نزيه أبو مراد شيخ يحبب الأطفال اللغة العربية

لوسي بارسخيان

الثلاثاء 2017/10/10

عندما أقدم مدرس اللغة العربية في دار الحنان للأيتام الشيخ نزيه أبو مراد على التنافس لنيل "جائزة فاركي السنوية" المقدمة لأفضل أستاذ في العالم، لم يخطط مسبقاً لما يمكن أن يفعله بمبلغ مليون دولار الذي سيناله الفائز، بقدر اصراره على إبراز اسم المؤسسة التي بدأ وأكمل فيها مسيرته المهنية كما يقول، وتكريم اللغة العربية التي أغرم بها قبل امتهانها.

قبل ساعات من اقفال باب الترشيحات، قدم أبو مراد ترشيحه بتشجيع من زوجته. ومع أنه علم بكونه مؤهلاً لنيل الجائزة، لم يتنبه إلى الرسالة الالكترونية التي أرسلت إليه من وزارة التربية للمشاركة في تكريمه وزملائه المؤهلين، ففوجئ بهاتفه يرن ليلاً لتهنئته من صديق بعدما ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي.

أستاذ اللغة متخصص في الأساس في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية في السعودية، وحائز على دبلومايين بها من جامعة بيروت الإسلامية وجامعة المقاصد في بيروت. عليه، لا ينظر أبو مراد إلى الجائزة سوى كتحد جديد، يضاف إلى سلسلة تحديات في مسيرته المهنية في دار الحنان منذ العام 2000، خصوصاً بسبب احتكاكه مع أطفال أيتام أو لديهم حالات اجتماعية وعائلية صعبة، لتدريسهم مادة تعتبر "جامدة" بالنسبة إلى الأطفال، ويتراجع الاقبال عليها أمام انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ولغاتها. هكذا، ولدت لديه قناعة بأنه أستاذ للغة جديدة، وكان عليه إدخال وسائل الترفيه كجزء من تدريسها وإبعادها من الملل.

ابتدع أبو مراد في الصف فكرة التجسيد المسرحي، وأشرك تلاميذه في كتابة نصوصها بالفصحى وفي الأحداث والشخصيات والديكور والرسومات. ما جعل الأطفال يتشوقون لحصته وينتظرونها.

أول مسرحية شارك فيها مع تلاميذ الحلقة الثالثة بمسابقة تنظمها وزارة الثقافة كانت مسرحية "المجنون"، في العام 2006، لتتوالى بعدها الأعمال سنوياً وتفوز دار الحنان بمسرحية "الشجرة" في العام 2008. ومن أمام الدروع التي نالها تلاميذها تباعاً، يشرح لـ"المدن" كيف أعطت مسرحة اللغة ثمارها عبر السنوات، لتتطور أفكار التدريس إلى أساليب التنافس بين التلاميذ في فن الخطابة أو القاء الشعر أو ترتيب البيوت الشعرية. بالإضافة إلى المشاركة مع مدارس أخرى في تشجيع التعبير الكتابي عبر نشر أجمل القصص التي يكتبها التلاميذ في كتاب خاص بدأ اصداره منذ سنوات.

هذه المبادرات التدريسية، جعلت قسم اللغة العربية في دار الحنان فاعلاً وناشطاً، وشكلت الحافز الذي حمس "الشيخ" على التقدم إلى المسابقة، من دون معرفة مسبقة لإدارة المدرسة. بل تلقفت الأخيرة نتائج فوزه، وباتت أول مشجعيه، مظهّرة بعضاً من الصفات الإنسانية والفكرية لأستاذها، المتميز أيضاً بملكة جذب الجمهور الأوسع عبر خطاباته الدينية "ذات البعد الإنساني" في صلاة الجمعة. ما يجعله أيضاً شخصاً مؤثراً في المجتمع، ومشجعاً لمفهوم المواطنة التي يفخر بأنها رسالة الدار، بالإضافة إلى مبادراته الاجتماعية مع الشباب وحثهم على تحقيق طموحاتهم عبر جمعيات تؤمن لبعض أفكارهم التمويل اللازم. وهي عناصر سهلت على الأستاذ نزيه استكمال عناصر المسابقة في مرحلتها التالية، والتي تبحث في الصفات الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية للأساتذة المؤهلين.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024