دبيبو يشرح عن اللقاحات والسلالات.. وطفرة كورونا اليابانية

وليد حسين

الجمعة 2021/01/15
عاد الحديث عن سلالات كورونا الحديثة، والتحذيرات التي صدرت حولها من منظمة الصحة العالمية، والتي كان آخرها سلالة جديدة اكتشفت في اليابان. وحذر البعض من أنها قد تؤدي إلى ضرب جهاز المناعة عند الإنسان. كما صدرت تقارير إعلامية عن حصول وفيات بعد تلقي لقاح "فايزر". في المقابل شرّع المجلس النيابي استخدام اللقاحات في الحالة الطارئة، رافعاً المسؤولية عن الأعراض غير المحسوبة عن الشركات المصنعة للقاحات لمدة سنتين. وارتفعت الأصوات لفتح المجال أمام القطاع الخاص لاستيراد اللقاحات. لكن كما كل شيء في لبنان، يبقى الخوف من فتح سوق اللقاحات كما هو حال سوق الدواء، خصوصاً أن في العالم يوجد نحو 220 شركة تعمل على تصنيع اللقاحات، ثلاث منها فقط مرخصة عالمياً.  

طفرات كورونا طبيعية
وقوفاً عند آخر هذه التطورات، أكد رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو اللجنة التقنية للقاحات في منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، غسان دبيبو، أن طفرات كورونا أمر طبيعي ومتوقع. وكلما ارتفع عدد الإصابات في العالم كلما تحوّر هذا الفيروس. والتحوّر يختلف من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى. وبالتالي اكتشاف السلالات الجديدة من طبيعة هذا الفيروس. 

وقال في حديث لـ"المدن" أن السلالات التي ستطغى في العالم هي تلك تجعل الفيروس ينجح في الاستمرار في الانتشار وإصابة الذين لا يملكون مناعة على كورونا. وإذ تخوف من يطرأ على الفيروس تحوّر معين قد يجعل أعراضه خطرة أكثر من السابق، أكد أنه إلى حد الساعة، كل الطفرات التي حصلت عالمياً، وهي كثيرة، بما فيها السلالة اليابانية التي أعلن عنها منذ ثلاثة أيام، لا يوجد إشارات علمية أو بيانات، تثبت أن الأعراض أو الأمراض التي حصلت أخطر أو أشد من السابق.
لقد بات كورونا سريع الانتشار، وهذا أمر طبيعي، لكنه لم يصبح أكثر خطراً من المعتاد. والأهم من هذه السلالات هو أنه إلى حد الساعة ما زالت المناعة التي تشكلت عند المصابين السابقين، واللقاحات المكتشفة، قادرة على حماية الإنسان من هذا الفيروس، كما قال.  

اللقاحات وفعاليتها
وعن اللقاحات التي تعمل عليها الشركات لمواجهة كورونا، أكد دبيبو أنه يوجد نحو 220 لقاحاً في العالم. بعض اللقاحات أخذت التراخيص اللازمة، لكن كل الباقي قيد الدراسات والتطوير. وهذه اللقاحات، بعد انتهاء مرحلة التطوير، ستعاني من مشكلة التجارب على البشر في كيفية إيجاد متطوعين. ففي ظل وجود لقاحات آمنة وفعالة وباتت تستخدم وتوزع عالمياً، سيصعب إقناع متطوع لإجراء الدراسة عليه، كما قال.

لكن ما هي اللقاحات التي أثبت فعالية وأماناً يعتد بهما؟
وفق دبيبو، إلى حد الساعة الشركات التي نشرت دراسات وبيانات علمية مفصلة وموثقة ويعتد بها هي فايزر وموديرنا وأسترازينيكا. كل اللقاحات الأخرى، بما فيها تلك التي أعلنت عن فعالية عالية، لم يعثر إلا على مقتطفات أو تصريحات إعلامية لا غير، عن دراساتها. وهذا ينطبق على اللقاحات الصينية أو اللقاح الروسي أو الهندي. فهذه الشركات تقول إن فعالية لقاحها كذا وكيت، وإنها اختبرته على هذا العدد من الأشخاص، لكن ليس هناك من دراسات علمية مفصلة منشورة. ولم يتمكنوا من الحصول على بيانات معينة كي يراجعوها للتثبت منها، قال.  

