سليم يونس يفرز النفايات من أجل.. قلب دانيال

صفاء عيّاد

الأحد 2017/12/03

منذ نحو 3 سنوات، ولد لسليم يونس طفل يعاني من مشاكل في القلب. ما اضطره إلى اخضاعه إلى عملية جراحية في الشهر الأول من عمره، وإلزامه بالمتابعة الطبية الدائمة حتى اليوم.

مرض دانيال، الطفل، كان وفق سليم بسبب العوامل البيئية والصحية التي تحيط بمكان السكن، في الصرفند جنوبي لبنان، خصوصاً الأضرار الناتجة من المكب العشوائي في البلدة، الذي يتجاوز عمر استعماله 25 عاماً، ويضاف إليه يومياً نحو 15 طناً من النفايات، تحرق يومياً، وينتشر دخانها الكثيف وعازاتها السامة في البلدة.

كان سليم، قبل ولادة طفله، مهتماً بالبيئة والزراعة. لكنه، عند اكتشافه مشكلة ابنه، قرر ترك وظيفته الثابتة في مصلحة مياه نبع الطاسة، ليتفرغ لعمله التطوعي في جمعية شعاع البيئة في الصرفند، التي تُعنى بمعالجة النفايات في البلدة عبر نشر ثقافة الفرز من المصدر، بالإضافة إلى عمله في الزراعة. ويقول يونس إن الأمراض المزمنة، تنفسية كانت أم صدرية أو قلبية أو سرطانية وجلدية وأمراض العقم، ترتفع نسبها كثيراً في هذه المنطقة مقارنة بمناطق أخرى.

هكذا، كرس سليم وقته لنشر ثقافة الفرز من المصدر في بلدته الصرفند للتخفيف من كمية النفايات التي تنتجها البلدة. فزار البيوت وشرح لسكانها طريقة الفرز والمخاطر التي ينتجها المكب العشوائي في البلدة، مطلقاً مع رئيس الجمعية سليم خليفة مشروع "دليفري نفايات". وهو مشروع كما يدل اسمه يقدم خدمة توصيل النفايات. لكن، ليس إلى المنزل، إنما من المنزل إلى المعمل الذي أنشأته الجمعية لفرز النفايات وتدويرها.

يتلقى يونس رسائل عبر واتساب، من المنازل، لإبلاغه أن كيس النفايات إمتلأ، وبإمكانه الحضور لأخذه بعد فرزه من قِبلهم. وتحظى المنازل التي تلتزم بالفرز بحوافز تشجيعية، مثل تقديم أدوات التنظيف من قبل الجمعية.

لا يقتصر دور سليم على جمع النفايات، بل تجده حاضراً قبل العمال في المعمل لتبدأ المرحلة الثانية من فرز النفايات وإعادة تدويرها وبيعها إلى التجار والمصانع. ويجند سليم نفسه لتنظيم الندوات والمحاضرات التدريبية في المدارس والأندية الصيفية في المناطق الجنوبية وتعميم التجربة.

هكذا، استطاعت الجمعية أن تستقطب 7 قرى من ساحل الزهراني (الخرايب، البيسارية، الغازية، اللوبيا، عدوسية وكفرجرة) لمعالجة نفاياتها في معمل الصرفند، خصوصاً أن المشروع حصل على تمويل ودعم من الاتحاد الأوروبي، الذي قدم بعض المعدات التي تساعد في التدوير.

لكن، مشروع "دليفري النفايات"، المستمر للسنة الثالثة على التوالي، ما زال مردوده المادي متواضعاً، وفق سليم. وهو يفسر ذلك بعدم إلتزام المواطنين بأكملهم بالفرز، واعتقادهم أن التخلص من النفايات في المكبات أسهل من إتباع آلية الفرز. فالثقافة البيئة يلزمها سنوات من العمل الجدي وتكاتف الدولة مع المبادرات الفردية وعمل الجمعيات الأهلية لتصبح نظاماً قائماً في البلد. فيما هناك، وفق يونس، من ما زال يعتبر أن العمل في النفايات "عيباً ومخجلاً".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024