ما هو مشروع "غطا"؟

هدى حبيش

السبت 2018/04/14

ينطلق مركز "الالتزام المدني وخدمة المجتمع" (CCECS) في الجامعة الأميركية في بيروت من إيمانه بدور الجامعة والنخبة من المتعلمين ومسؤوليتهم في حل المشكلات التي تعاني منها المجتمعات، فيبادر إلى تعزيز هذا الدور من خلال مشاريع ذات منفعة عامة تنطلق من النظريات والمهارات المتخصّصة. ولعل أبرز هذه المشاريع مشروع "غطا"، الذي أطلقه المركز في العام 2013 على شكلِ صفٍّ مدرسي يغطي أطفال اللاجئين السوريين من حر الصيف وبرد الشتاء ويجمعهم تحت سقفٍ واحد مع أستاذ هو ابن بيئتهم، فيفهم ما مروا به وما عانوه بسبب الحرب.

فالمشروع إذاً هو تأمين مكان لائق للأطفال السوريين ليتلقوا مستوى تعليمياً جيداً. وفي حين أن المنهج التعليمي هو منهج الدولة اللبنانية، غير أن النتائج المميزة التي حققها المشروع في بناء قدرات الأطفال ونتائجهم في امتحانات الشهادة الرسمية المتوسطة تعود إلى التدريبات التي خضع لها المدرسون على يد أساتذة من الأميركية، فتمكنوا من خلالها من "تحويل العملية التعليمية من عملية متمحورة حول الأستاذ إلى عملية متمحورة حول التلميذ"، كما يشرح مدير المركز ربيع شبلي في حديث إلى "المدن".

لكن المشروع أبدع أيضاً في تصميم الحيز المكاني الذي يستقبل الأطفال الذين يعيشون في مخيمات تنعدم فيها أسس العيش اللائق. فخلق شبلي، وهو المهندس المعماري للمشروع، مكاناً تتوفر فيه أسس الصفوف التعليمية الجيدة، من درجة حرارة مناسبة إلى عزل الأصوات الخارجية ودخول ضوء وهواء طبيعيين. كما أن الصفوف التي تبنى، والمدارس لاحقاً، تقام إلى جانب المخيمات أو فيها. وهي صفوف متنقلة يسهل تركيبها ولا تستغرق أكثر من 6 ساعات. أما فكها فيحتاج إلى 3 ساعات. ويستطيع شخصان فقط تركيبها ونقلها بسهولة. فالصفوف ذات "صفة مؤقتة كوجود الأطفال الذين يرتادونها والذين ينتظرون عودتهم إلى بلادهم. فيأخذون هذه المدرسة معهم لتعينهم على عملية إعادة إعمار بلادهم"، وفق شبلي.

ولعل أبرز ما يميّز الصفوف هو أنها "تتركب" من ألواح خشب "شوح" أو plywood، الذي يتسم برقته وقدرته الكبيرة على تحمل "أحوال الطقس الصعبة. فهو يتحمل 120 ك/ساعة من الرياح و500 ك/متر مربع من الثلج من دون أن يتضرر"، وفق شبلي. يبلغ حجم الوحدة التي صممها شبلي 20 متراً مربعاً ويمكن التحكم بمساحة الصفوف بسهولة من خلال مضاعفة عدد الوحدات وربطها ببعضها البعض. وفي حين أنشأ المركز أول صف له في منطقة البقاع في العام 2013، فإن أول مدرسة كانت في أيار 2014، وتألفت من 4 صفوف بمساحة 40 متراً ومركز للإدارة.

حتى اليوم، استطاع المركز انشاء 10 مدارس من هذا النوع، 3 منها تحت إدارته وإشرافه المباشرين. أما المدارس الأخرى، فتتولى إدارتها جمعيات أخرى، أبرزها جمعية "كياني" التي حققت إنجازات ملحوظة في هذا المجال. هكذا، يخدم المشروع نحو 5 آلاف طفل لاجئ سنوياً. في حين أن عدد مَن هم دون 18 من عمرهم من اللاجئين السوريين في لبنان يبلغ نحو نصف مليون، ولا يلتحق منهم بالمدارس سوى 40%.

حاز المشروع جوائز عالمية مهمة، منها جائزة شرفية في مسابقة "تعلم من خلال التصميم" (Learn by Design). وهي مسابقة تسلط الضوء على أبرز التصميمات التي تؤثّر بمجال التعليم. وقد ترشح المشروع أخيراً، مع 12 مشروعاً عالمياً آخر، إلى جائزة "وايز 2018"، التي تشجع المشاريع الإبداعية التي تتصدى للتحديات التعليمية العالمية من جميع أنحاء العالم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024