء، بحجة العجز عن توفير مادة المازوت.  

عجز البلديات
ويحمل آخرون البلديات مسؤولية إهمال الأحراج في المناطق الوعرة، التي يصعب الوصول إليها عند اندلاع الحرائق.  

وهنا، يشير رئيس بلدية بزال حاتم عثمان إلى أنه رغم السيطرة الجزئية على الحريق، ما يزال خطيراً، ومن المتوقع تجدده وتمدده، خصوصا في ظل العجز عن فرض رقابة ليلية على الأحراج.  

وقال عثمان لـ "المدن" إن ما يساهم بتمدد الحرائق هو الضعف الكبير بالتجهيزات اللوجستية، لدى البلديات والأجهزة الأمنية المختصة.  

فمثلا، تضطر البلدية إلى توفير مضخات المياه للدفاع المدني والقوى المساعدة له، كما تتأخر عادة الأجهزة الأمنية عن الوصول إلى أماكن الحرائق بسبب النقص في التجهيزات والمعدات.  

وسبق أن طالب كثيرون بضرورة مؤازرة الجهود بالدعم اللوجسيتي بغية مواجهة الحرائق، نظرًا للمعاناة الكبيرة للمتطوعين على الأرض.  

في المقابل، يلوم آخرون البلديات أيضًا، لأنها تخضع أساسا لسيطرة الأحزاب السياسية في عكار، وقد حولوها إلى ما يشبه مراكز حزبية وانتخابية، بينما يتلكأ معظمها عن وضع خطة استباقية للحرائق، ضمن الأراضي الواقعة تحت سلطتها. والأحزاب لا تنظر أساساً إلى عكار إلا كمحافظة انتخابية وخزان شعبي لبسط سلطتها.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024