صراع في رابطة أساتذة "اللبنانية" الخائبة: وعود السلطة تبخرت

وليد حسين

الجمعة 2019/06/28
بعد أكثر من خمسين يوماً على الإضراب المفتوح، لم يحصل أساتذة الجامعة اللبنانية إلّا على وعود بتحقيق مطالبهم. وعود لا ضمانات لتحقيق أيّ منها، لا سيّما تلك التي يطالب بها الأساتذة منذ أكثر من سنتين. أوقفوا الإضراب حتى من دون أي ضمانات بتحقيقها بشكل ملموس. وجُل ما بدر عن وزير التربية أكرم شهيّب، الذي تولّى التفاوض مع الهيئة التنفيذية في رابطة الأساتذة، وعوداً منقوصة.

وعود في الهواء
تمّ التوافق بين الهيئة التنفيذيّة لرابطة الأساتذة والوزير شهيّب على تحقيق سبعة بنود من مطالب الأساتذة لوقف الأضراب، لكن الأساتذة حصدوا كلاماً بالهواء، كما قالت أوساطهم لـ"المدن". وقد تبيّنوا من الأمر صراحة، بعد ما جاء على لسان الوزير شهيّب في المؤتمر الصحافي الذي عقده لإعلان البنود المتوافق عليها يوم الجمعة في 28 حزيران. فمطلبا إضافة خمس سنوات على خدمة الأساتذة لتحصيل المعاش التقاعدي، والدرجات الثلاث الاستثنائية، باتا عبارة عن مشاريع قوانين لا ضمانات فيها لإقرارها، رغم وعد الوزير بمتابعتها بشكل حثيث. أما موضوع استثناء الجامعة من وقف التوظيف واستثناء الأساتذة من بند رفع سن التقاعد إلى 25 عاماً للحصول على المعاش التقاعدي فقد أُسقط البحث فيهما في اللجان النيابية. حتى أنّ السنة الذهبية التي يتمتّع بها أساتذة الجامعة، أي حصول الأستاذ الذي يتقاعد في مطلع العام على معاش تقاعدي وراتب أستاذ فعلي لنهاية العام، ما زالت مادة بحث مع وزير المالية، ولا ضمانات للإبقاء عليها. واقتطاع الـ15 بالمئة من المنح المدرسيّة وغيرها في صندوق التعاضد ما زالت على حالها ولم يتم حذف عبارة "الاقتطاع التدريجي" في السنوات المقبلة. أما ما جاء على لسان الوزير حول إدخال المتفرّغين في الملاك وتفريغ المتعاقدين، فلم يقدم ما يضمن حصول الأساتذة على حقوقهم، في ظل التقشّف الذي قضى بوقف التوظيف في ملاك الدولة.

بلبلة في الهيئة التنفيذية 
وفق معلومات "المدن"، كان اجتماع الهيئة التنفيذيّة، الذي تمّ عشيّة المؤتمر الصحافي الذي جمع الوزير شهيّب مع رئيس الرابطة يوسف ضاهر، صاخباً، وحاول الأعضاء الحزبيّين فرض سقف متدنٍ في البيان الذي أعدّه رئيس الرابطة للمؤتمر الصحافي. حتى أنّهم حاولوا فرض عدم توجيه أي انتقاد للمسؤولين والحكومة أو إبداء عدم ثقة أو قلق منهم استناداً إلى تجارب الأساتذة المريرة معهم. وعملوا على فرض كتابة "بيان مسخ" قائم على اعتبار الوعود التي سيطلقها شهيّب كافية. لكن ضاهر أصرّ على رفع سقف البيان. فراح البعض إلى التهديد بالانسحاب كونهم لا يريدون أي موقف تصعيدي.

وقد حاول بعض المستقلّين في الهيئة التنفيذية طرح موضوع الجامعة انطلاقاً من الظروف التي أحاطت بتحرّك الأساتذة منذ 22 شهراً، لكن الأعضاء الحزبيّين اعتبروا أنّ هذا الأمر سيعيدهم إلى نقط الصفر. ووفق معلومات "المدن"، جرت بلبلة في الجلسة خصوصاً أنّ اللجان النيابية التي بحثت في الموازنة لم تأخذ بالاعتبار أي مطلب من مطالب الأساتذة. واعترض المستقلون على عدم وجود ضمانات في وعود شهيّب، خصوصاً أنّ تعديل بنود الموازنة في المجلس النيابي مستحيل. وقد يلجأ الرئيس نبيه بري إلى التصويت على الموازنة بمادة وحيدة. حتى موازنة الجامعة أقرّت من دون أي تعديل. وجُلّ ما حصل هو اتفاق على تشكيل لجنة من الجامعة ووزارة المالية تدرس حاجات الجامعة. وقد فرضوا أن تكون لجنة مشتركة، ما يشرّع تدخّل وزارة الماليّة في حسابات الجامعة، وهو ما يعني مزيد من ضرب استقلاليّتها الماليّة والإداريّة. لكن الأعضاء الحزبيّين في الهيئة التنفيذيّة أصرّوا على مواقفهم، فانسحب أحد الأعضاء احتجاجاً، رافضاً الوقوف كشاهد زور على ضرب حقوق الجامعة والأساتذة الذين استمرّوا بالإضراب رغم الضغوط الحزبيّة.

قلق ضاهر
بعد انتهاء شهيّب من تلاوة البنود المتّفق عليها، بدا القلق واضحاً على وجه رئيس الرابطة ضاهر. ورغم إعلانه الوقف المؤقّت للإضراب، عبّر عن قلق الأساتذة من عدم تحقيق المطالب في حال عدم إجراء التعديلات اللازمة على مشروع الموازنة العامة في الجلسة العامة للمجلس النيابي، خصوصاً أن ما أقرّته اللجان النيابيّة قضى عمليّاً على الاتفاق. لذا أعلن ضاهر وقف الإضراب بتحفّظ واعداً بالعودة عنه في حال لم تقرّ التعديلات في الهيئة العامة للمجلس. فتجارب الأساتذة مع المسؤولين والحكومة لا تبشّر بالخير، كما قال. بالتالي جاء بيانه مرتفع السقف قياساً بما أراده الأعضاء الحزبيّين، حافظاً بذلك ماء وجه الهيئة التنفيذيّة للرابطة أمام الأساتذة، خصوصاً أنّ الجمعيّات العموميّة التي عقدتها الرابطة في جميع المناطق في اليومين السابقين وافقت على وقف الإضراب بتحفّظ.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024