"نورما" لا تعفي الساحل من جبروتها

صفاء عيّاد

الثلاثاء 2019/01/08
حوادث بالجًملة خلفتها العاصفة "نورما" في شتى المناطق اللبنانية. ومعها، فضحت عجز الدولة اللبنانية المستمر عن تأهيل البنى التحتية وصيانتها في مختلف المناطق. لن نتحدث عن واقع القرى الجبلية غير المهيأة إجمالاً لاستقبال العواصف الثلجية، بل عن المشهد الغرائبي في بعض المناطق الساحلية وطرقها، والتي اجتاحت صفحات التواصل الإجتماعي. أبرزها، تفسخ طريق بعبدا اللويزة، تدفق المياه على أوتوستراد بيروت- صيدا إلى حد الطوفان، إذ تحولت جدران الدعم إلى شلالات. مشهد اللوحة الإعلانية الحديدية الضخمة، التي حطمت سيارات في منطقة خلدة، طوفان طريق ضبيه.. هي صور مختصرة  للنقمة التي اجتاحت المدن الساحلية. أما الحدث الأهم فهو تداعي الأسوار الحديدية وحواف جسر الكولا وانهيال المياه عن جوانبه، وإجماع المواطنين على السؤال عن خطره على المارة، واحتمال تعرضه للإنهيار، في حال استمرت العاصفة، وبقي على إهماله وتفسخاته.

طمأنة بلدية

بلدية بيروت المسؤولة عن صيانة الجسر وأعمال التأهيل التي تجري، أوضح رئيسها جمال عيتاني في حديث لـ"المدن"، بأن المشهد الذي وقع لا يستدعي الهلع والقلق، ولا يشكل خطراً على المارين عليه. لافتاً، إلى أن الجسر يخضع لعملية صيانة وتأهيل، تتطلب هندسياً رفع أجزاء من الجسر من خلال "رافعات"، لتغيير القطع الحديدية، ولإيصال قطع الجسر الـ”joint “، ما أدى إلى تسرب المياه بهذه الغزارة. رئيس البلدية، أكد بأن لا عيوب إنشائية في جسر الكولا، على عكس ما يحاول أن يروج "مستهدفو البلدية" من شائعات. مشيراً، إلى أن الأعمال لا تزال جارية على الجسر، ويلزمها قرابة ستة أشهر للإنتهاء. ولدى سؤاله، عن قدرة الجسر على إستيعاب كميات كبيرة من المتساقطات بشكله الحالي، "لا تصدعات ولا إنهيارات، وفرق الصيانة متأهبة لمعالجة أي طارىء". 

من جهته نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت، أشار في حديث لـ"المدن"، بأنه لا يمكنه أعطاء الرأي الفني والهندسي بواقع الجسر بعد عملية التسرب التي حصلت. مُتريثاً بانتظار التقرير الذي يعده الخبراء للإطلاع عليه.

التطمينات التي أطلقها عيتاني، لم تُهدئ النشطاء على مواقع التواصل، ولا سيما مع الحديث عن التكلفة المالية الباهظة لأعمال تأهيل جسر الكولا ونفق سليم سلام، التي بلغت 18 مليون دولار. إذ تواصلت "المدن" مع عدد من المهندسيين، الذي أكدوا بأن ما حدث على جسر الكولا لا يشكل خطراً على سلامة العامة، إنما بحاجة لمعالجة فورية.

الإجماع الهندسي التقني على "صحة جسر الكولا"، لا ينفي وجود ثغرات في  معالجة  مواضيع الصيانة على الطرقات والجسور، والتلزيمات التي تطلق على أبواب فصل الشتاء، أو المماطلة في العمل. فمن يدفع الثمن هو المواطن بالدرجة الأولى، الذي يكون عرضة للخطر، وأسيراً على الطرقات جراء الزحمة المرورية الخانقة، نتيجة الحفريات والكوارث الطبيعية. فـ"نورما"، التي من المُفترض أن تُبشر بالخير، بشرت اللبنانيين بالكوارث، وبات عليهم تجهيز مركباتهم بالسلاسل المعدنية للطرقات الجبلية وبسترات النجاة ودواليب السباحة للطرقات الساحلية، على أمل أن تستفيق الدولة من "سُباتها العميق".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024