وأضاف، أن منظمة الصحة العالمية وافقت على فايزر وموديرنا واسترازينيكا، وذلك بناء على الدراسات والبيانات التي نشرتها الشركات. ما يعني أن باقي الشركات لم تقدم بعد بياناتها الكاملة كي تحصل على الموافقة.

في السابق طالب البعض باستقدام اللقاح الروسي واليوم يطالبون باستقدام اللقاح الصيني. هل هذا المطلب منطقي طالما أن الشركات لم تنشر دراساتها؟ وكيف علينا أن نختار بين اللقاحات؟
كدولة يفترض أن تسعى لتوفير أكبر عدد من اللقاحات من أكبر عدد ممكن من الشركات. وهذا عمل يجب أن يكون مستمراً. وعندما يتوفر أي لقاح جديد يجب أن نسعى للحصول عليه كي نغطي كل المجتمع. لكن شخصياً أتردد في استخدام لقاح لم أعرف تفاصيل معينة عنه. قبل أن ألقح أي شخص عليّ أن أتأكد من نسبة الأمان والفعالية التي يؤمنها اللقاح، بعد الاطلاع على الدراسات العلمية. وقبل ذلك علينا معرفة إذا كانت هذه اللقاحات متوفرة ويمكن شرائها. 

عاد التخوف من أمان اللقاح، خصوصاً في ظل الحديث عن حصول أعراض خطرة ووفيات بين أشخاص تلقوا لقاح "فايزر" في ألمانيا، حيث تحقق الحكومة بوفاة عشرة أشخاص. هل علينا التريث في تلقي اللقاح؟
تم التداول بحصول وفيات لأشخاص مسنين في ألمانيا وفي النروج والتحقيقات جارية. لكن عادة الأشخاص المسنين يكونون معرضين للوفاة في الحالات الطبيعية، وخصوصاً المسنين في دور العجزة. فهذه الفئة تعتبر هدفاً رئيسياً في الدول الغربية لتلقي اللقاح لأنه غالباً تكون أوضاعهم الصحية سيئة جداً، ويعانون من مشاكل صحية كثيرة تودي بهم إلى حتفهم بين الفينة والأخرى. ومن دون تلقي اللقاح يحصل بينهم وفيات. بالتالي، قد تكون أسباب الوفاة غير مرتبطة باللقاح، وأتت بظروف طبيعية، بعد تلقي اللقاح. وهذا يستدعي إجراء تحقيق ودراسة حول هذه الحالات لمعرفة الأسباب، وإذا كان اللقاح قد تسبب برد فعل معين. علماً أن اللقاح درس في هذه الفئات العمرية وأثبت عن فعالية كبيرة، ولم يظهر أنه تسبب بأي أعراض غير طبيعية ومحسوبة.   

وأضاف دبيبو، إلى حد الساعة تم تلقيح أكثر من 30 مليون شخص حول العالم. ومن الطبيعي أن يحدث مصادفات بحصول مضاعفات معينة أو أعراض مرضية أو حتى وفاة بين الملقحين. وربما تكون مرتبطة باللقاح أو غير مرتبطة به. وهنا يجب مقارنة هذه الحالات مع الحالات المعتادة التي نلاحظها في المجتمعات، كي نعرف إذا كانت متعلقة باللقاح أو مجرد صدفة. بمعنى أن أي شخص أخذ اللقاح وتعرض لمرض معين بعد أيام، ربما يكون مجرد صدفة، أو ربما بسبب اللقاح. لكن إلى حد الساعة لا مؤشرات تستدعي التوجس من أمان اللقاحات المستخدمة. وحتى لو حصلت مضاعفات، ما زلنا في مرحلة نستطيع القول فيها أن اللقاح آمن أكثر بآلاف المرات من عدم تلقيه والتعرض للإصابة بفيروس كورونا. لذا يجب علينا أن نضع في الميزان مضاعفات كورونا ومضاعفات اللقاحات. والفائدة والحماية التي يوفرها اللقاح أفضل بآلاف المرات من مخاطرة التعرض للإصابة بكورونا. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024