القاضية عون تستكمل حربها مع المحامين ومجلس القضاء يتدخّل

المدن - مجتمع

الخميس 2019/06/27

لم تنته ذيول الإشكال الذي وقع داخل مكتب النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضية غادة عون، بينها وبين محاميين اثنين، وإعطائها الأمر بتوقيفهما، ومن ثم توقيف جميع المحامين الذين احتجوا على قرار توقيف زميليهما، وإخراجهم بالقوة والعنف من مكتبها، حيث سارع عدد من المحامين إلى تقديم شكوى ضدّ القاضية المذكورة، أمام هيئة التفتيش القضائي، واتهموها بـ"تجاوز حدود السلطة المعطاة لها، وامتهان كرامة المحامين".

تدافع وتعارك
هذا الحادث ليس الأول بين القاضية عون والمحامين، ولن يكون الأخير. إذ سبقه حالات مماثلة، حين أقدمت الشهر الماضي على توقيف المحامي علي فصاعي جرّاء تلاسن مماثل بينهما، وإصابته بعارض صحّي والاغماء أمام مكتبها، وبات كلّ محامٍ يهمّ بولوج مكتبها يتحسّب لمشكل قد يقع معها بأي لحظة، جرّاء انفعالها الزائد، وشعورها بفائض القوّة المستند إلى دعمها المطلق من مرجعيتها السياسية.

وكشفت معلومات من داخل قصر العدل في بعبدا لـ"المدن"، أن الاشكال "وقع ظهر اليوم داخل مكتب القاضية عون، عندما دخل المحامي موسى عوطة وزوجته المحامية هيام دندش، للمراجعة في مسألة استمرار توقيف موكلتهما مدةّ تتجاوز مدّة التوقيف الاحتياطي التي يسمح بها القانون، والاستفسار منها عن سبب اعتراضها للمرة الخامسة على التوالي على قرار قاضي التحقيق، الذي يقضي بإخلاء سبيلها. وعندما رفضت القاضية عون مراجعتهما، وطلبت منهما مغادرة مكتبها فوراً، حصل تلاسن بينهم وارتفعت أصواتهم التي سمعت إلى خارج المكتب".

الشجار الكلامي الذي احتدم بشكل كبير، دفع بالقاضي عون الى إصدار الأمر بتوقيف المحاميين الزوجين، وطلبت من عناصر الأمن "اقتيادهما إلى النظارة مخفورين". وحسب المعلومات، فإن المحامين عوطة ودندش رفضا الخضوع لقرار اقتيادهما وتوقيفهما بالقوة، ما تسبب بتدافع وعراك مع العناصر الأمنية، وهو ما أثار غضب جميع المحامين الذين كانوا متواجدين في القاعة المخصصة لنقابة المحامين في قصر العدل، والواقعة مقابل مكتب القاضية عون، حيث تجمهروا أمام مكتب الأخيرة، وحاولوا اقتحامه ودخوله عنوة لإبلاغها رفضهم لهذا الأسلوب، ما حدا بالقاضية المذكورة إلى استدعاء القوى الأمنية وإعطاء الأمر بتوقيفهم جميعاً، وإحالتهم على قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، ​نقولا منصور​. كما قامت ​القوى الامنية​ بإقفال مداخل قصر عدل بعبدا.

"سكة المعالجة"!
وفيما تعذّر الاتصال بالقاضية عون للوقوف عند رأيها والتثبّت من خلفية قرارها، أكد مصدر قضائي لـ"المدن" أن "المراجع القضائية أخذت علماً بما حصل، وكلّفت الجهات المختصة التحقيق بالأمر". وجزمت بأن "مجلس القضاء الأعلى حريص على حماية دور المحامين، وممارسة مهامهم كاملة بالدفاع عن حقوق موكليهم من دون ضغوط"، لافتاً إلى أن "ذيول الاشكال وضعت على سكة المعالجة بين مجلس القضاء ونقابة المحامين في بيروت".

من جهته، أكد المحامي موسى عوطة "المدن" أن القاضية غادة عون "تضرب بعرض الحائط الأصول القانونية وحقوق الموقوفين". وقدّم روايته بالواقعة التي حصلت معه، وقال "دخلت مع زوجتي بصفتنا محاميين لمراجعتها بقضية موقوفة تجاوز توقيفها المهلة القانونية للتوقيف الاحتياطي، وسبب استئنافها قرار تركها لأكثر من خمس مرات متتالية، الّا أنها وبدل توضيح موقفها، حاولت طردنا من المكتب، فأجبناها بأن هذا التصرف غير مقبول، ويتنافى مع ممارسة حقنا كمحامين، عدا عن أنه يشكل سابقة بتاريخ القضاء اللبناني".

وكشف المحامي عوطة أن موكلته "موقوفة بجنحة، وهي تعمل في مكتب الدخول في أحد مشافي جبل لبنان، وقد أعطت تقريراً لأحد المرضى بناء على توجيه شفهي من الطبيب المختص، الذي لم يكن موجوداً في المشفى، ومضى على توقيفها وقت طويل"، نافياً أن تكون موكلته موقوفه في أحد ملفات الفساد الذائعة الصيت".

توقيع عريضة
وفي وقت أفادت معلومات أن المحاميين عوطة ودندش مثلا أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور، الذي استجوبهما وتركهما بسند إقامة، نفى عوطة خضوعه مع زوجته للاستجواب كمدعى عليهما، أو أي من زملائه المحامين الذين تضامنوا معه، ولفت إلى أن القاضي منصور "تمكن بحكمته ودرايته من تصحيح الخطأ الذي ارتكبته القاضية غادة عون".

وفي وقت لاحق، وقّع عدد كبير من المحامي عريضة تطالب "بتوفير أعلى درجات الحصانة للمحامين، والتصدي لأي قرار يمس بكرامتهم، ويدعو إلى كفّ يد القاضية عون وكل من تسول له نفسه المس بأي محامٍ وعرقلة سير العدالة". كما تقدموا بشكوى أمام هيئة التفتيش القضائي، اتهموا فيها القاضية عون بـ"تجاوز حدود السلطة القضائية وامتهان كرامة محامين"، وطالبوا باتخاذ الاجراء المناسب بحقها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024