هل يستمر "عهد الفشل" في بلدية طرابلس؟

جنى الدهيبي

الخميس 2019/08/08

مضى أول أسبوع على انتخاب رئيس بلدية طرابلس الجديد رياض يمق، بعد صراعٍ طويل عاشته عاصمة الشمال في الأشهر الماضية، والتي آلت إلى تعطيل نصاب ثلاث جلسات عقدها محافظ الشمال، القاضي رمزي نهرا، لانتخاب رئيسٍ بديل من أحمد قمر الدين، بعد أن نزع الأعضاء ثقتهم منه في جلسة طرح الثقة الماضية.

لا مبالغة في القول أنّ طرابلس شهدت "سابقة" في تاريخها البلدي. فهي لأول مرّة، تستطيع إسقاط رئيس بلدية، نتيجة تراكم الفشل في أدائه، رغم كلّ الدعم الذي كان يحظى به من أحد الأطراف السياسية الذي كان قمر الدين يحقق له مصالحه في المدينة. وهي المرة الأولى أيضًا، التي يصل فيها رئيس بعد ثلاث سنوات من انقضاء العهد البلدي، من دون غطاء سياسي، وبدعم معارضة داخلية صمدت في مواجهة الضغوط السياسية حتّى آخر لحظة، ولم ترضخ لا لـ "الاتصالات" ولـ"للإغراءات".

نجح يمق بـ 13 صوتًا، أيّ 11 صوتًا من مجموعته المعارضة التي رشحته، وصوتان من المجموعة المنافسة لها، التي كان مرشحها الدكتور عزام عويضة. فيما صوّت أحد الأعضاء بورقةٍ بيضاء. لم يحتمل عويضة الخسارة، فقدّم استقالته من المجلس البلدي قبل يومين، وربما انطلاقًا من اعتقاده أنّ رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي لم يحشد له بالقدر الذي كان يطمح إليه، تحقيقًا لمبتغاه في الوصول إلى رئاسة المجلس. لكنّ ميقاتي، الذي كان يجاهر أنّ مرشحه لرئاسة بلدية طرابلس هو عويضة، يبدو أنّ حساباته كانت مدروسة في اتجاهٍ آخر. فهذا المجلس الذي يحمل على عاتقه فاتورة باهظةً من الفشل، قد لا يستطيع أيّ طرف سياسي أن يحمله على عاتقه، ويتحمل خسائره لاحقًا، لا سيما أنّ النصف الثاني من ولاية هذا المجلس سينتهي مع استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة في 2022. ما يعني حكمًا أنّ دعم أيّ مرشح بالمطلق لا يحظى بتوافق الأعضاء عليه وتأمين نصاب انتخابه، و"القتال" من أجل وصوله، لا طائل منه ولا جدوى، وقد يكون سببًا للخسارة وليس للربح.

قبل يومين، أقام يمق استقبالًا للمهنئين له في غرفة التجارة والصناعة. وفيما غلب على الاستقبال الطابع الشعبي، و"آمال" الناس الطامحة بخلق المعجزات في واقع طرابلس المرير، لم يكن هناك حضور سياسي وأمني من "الصفّ الأول"، وإنّما اقتصر على الوفود الممثلة للتيارات والقيادات السياسية والأمنية. لكن، ماذا بعد؟

يحمل يمق شعار "الشورى فيما بيننا"، أيّ بين أعضاء المجلس البلدي. وهو شعار يعدّ النقيض لما كان يتّبعه قمر الدين من سياسة "التفرّد" التي كان يتبعها في اتخاذ القرارات. لكنّ ذلك في واقع الأمر لا يبدو كافيًا. فرغم فشل قمرالدين في أداء مهمته، إلّا أنّ لا أحد يستطيع أن ينكر أنّه تولى مجلسًا بلديًا مترهلًا راكم فشله و"فساده" من جميع حقباته المنصرمة. ولا شكّ أنّ يمق وضع نفسه في اختبارٍ صعبٍ للغاية. فهو يعاني من ضيق الوقت وتراكم الملفات التي يحتاج إنجازها وتصحيح سياساتها لعصا موسى السحريّة. فهل سينجح يمق في رصّ صفوف المجلس وانقاذ المدينة من قعرها في غضون ثلاث سنوات؟ هل سيستطيع حلّ مشاكلها الإنمائية والبنى التحتية والقضاء على الزحمة والفوضى المستشرية على طرقاتها بمشاريع وسياساتٍ واضحة ومدروسة؟ وهل تكفي "الشورى" لقلب وضع طرابلس رأسًا على عقب ؟

حاليًا، كلّ أهالي المدينة يترقبون أداء يمق، أمّا الخشية الكبرى، فهي العودة إلى التورط في المماحكات والحزازات وشقّ الصفوف بين أعضاء المجلس البلدي، واستئناف المشاحنات والسجالات والخلافات.. التي غالبًا ما تطبعها الصبغة الشخصية المتغلبة على المصلحة العامة.

الكل إذاً بانتظار الاطلاع على برنامج يمق للنصف من العهد البلدي!

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024