"إحقاق": اللاجئون السوريون "لا يحبون أن يبقوا غير قانونيين"

عاصم بدر الدين

الإثنين 2014/11/10

تبدأ مشكلة الوافدين السوريين إلى لبنان بتسميتهم. ذلك أن العادة درّجت تسميتهم بالنازحين بدلا من لاجئين، من دون أن يخلو الأمر من احالات سياسية وتاريخية. هكذا، بدا أن تجاهل صفتهم القانونية، باعتبارهم لاجئين، مقدمة لمعاناة قانونية أخرى، تتعلق بحضورهم في هذا البلد وكيفية تعامل القوانين ومنفذيها معهم. و"كان الاهتمام باللاجئين يذهب غالباً في اتجاه قضايا اغاثية ومساعدات"، وفق ابراهيم القاسم، الممثل القانوني لـ"إحقاق"، وهو مشروع دعم قانوني للاجئين السوريين وفلسطينيي سوريا، أطلق مؤخراً. وهذا "الجهل بالقانون"، من طرفي العلاقة يرجعه القاسم إلى "غياب ثقافة المواطنية، عدا أن في لبنان غموضاً قانونياً في ما يتعلق باللاجئين".

ويمكن اعتبار "إحقاق" وساطة مستجدة بين طرفين التواصل بينهما، نسبياً، شبه مقطوع. "المشكلة أن الدولة اللبنانية لا تعرف كيف تتواصل مع اللاجئين، وهي تملك حلولاً جاهزة للمشكلات المطروحة، من دون أن تعرف ماذا يريد اللاجئ"، وفقه. وتبديد الخوف بينهما، على ما يطرح القاسم، يبدأ في تجاوز "الصورة النمطية عن السوريين بأنهم يحبون أن يبقوا غير قانونيين. عندما فتحت مراكز الأمن العام لتسوية أوضاع اللاجئين كانت النتيجة عكسية تماماً. لكن المشكلة برزت عند السلطات نفسها التي لم تتخذ إجراءات لاستيعاب الناس". لكن عمل "إحقاق" لن يكون بعيداً من عمل المجتمع المدني اللبناني. إذ أن العلاقة بالسلطات الرسمية، على ما يُفهم، تحتاج إلى تراكم خبرات ستعوضه "شبكة المدافعين"، وهي مؤلفة من منظمات لبنانية وسورية وفلسطينية. هكذا، "يمكن أن يتحقق التواصل مع السلطات من خلال منظمات لبنانية. وهم يعرفون الجميع من خلال تجربتهم".

منذ أقل من شهر أطلقت "احقاق" موقعها الالكتروني. وهو يأتي في سياق مأسسة العمل. "كنا من قبل نعتمد على العلاقات الشخصية والمعارف. لكن توسيع مجال وصول الخدمات يلزمه مأسسة"، وفق القاسم. عليه، ستبدأ "إحقاق" العمل على التوعية على الأرض، وستحاول أن تكون حاضرة في أغلب التجمعات السورية. "وهذا ما سيمنح الثقة أكثر للاجئين". على أن المشروع يهتم أيضاً بتوثيق الانتهاكات والمعلومات التي تتعلق بالسوريين في لبنان. وعدا ما يقدمه الموقع من أرشفة لكل ما يتعلق باللاجئين وينشر في وسائل الاعلام، فإنهم سيجرّبون "التواصل المباشر مع الأشخاص المعنيين، والأمن، لنعرف ماذا حصل، ولنعتمد على أكثر من مصدر". لكن هذا العمل قد يعيقه، في آخر الأمر، نقص في الكوادر.

والتوثيق، في هذا السياق، مفيد لجهة تبيانه، في الأساس، "الأخطاء المتكررة التي يقع فيها اللاجئون بسبب جهلهم بالقوانين اللبنانية، وهذا ما يمكن أن يوجه عملية التوعية"، وفقه. لكنه أيضاً يمكن أن يشكل رقابة على أداء السلطات الرسمية. "لكن التقارير لن تشير فحسب إلى السلبيات، ذلك أننا نعرف أن هناك عناصر داخل هذه السلطات متجاوبة وتحاول تسهيل الاجراءات، ويمكن أن تكون قدوة لزملاء لها".

والحال أن السوريين في إقامتهم في لبنان يعانون من مشاكل تتعلق بعيشهم اليومي، أقله من ناحية قانونية. "مثل غياب سجلات خاصة بالسوريين لتسجيل زواجاتهم وولادتهم ووفياتهم، وهذا ما قد يكون له نتائج سلبية مستقبلا". لكن أيضاً تبدو حركتهم، في أماكن سكنهم، دائما صعبة بسبب "قرارات" منع التجول الذي تتخذها البلديات. "ولا تبدو الحكومة اللبنانية معنية في أن تعلن موقفاً يوضح رأيها من هذه المسألة، وهذا ما يقلل ثقة اللاجئين بها".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024