رابطة أساتذة الثانوي تساير الأحزاب وتحارب النساء

خضر حسان

الجمعة 2019/01/04
نجحت السلطة السياسية في ترويض العدد الأكبر من الروابط والنقابات، وعلى رأسها رابطة التعليم الثانوي الرسمي، التي كانت رأس حربة في عملية المطالبة بسلسلة الرتب والرواتب. ولأن الرابطة رفضت تشويه السلسلة بما يتلاءم مع مصلحة السلطة والهيئات الإقتصادية، كان لا بد من تحويل مسار ميزان القوى داخلها، من اتجاه رافض لقرارات السلطة، إلى اتجاه يلبّي رغباتها. فكان أن تحالفت أحزاب السلطة داخل الهيئة الإدارية للرابطة.

ديموقراطية السلطة
أقرت الهيئة الإدارية للرابطة رسمياً، يوم الخميس 3 كانون الثاني، التعديلات التي أجرتها منذ نحو شهر على نظامها الداخلي، على أن يتبع ذلك انتخاب أعضاء الهيئة الإدارية الجديدة في 20 كانون الثاني.

وتلحظ التعديلات تمديد مهلة ولاية الرابطة "من سنتين إلى ثلاث سنوات، توسيع عدد فروع الرابطة في المناطق من 5 إلى 8 فروع حسب عدد المحافظات"، وفق ما يقوله رئيس الرابطة نزيه جباوي، الذي أشار في حديث لـ"المدن"، إلى أن "تحديد عدد الفروع جاء في السابق بالإستناد إلى عدد الثانويات الرسمية الذي ارتفع حالياً، ما أوجب زيادة عدد المندوبين وزيادة عدد الفروع".

كما أن التعديلات تضمّنت حرمان الأساتذة المتمرّنين من الترشّح والانتخاب، داخل الرابطة، لمدة ثلاث سنوات. بالإضافة إلى توزيع المهام على أعضاء الهيئة الإدارية، التي تضم مناصب الرئيس- نائب الرئيس- أمين السر- أمين اللجنة المالية- أمين لجنة العلاقات العامة- أمين اللجنة الإعلامية- أمين اللجنة الثقافية- أمين اللجنة التربوية- أمين اللجنة الفنية- أمين اللجنة الإجتماعية- أمين لجنة الدراسات والإحصاء- أمين اللجنة الرياضية- أمين شؤون تعاونية موظفي الدولة- أمين الشؤون القانونية- أمين شؤون مجلة الرابطة- أمين شؤون العلاقات الخارجية- أمين شؤون التدريب النقابي- أمين شؤون بيت وصندوق المعلّم.

شرعية التعديلات استندت إلى تصويت الأساتذة في الجمعيات العمومية والوحدات، من دور معلّمين ومراكز إرشاد. وبعد فرز الأصوات، "جاءت الردود بالموافقة على التعديلات بنسبة مرتفعة بلغت حدود 85 في المئة من نسبة المشاركين من الأساتذة، يتوزعون على 184 ثانوية ووحدة، وعليه، فقد أقرت الهيئة الإدارية للرابطة التعديلات"، وفق ما جاء في بيان الرابطة، التي رأت أن عملية التصويت "جرت في أجواء ديموقراطية صحيحة لطالما ميزت أساتذة التعليم الثانوي الرسمي".

