المجتمع المدني يقاضي سياسيين ضالعين في الفتن والعنصرية

المدن - مجتمع

الخميس 2019/08/22
تزامناً مع  "اليوم العالمي الأول لإحياء ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين والمعتقد"، في 22 آب 2019، عقدت "المبادرة اللبنانية لمناهضة التمييز والعنصرية" مؤتمراً صحافياً في بيروت، أعلنت فيه عن انطلاقتها الرسمية كمظلة لجمعيات أهلية وناشطين حقوقيين "تأخُذُ على عاتِقِها مواجهةَ خِطابِ الكراهية والتمييز والعنصرية"، الذي تفاقم بشكل كبير في الآونة الأخيرة في لبنان. وعرضت "المبادرة" في مؤتمرها إجراءً قضائياً تقدمت به اليومَ سبعُ جمعيات ضمن "المبادرة" لدى النيابة العامة التمييزية في بيروت، متخذةً صفة الادعاء الشخصي ضد سبعة مدعى عليهم بجرم إثارة النعرات الطائفية والأهلية والعنصرية والحضّ على النزاع بين "عناصر الأمة"، أي المجتمعات التي تسكن في لبنان. والمدعى عليهم هم تباعاً: جبران باسيل (نائب ووزير خارجية)، جورج عون (رئيس بلدية الحدث)، وناجي حايك (ناشط سياسي)، وإيلي ماروني (نائب ووزير سابق)، وزياد أسود (نائب)، ورشيد جنبلاط (ناشط سياسي)، وعلي بركات (مُنشد) 


شارل مالك - باسيل
في مقدمة دعوتها القضائية نقلت الجمعيات، ما قاله السفير اللبناني الراحل لدى الأمم المتحدة السيد شارل مالك في مقدمة كلمته أمام الجمعية العامة في مناقشات تحضيرية لصياغة "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" سنة 1946: "لا شيء يحرّكنا ويثير قلقنا العميق في لبنان أكثر من مشكلة حقوق الإنسان والحريات الأساسية. إن تاريخ بلدي لقرونٍ هو تحديداً تاريخ بلدٍ صغير يكافح ضدّ كل الاحتمالات من أجل الحفاظ على الحرية الحقيقية للأفكار والضمير وتعزيزها. لقد وَجد عددٌ لا يُحصى من الأقليات المضطهدة، على مرّ العصور، ملاذاً أكثر تفهّماً في بلدي، فأساسُ وجودُنا هو الاحترام الكامل للاختلافات في الرأي والمعتقد".

وللمقارنة نقلت الجمعيات إياها ما قاله في العام الجاري وزير الخارجية اللبنانية الحالي جبران باسيل: "لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جينيٌّ... (وقائم) على رفض النزوح واللجوء معاً من جهة أخرى" إلى لبنان.

وذكرت الجمعيات المدعية - (جمعية "الجمعية اللبنانية للتعارف الفني والثقافي - أمم للتوثيق والأبحاث، وجمعية "التوعية النسائية"، وجمعية "كفالات الخير"، وجمعية "مانشيت"، وجمعية "المحور اللبناني في سبيل مواطنة جامعة - هيا بنا"، وجمعية "معمل 961"، وجمعية "النخيل للخير والإنماء") - الوقائع التي تدفعتها لتقديم الدعوى، لافتة إلى أن التغاضي الرسمي والقضائي المزمنين مع هذه الخطابات هو ما سمح بالإفلات من العقاب.

المدعى عليهم:

جبران باسيل
صرّح المدعى عليه الأول الوزير باسيل بتاريخ 7/6/2019: "لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جينيٌّ، وهو التفسيرُ الوحيدُ لتشابهنا وتمايزنا معاً، ولتحمّلنا وتأقلمنا معاً، لمرونتنا وصلابتنا معاً، ولقدرتنا على الدمج والاندماج معاً من جهة، وعلى رفض النزوح [السوري] واللجوء [الفلسطيني] معاً من جهة أخرى." وسبق أن نشر تغريدة على حسابه على موقع "تويتر" الإلكتروني بتاريخ 8/10/2017، مقتبساً من كلمة ألقاها في بلدة خربة قنافار (البقاع): "عنصريّون بلبنانيّتنا، مشرقيّون بتكويننا، عالميون بانتشارنا". وأضاف في كلمته "نعم نحن عنصريون لبنانيون، لكننا نعرف كيف نكون مشرقيين بانتمائنا وعالميين بانتشارنا وأقوياء بانفتاحنا، ولا يحقّ لأي كان في العالم أن يفاتحنا بموضوع الإنسانية".
وقد حاول المدعى عليه الأول إعادة صياغة خطابه غير مرة، وخصوصاً في كلمة ألقاها خلال العشاء الختامي للمؤتمر السادس لـ"الطاقة الاغترابية" بتاريخ 8/6/2019، لدرجة أنه حرّف أمام حشدٍ كبير مضمون "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، وقال: "للأسف هناك من لا يفهم ماذا يعني أن تكون لبنانيتنا فوق كل شيء (...) من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أيّ يدٍ عاملة أخرى أَكانت سورية، فلسطينية، فرنسية، سعودية، إيرانية، أميركية، (...) نريد أن نميّز المواطن اللبناني عن غير اللبناني، بالعمل والسكن والضريبة وأمور كثيرة. وهذه ليست عنصرية. البعض يتهمني إنني عنصري وأنا أفهم. لأن الانتماء اللبناني لدى بعض الناس ليس قوياً كفاية ليشعروا بما نشعر به. لأنهم يعتبرون أن هناك انتماء ثانياً أهم بالنسبة لهم".

