انتخابات محامي طرابلس: حفلة انتقام سلطوية بلا تأمين صحي..وإفلاس

جنى الدهيبي

السبت 2021/11/20
ساعات قليلة تفصل نقابة المحامين في طرابلس والشمال عن معركتها الانتخابية، غداً الأحد 21 تشرين الثاني، بعد نحو عامين من تعليقها بسبب جائحة كورونا، والاحتفال بمئويتها الأولى قبل أيام. ويتنافس المرشحون على منصب نقيب و3 أعضاء آخرين.  

شكليًا، تضم هذه النقابة نحو 1500 محامٍ، بينهم نحو 1300 سددوا اشتراكاتهم ويحق لهم الاقتراع. ويجري فيها انتخاب نقيب مسيحي، خلفًا للنقيب الحالي محمد مراد، وفق عرف المداورة المنصب بين المسلمين والمسيحيين. وهذا إضافة إلى 3 أعضاء، واحد مسيحي واثنان من المسلمين.  

حفلة انتقام
وتشير خريطة التحالفات لهذا العام إلى معطيات عدة:  

أولًا، انتقام قوى السلطة من بعضها، وتحديدًا لجهة تلاقي تياري المردة والمستقبل على دعم المرشحة لمنصب نقيب ماري تيريز القوال، وتجمعها الخصومة مع التيار العوني، الذي يدعم، مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، المحامي بطرس فضول. وهذا يمهد، برأي كثيرين، إلى توجه المردة والمستقبل لصوغ تحالف انتخابي شمالًا - في حال خاض المستقبل الانتخابات - ضد جبران باسيل، وفي إطار الانتقامات المتبادلة.  

ثانيًا، شرذمة القوى المعارضة في النقابة، وعجزها عن تشكيل تكتل في مواجهة تحالف السلطة. واقتصر الأمر على بعض الترشيحات اليتيمة، رغم المساعي السابقة لترويج أن النقابة شمالًا تشهد حالة ثورية معارضة، تنبثق من روحية 17 تشرين الأول 2019.  

ثالثًا، ضياع المحامين الذين يتخبطون بين الحسابات السياسية والتحالفات من جهة، ومعاناتهم الاقتصادية والمعيشية وتردي وضعهم المهني، من جهة أخرى.  

خريطة المرشحين  
وبحسب معلومات "المدن"، تتمتع القوال بشبكة علاقات واسعة بين المحامين. وهي المرشحة الأوفر حظًا للفوز بلقب نقيبة المحامين. وقد تلقت، إلى جانب دعمها من المردة والمستقبل، دعماً من النائب فيصل كرامي. وسبق أن وعدت بعض المحامين بسعيها لمناصرة حقوق السجناء والإنسان، ما يضعها أمام امتحان كبير في حال فوزها.  

وعليه، تنحصر المنافسة على مركز نقيب بين 5 مرشحين:  

ماري تيريز القوال، والمحامي بطرس فضول (مدعوم من باسيل)، والذي يتميز بعلاقاته أيضًا وخبرته القانونية، إلى جانب مرشح حزب القوات اللبنانية المحامي جوزيف عبدو، والمرشحين المستقلين طوني خوري وجورج جلاد.  

أمّا على مستوى العضوية، للفوز بثلاثة مقاعد، مسيحي ومسلمين، فقد ترشح 10 محامين، معظمهم مدعوم من تيار المستقبل. وتدور معركة شرسة على العضوية. وبدا لافتاً حصر تيار العزم (برئاسة نجيب ميقاتي) نفسه بمرشح واحد، من دون إعلانه دعم أي من المرشحين على مركز نقيب. 

وتشير معلومات "المدن" إلى أن ثمة تخبط داخل بعض التيارات السياسية. وفي طليعتها المستقبل، إذ ينقسم المحامون بين من يريد دعم القوال وآخرون يطالبون بدعم فضول.  

المرشحون العشرة
عن المقعد المسيحي، تنحصر المنافسة بين المحامين سمعان اسكندر ومروان ضاهر (مدعوم من المستقبل).

وعن المقعدين المسلمين يترشح كل من: منير الحسيني ومحمود هرموش (مدعومان من المستقبل)، غسان مرعي (القومي)، زاهر العلي (العزم)، هاني المرعبي (مقرب من أشرف ريفي)، سهير درباس، رنا تانيا الغز وعبد السلام الخير. 

واقع أليم 
في هذا الوقت، تشير مصادر نقابية أن المحامين ينشغلون بهموم أخرى، رغم كل محاولات ضخ صخب كبير في هذه الانتخابات. 

وتفيد المصادر أن نقابة المحامين في طرابلس تواجه خطر الإفلاس الفعلي، نتيجة احتجاز أموالها في المصارف، وكانت تقدر قيمتها قبل الأزمة بحوالى 4 مليون دولار. لكنها خسرت قيمتها، وتعجز عن تسديد تعويضات المتقاعدين.  

أما الأزمة الكبيرة التي يواجهها المحامون، فهي يتجديد عقود تأمينهم الصحي، بعدما صارت شركات التأمين تطالب تسديد الاشتراكات بالدولار النقدي.  

وكانت بطاقة التأمين في السابق من أهم الخدمات التي تقدمها النقابة للمحامين. وهم حالياً يواجهون خطر الحرمان منها، بعدما استنفدوا مدخراتهم على مدار عامين، وتراجع العمل والانتاج في مكاتب المحامين إلى حدود غير مسبوقة في تاريخ عملهم.  

وكان المحامون يدفعون سنويا نحو 900 ألف ليرة رسماً سنوياً للنقابة، ويحصلون لقاءها على بوليصة التأمين. لكن النقابة عاجزة راهناً عن توفيرها. وهذا يضاعف قلق المئات على أمنهم الصحي. وخصوصًا محدودي الدخل، أو المبتدئين الجدد في المهنة.  

وعليه، رغم أن نتائج انتخابات النقابة شمالًا شبه محسومة لصالح تحالفات السلطة، تنتهي الانتخابات غداً الأحد ليستيقظ مجلس النقابة والنقيب الجديد على سلة ضخمة من الأزمات والتحديات الحقوقية والقضائية والاقتصادية. وسيكون التعاطي معها، برأي كثيرين، المعيار الأول لتحديد مستوى الكفاءة والنزاهة والسعي إلى العدالة في بلد تحكمه الفوضى.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024