مهنة التمريض مازالت نسائية.. وكثيرون يتعالون عليها

رنيم البزري

الخميس 2016/05/12
"كأن الممرضة لا يحق لها أن تنفعل، تتأثر أو تتغيب بسبب حالة صحية"، تقول تانيا مرعب التي تمارس منذ 10 سنوات، مهنة التمريض، التي يحتفل الخميس (12 أيار) بيومها العالمي. وهذا القلق، من الاشتغال في هذه المهنة، يعززه التفكير النمطي في المجتمع حيال مهنة التمريض نفسها.


صعوبات المهنة
يواجه الممرضون صعوبات عديدة داخل المستشفى وخارجه، خصوصاً في محيطهم الاجتماعي. فسامر، الذي يزاول هذه المهنة منذ 5 سنوات، يقول إن "فئة كبيرة من المجتمع تنظر إلى مهنتنا نظرة دونية، وذلك بسبب جهلهم حقيقة عملنا وأهميته". والمقارنة، التي يطرحها سامر، بين أوضاعهم في لبنان ودول أوروبية، كافية لتأكيد ما يقوله. لكن البداية، من القانون الذي ينظم المهنة، في فرضه شروطاً على العاملين فيها وحدّه صلاحياتهم، "كما أننا لا نجد التقدير الكافي من المؤسسات التي نعمل فيها. لكنها مع ذلك تحملنا مسؤولية عدد كبير من المرضى رغم قلة عددنا".

لكن التمريض يعتمد في كثير من جوانبه على القدرة على التعامل مع الأفراد، فالتعرّض لمواقف حرجة ومهينة متوقع دائماً. "ومن الطبيعي أن يلقي المرضى اللوم على الممرضين، فهم أول شخص يحتكون به في المستشفى، حيث لا يرى المريض غير هذا العنصر ليعبر عن غضبه. لكن علينا أن نكون موضوعيين وأن لا نأخذ الأمور بشخصانية. فهناك أسباب كثيرة تدفع المريض إلى التصرف بطريقة غير لائقة"، تقول رولا الحاج، وهي ممرضة في مستشفى "المعونات". ولأن كان ينظر إلى الممرض نظرة دونية، وإلى مهارته كأنها غير موجودة، فإنهم يبدون، وفق الحاج، كـ"قاصريين عن تقديم الخدمة اللازمة، فكثيراً ما أسمع عبارة مثل أكبر منك بيوم أفهم منك بسنة. أو هيدي ولد. لكنني أتفهم وجهات نظرهم".

تعامل الأطباء
في المقابل، تؤكد نهاد يزبك ضومط، وهي نقيبة الممرضين والممرضات في لبنان، أن أهمية هذه المهنة تكمن في تحقق التكامل بين الممرضين والأطباء، إذ يترتّب على غياب التنسيق نتائج مضرة بالمرضى. وهي تلاحظ أن "الأطباء بدأوا يتفهمون هذه الأهمية، ويتعاونون معنا، لكننا نتمنى أن يترافق هذا الانفتاح مع تعاون إدارات المستشفيات، خصوصاً أن بعضها لا يثق بعمل الممرضين إلى حد ما".

على أن مرعب لا تنظر إلى الأطباء كفئة واحدة. فهي تحصل على تقدير عملها، غالباً، من الأطباء الجدد، إذ إنهم يبحثون دائماً عن أشخاص يقدمون لهم العون، فـ"يكون التنسيق بيننا جيداً جداً".

وبغض النظر عن مشكلات العاملين في القطاع، خصوصاً لناحية التقدير المعنوي، فإن هذا الاختصاص في لبنان، على ما يكرره أصحاب المستشفيات أنفسهم، "يحتاج إلى يد عاملة كثيرة، وبالتالي من السهل الحصول على عمل فيه، مع امكانية التحكم بأوقات العمل والحصول على تغطية صحية"، وفق ماري تيريز صباغ، رئيسة قسم العلوم التمريضية في الفرع الثاني في كلية الصحة العامة في "الجامعة اللبنانية".

وتؤكد صباغ أن "المهنة وتخصصها الأكاديمي في تطوّر مستمر، حيث أنها تحولت من عمل مهني إلى علم بمنهجية يُدرس في الجامعات، ويرتكز إلى أبحاث يقوم بها الطلاب. كما أنه قسّم مجاليّاً، فصار عندنا التمريض الخاص بالأطفال الذي يختلف عن التمريض الخاص بكبار السن".

وكان اختصاص التمريض في لبنان قد بدأ في "الجامعة الأميركية" في بيروت، ثم في "جامعة القديس يوسف"، ثم تبعهما معهد الصليب الأحمر، إلا أنه اعتمد مناهج تعليم أجنبية. ثم أنشئت مدارس وطنية ببرامج وطنية كـ"مؤسسة محمد خالد". لكن صباغ ترى مشكلة في تعدد مستويات التدريس، الذي يعكس "غياب التنسيق بين وزارة الصحة والتعليم العالي والنقابة".

لقاء في كل قضاء
في شهر نيسان/ أبريل الماضي، أطلقت "نقابة الممرضين والممرضات" حملة وطنية بعنوان "لقاء في كل قضاء مع الممرضات والممرضين: شارك، افحص، تعرّف"، هدفت إلى "جمع الممرضين والممرضات لتقديم خدمات صحية لمن يرغب. بالتالي، نكون قد حققنا التعاون بين المهنيين لتقديم الخدمات للناس، ونكون قد أمّنا تواصلاً إيجابياً بينهم"، تقول ضومط.

وتؤكد ضومط أهمية الانتساب إلى النقابة، إذ إن الانتساب بات إلزامياً وقد يلاحق قانونياً مَن يزاول المهنة من دون علم النقابة. وهي تنوه بزيادة عدد المنضمّين إلى هذه المهنة، ولا سيما من الذكور، إذ بلغت نسبتهم 20 في المئة. بينما ترجع صباغ ارتفاع معدل الذكور إلى سهولة حصولهم على عمل في هذه المهنة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024