إيلي ماروني
النائب السابق إيلي ماروني، قال خلال مؤتمر عقدته "حركة الأرض اللبنانية" بتاريخ 9/1/2017 في مطرانية سيدة النجاة في زحلة: "[مثلما] الداء يحتاج إلى دواء، البائع المسيحي يحتاج إلى شارٍ مسيحي"، مقترحاً "إنشاء البنك المسيحي العقاري أو الشركة العقارية المسيحية ومهمتها شراء العقارات من البائع المسيحي".

جورج عون
رغم عدم وجود أي قانون يمنح البلديات سلطة تقييد حريات المواطن المكرّسة دستورياً لجهة التبادل الاقتصادي والملكية الخاصة والإقامة، إلا أن رئيس بلدية الحدث جورج عون جاهر، في شهر حزيران  الماضي، على خلفية قيام المواطن محمد عواد بإثارة قضية رفض تأجيره شقة في الحدث لعلّة معتقده الديني، بقوله إن هذا القرار "يعود إلى شهر أيار من العام 2010... ونحن لا نخجل به كبلدية بل نفتخر ومستمرّون به... وفي كل فترة نتفاجأ بإثارته مجدداً... وإذا أُجبرتُ على عدم تطبيقه سأستقيل".
وحاول عون إعادة صياغة خطابه المثير للنعرات الطائفية هذا زاعماً بأنه قد "شُوِّه"، وبأنه ينسجم مع مقدمة الدستور في فقرتها "ي" التي نصّت على أن "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العیش المشترك". وقال في مقابلة مع تلفزيون "أورينت" بتاريخ 21/6/2019: "أنا لا أمنع المسلمين من أن يشتروا، وإنما أمنع المسيحي من أن يبيع أو يؤجر بيته أو أرضه... لأي كان... الحدثي ممنوع أن يترك بيته.... فخامة الرئيس ميشال عون ودولة الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله يدعمون قراري بألا يبيع المسيحي... هؤلاء يشدّون على يدي بالطبع وهم مع العيش المشترك ومقدمة الدستور... نحن نقول للمسيحيين ألا يبيعوا أراضيهم لأن الحدث كانت سنة 1990 بلدة مسيحية 100في المئة.. وبعد 20 سنة اشترى إخواننا الشيعة 60 في المئة منها. حين أتيتُ على رأس المجلس البلدي في العام 2010 اتخذتُ هذا القرار وقلتُ لمن تبقى من المسيحيين ممنوع أن تؤجروا أو تبيعوا أو تتركوا البلدة... أدعو جميع البلدات إلى أن تحافظ على شيعيتها وسنيتها ودرزيتها... التغيير الديموغرافي يضرّ بالمسلم والمسيحي وبالعيش المشترك وبالدستور... ولن أستقيلَ لأنني لن أتراجع عن هذا القرار ولا يمكن لأحد أن يضغط عليّ لتغييره".

زياد أسود
المدعى عليه الخامس النائب زياد أسود سارع إلى تأييد وتحريض المدعى عليه عون على التمرّد على أي قرارٍ هرمي قد يصدر عن وزيرة الداخلية ضد هذا الإجراء، وكتب بتاريخ 20/6/2019: "من يعتقد أن بإمكانه فرض أي أمر على رئيس بلدية منتخب هو واهم. لا سلطة لوزارة الداخلية عليه ولا لأي موظف في المحافظة، وكل ما عليكم فعله هو التمني والقرار يعود له فقط".

ناجي حايك
المدعى عليه الثالث ناجي حايك، ناشط في "التيار الوطني الحرّ"، نشر بتاريخ 3/8/2019، على موقع "فايسبوك" تصريحاً شائناً يحتفي ويتشفّى ويكيد ويذمّ بلبنانيين قُتلوا خلال الحرب الأهلية، وتوجّهه إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط،: "بعد ١٠ أيام سوف نتذكر نحن وأنت القرود الذين أرسلتهم إلى سوق الغرب في ١٣ آب ١٩٨٩، وقد أعادهم ميشال عون لعندك بأكياس الجنفيص".

رشيد جنبلاط
في تحريضٍ مباشر لطائفةٍ دينية بأكملها ضد مكوّن من طائفةٍ أخرى يمثّل ركناً مهماً من عناصر الأمة، نشر رشيد جنبلاط بتاريخ 20/7/2018 تصريحاً كتب فيه: "بالنسبة إليّ جبران باسيل هوي شارون، وميشال عون هو بن غوريون، يعني أعدائي، وكل صديق لعدوي هو عدوي. ولو كنتُ رجل دين مسلم، كنت أفتيتُ بقتلهما".

علي بركات
وفي استهانة بالغة بمشاعر ضحايا جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، عمد المدعى عليه السابع، "المُنشد" علي بركات كما يسمّي نفسه على صفحته الرسمية على موقع "تويتر" الإلكتروني، إلى نشر تغريدة كتب فيها: "ما رأيك بتسمية مسجد محمد الأمين المدفون فيه رفيق الحريري بمسجد مصطفى بدر الدين [أحد المتهمين قضائياً باغتياله]؟ هل تؤيد؟".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024