مخالفة النظام الداخلي
الأجواء الديموقراطية التي تحدثت عنها الرابطة، تعكس مفهوم السلطة حول الديموقراطية، وهو مفهوم يستثني الإلتزام بالقوانين والأنظمة الداخلية. هذه الديموقراطية تغاضت عن حقيقة أن "المادة 49 من النظام الداخلي للرابطة اشترطت الحصول على أكثر من 50 في المئة من أصوات أعضاء الهيئة العامة، أي تأييد 2443 أستاذاً من أصل 4885 أستاذاً. لكن استفتاء الرابطة أفضى إلى موافقة 1773 أستاذاً، أي بنسبة 36.29 في المئة. كما شارك في الإستفتاء 2161 أستاذاً، أي بنسبة 44.23 في المئة. كما ان الجمعيات العامة، التي من المفترض أن تناقش التعديلات المطروحة، لم تحصل في كل الثانويات ودور المعلمين ومراكز الإرشاد. لأن الرابطة أرسلت اقتراحات التعديلات في وقت متأخر، وأعطت الجمعيات العامة مهلة ثلاثة أيام فقط للاجتماع واتخاذ القرار"، وفق ما أعلنه التيار النقابي المستقل، خلال مؤتمر صحافي رداً على نتائج الرابطة.



وتلفت مصادر في التيار خلال حديث إلى "المدن"، إلى أن التيار يعترض على تمديد مدة ولاية الرابطة حالياً، لأنه "يحرم الأساتذة المتمرّنين من المشاركة في الإنتخابات لدورتين"، مقترحاً النظر في هذا التعديل لاحقاً. كما أن حرمان المتمرّنين من الإنتخاب والترشّح، هو "انتقاص من حقوقهم الإنسانية، ومن حقوقهم كأعضاء داخل الرابطة. فالحرمان يضع 2174 أستاذاً خارج الرابطة بشكل فعلي، وهو ما يهدد وحدتها وفعاليتها".
وتعيد المصادر سبب رفض الرابطة لاقتراع المتمرّنين، إلى "خوفها من قلب المتمرّنين لنتائج الإنتخابات في حال مشاركتهم، فالرابطة دعمت إعتداء القوى الأمنية على المتمرّنين خلال إعتصامهم أمام القصر الجمهوري في 6 شباط 2017".

محاربة المرأة
راعت الهيئة الإدارية للرابطة مصالح القوى السياسية الداعمة لها، ووسّعت دائرة توزيع المناصب بما يتوافق مع التنفيعات، فالسلطة تعشق الكراسي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك مسؤول عن اللجنة الإعلامية، ومسؤول آخر عن مجلّة الرابطة، وهما مجالان إعلاميان يمكن إختصارهما بمسؤول واحد. مع الإشارة إلى أن المجلّة لم تصدر بعد، فعن أي مجلّة ستكون الأمانة؟ أما بند شؤون بيت وصندوق المعلّم، فلم يُقر بعد، رغم وجود قانون داخلي واضح بشأنه، ومع ذلك هناك منصب مخصص له.

ومع ذلك، لم تلحظ التوزيعات منصباً لشؤون المرأة، "علماً ان 47 في المئة من أساتذة الثانوي هم من النساء، وقد وصل عدد النساء في الهيئة الإدارية منذ دورتين الى 33 في المئة، دون تطبيق الكوتا النسائية"، بحسب المصادر. بل تسكت الرابطة عن توجهات أحزاب السلطة لإعادة النظر في النظام التقاعدي (وهو ما يتلاءم مع مقررات مؤتمر سيدر حول الإصلاحات في لبنان). ويهدف إعادة النظر الى حرمان الأنثى غير المتزوجة وغير العاملة أو الأرملة أو المطلقة، من مستحقات والدها المتقاعد المتوفى أو والدتها المتقاعدة المتوفاة.

وهذا الإجراء يتناقض أيضاً مع التعديلات التي عمل الأساتذة على تطبيقها، بهدف المساواة بين الرجل والمرأة في نظام التقاعد، فبعد ان كانت الموظّفة المحالة الى التقاعد تستفيد من تعويض صرف من الخدمة بدل المعاش التقاعدي الذي كان يتقاضاه الرجل المتقاعد حصراً، جرى تعديل ذلك لتتساوى المرأة بالرجل مساواةً تامة، وبات يحق للموظفة المتوفاة توريث راتبها لبناتها غير العاملات او المطلقات او الارامل. لكن يجري الحديث اليوم عن اعادة النظر بهذا الحق عموماً.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024