"الكاياك" في الخردلي تتحدى الإهمال وإسرائيل

علي علوش - خضر حسان

الجمعة 2019/07/05

تستقطب المدن عادة التجمعات السكانية والنشاطات الاقتصادية والسياسية والترفيهية، وتتفوق بإمكانياتها على مناطق الأطراف، فترتفع مؤشرات التنمية في المدن وتنخفض في القرى والبلدات النائية. وهذا ما يدفع الدول المتقدمة لإيلاء الاهتمام بمناطق الأطراف، تنفيذاً لسياسات التنمية المتوازنة، وتثبيتاً لأهالي تلك المناطق في قراهم وأراضيهم، منعاً للنزوح أو الهجرة. ففي الحالتين استنزاف للموارد البشرية. ولعلّ النزوح نحو المدن فيه من الضغوطات ما لا تستطيع الدول النامية احتمالها. وهذا حال لبنان، الذي تكتظّ مدنه بالسكان على حساب الأرياف، من دون أن يطبق سياسيوه خطط الإنماء المتوازن، تاركين للمبادرات الفردية زمام الأمور في محاولة جذب السكان إلى الأرياف، وإن موسمياً، عن طريق تأسيس نوادٍ وأنشطة ترفيهية، تدفع السكان إلى قصد الأرياف، وحُكماً إلى تنشيط الحركة الاقتصادية فيها.

من فرنسا إلى لبنان
دفعَ الاحتلال الإسرائيلي للجنوب في العام 1978، وقبلها الإعتداءات المتكررة منذ العام 1948، أهالي القرى اللبنانية المحاذية لفلسطين المحتلة، إلى النزوح من قراهم باتجاه الداخل اللبناني، أو الهجرة إلى الخارج بحثاً عن مستقبل أفضل. وهو ما واجهه علي عواضة، إبن بلدة الخيام الجنوبية، حين هاجر إلى فرنسا في العام 1982، ليعود إلى لبنان مطلع التسعينيات، وقد اكتسب مهارة رياضة "الكاياك"، بعد أن أصبح عضواً في نادي مدينة تولوز الفرنسية للكانوي-كاياك.

منذ العام 1993 بدأ عواضة بتنظيم رياضة الكاياك في لبنان، مؤسساً نادياً مرخصاً في العام 1997. وانطلق عواضة في هذه الرياضة من نهر الكلب، قبل أن يتوجه إلى نهر الأولي في الجنوب، بعد ملاحظته لإنخفاض منسوب مياه نهر الكلب صيفاً، ما يؤثر سلباً على متابعة رياضة الكاياك، كما يقول في حديث لـ"المدن". في الأولي تعرضت محاولات تأسيس مركز للقصف الإسرائيلي خلال عدوان نيسان 1996. فكان التحدي، بنظر عواضة، هو الاستمرار عن طريق التوجه نحو الهرمل بعد اكتشافه أن نهر العاصي مشهور بغزارة مياهه على مدار العام، فكان التحدي بتوجيه تلك الرياضة نحو العاصي، وجذب الناس إليها من كل المناطق، وتحويل تلك المنطقة النائية إلى مركز سياحي يحاكي مراكز التزلّج.


تنمية الجنوب
ارتبط إسم الجنوب وفق ما يراه عواضة، بالحرب والآلام، لذلك كان من الضروري تغيير تلك الصورة، وجعل الجنوب مكاناً للفرح والترفيه والرقص والغناء والرياضة والسياحة. ولم يملك عواضة سوى رياضة الكاياك للمساهمة عبرها برسم صورة جديدة للجنوب من جهة، ومن جهة أخرى للمساهمة بتنمية تلك المنطقة وإيجاد مصادر دخل إضافية لأبنائها.

وعليه، جاء اختيار نهر الخردلي -الليطاني الحدودي، ليكون مساهَمةً بسيطة في تسليط الضوء على الجنوب وعلى السياحة البيئية، التي يمكنها أن تشارك في تنميته، خصوصاً وأن رياضة الكاياك يمكنها جذب كل أفراد العائلة، بدءاً من عمر 12 سنة. ووجود مركز للسياحة البيئية في الخردلي يعني تنشيط المنطقة اقتصادياً أيضاً. إذ يحرص عواضة على أن يشتري روّاد رياضته، حاجياتهم من المحال الموجودة في الجنوب، على طول مسار قدومهم إلى الخردلي.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024